الضفدع صديق الأطفال وبطل الحكايات وحارس التوازن البيئي

منذ 8 أشهر 103

ملخص

يقدّر عدد أنواع الضفادع بما يزيد على 4 آلاف نوع، أصبحت أخيراً تواجه تناقصاً كبيراً في أعدادها مما يهدد بانقراض كثير من أنواعها ويضعها في دائرة الخطر.

بلونها الأخضر وحجمها الصغير توجد الضفادع في بيئات مختلفة ويمثل نقيقها واحداً من الأصوات المألوفة للإنسان بخاصة في كثير من المناطق الريفية والساحلية التي تعتبر الضفادع مكوناً رئيساً من سمات بيئتها المحلية.
ودائماً ما كان الضفدع كائناً محبباً للأطفال الذين يراقبونه في تنقله بين الماء واليابسة أو الذين أحبوه كبطل لكثير من الحكايات على مستوى الأدب المحلى والعالمي وعلى رأسها الحكاية الشهيرة "الأمير الضفدع" التي تناقلتها الأجيال باعتبارها واحدة من كلاسيكيات أدب الأطفال العالمي وقُدمت بتنويعات مختلفة في مناطق متنوعة من العالم.
توجد الضفادع في كافة أنحاء العالم تقريباً وتُعتبر من أكثر الفقاريات انتشاراً، وتُقدّر أنواعها بما يزيد على 4 آلاف نوع ورغم تنوعها وكثرة عددها فإنها في الفترة الأخيرة أصبحت تواجه تناقصاً كبيراً في أعدادها في بعض المناطق مما يهدد بانقراض كثير من أنواعها ويضعها في دائرة الخطر، فاختفاء الضفدع، هذا الكائن الصغير الذي قد لا يدرك البعض أهميته، من بيئة معينة ينتج عنه اختلال لكامل التوازن البيئي فيها.
وجِدت الضفادع منذ قديم الأزل إذ ظهرت في آثار مصر القديمة وكانت تُعرف بالمعبودة "حقات" (Hkt) التي ارتبطت بالخصوبة، حيث اعتُبرت رمزاً لها، لأنها تتكاثر بشكل كبير جداً، ومن هنا كانت النساء الراغبات في الإنجاب يرتدين تمائم على شكل الضفدع أملاً في تحقيق ذلك. وظهر الضفدع في كثير من الجداريات المصرية القديمة ومن بينها واحدة للمعبود "تحوت" ممسكاً بالضفدع في مقبرة "نفرتاري" جنوب مصر.

2.jpg


التوعية بأهمية الضفادع

وفي سياق الاهتمام بالضفادع والتعريف بأهميتها في الحفاظ على التوازن البيئي، تنظَم حول العالم احتفالات وأيام عالمية للتوعية ونشر المفاهيم الصحيحة والتعريف بالضفدع من بينها المقام في 20 من مارس (آذار) إلى جانب أيام عدة أخرى تقام في مناطق مختلفة من العالم، وفي توقيتات مختلفة للغرض ذاته.
ويقول أستاذ المحميات الطبيعية عمر تمام لـ"اندبندنت عربية"، إن "الضفدع من الفقاريات المفيدة الآكلة للحشرات وهذا يجعله صديقاً للبيئة والإنسان وعدم وجوده في البيئة يؤدي إلى اختلال كامل في التوازن البيئي، فوجود الضفادع في دول شمال أفريقيا على سبيل المثال يحمي من كثير من الأمراض الاستوائية التي تحملها الحشرات القادمة من جنوب أفريقيا ولا يستطيع الجهاز المناعي لسكان هذه المناطق التعامل معها، هناك أماكن كثيرة يتم فيها صيد الضفادع لأغراض مختلفة من بينها تصديرها للخارج لأغراض البحث العلمي أو للدول التي تؤكل فيها مما يسبب اختلالاً كبيراً في البيئة". ويضيف تمام أن "دولاً عدة أدركت هذه الأخطار ومنعت صيد الضفادع تماماً بعدما رأت نتائج الاختلال البيئي الناتج عنها. هناك تجربة في بنغلاديش على سبيل المثال حيث كانت من الدول المصدرة للضفادع بكميات كبيرة، فحدث انتشار كبير لأمراض الكبد والكلي، وبالبحث عن الأسباب وجدوا أنها تعود لانتشار زراعة الأرز في المنطقة وهو يُغمَر بالماء وتعيش الضفادع في هذا الماء وتأكل الحشرات الضارة بزراعة الأرز، وعندما اختفت تم الاعتماد على المبيدات التي أدت إلى ظهور هذه الأمراض".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


بطل الحكايات

كثير من القصص وأفلام السينما والبرامج التلفزيونية في كل أنحاء العالم اعتمدت على الضفدع كشخصية رئيسة يحبها الكبار والصغار ومن أشهرها الضفدع كيرميت (Kermet the frog) في حلقات برنامج الدمى (The muppet show) الشهيرة، إذ كان ظهوره الأول في عام 1955 وحقق نجاحاً ساحقاً في العالم كله. كما مُنحت شخصية الضفدع "كيرمت" درجة الدكتوراه الفخرية غير المألوفة لشخصيات الدمى من جامعة "هامبتون" في نيويورك في عام 1996.
وظهر الضفدع في كثير من الأفلام السينمائية العالمية ومن بينها أفلام ديزني الشهيرة، وأحد أشهرها فيلم "الأميرة والضفدع" من إنتاج عام 2009 ليقدم شخصية الضفدع بصورة جديدة، حيث تقرر الأميرة مع توالى الأحداث أن تتحول إلى ضفدعة باختيارها وإرادتها لتبقى مع الأمير.
وفي العالم العربي اعتمد كثير من كتّاب الأطفال الضفدع بطلاً لأعمالهم وظهرت قصص شهيرة عدة.
 

5.jpg


ومن بين مَن قدموا الضفدع في حكاياتهم، كاتب الأطفال، السيد إبراهيم في قصته "الضفدع لا يطير"، حيث حاول تقديم قيم تتعلق بتقبل الاختلاف ومحاربة التنمر باستخدام شخصية الضفدع وعلاقته بالحيوانات المحيطة به. وقال إن "قصص الحيوان لها تاريخ طويل بداية من كليلة ودمنة لعبدالله بن المقفع، وحكايات إيسوب الحكيم اليوناني وكلها نماذج تاريخية لقصص كانت الحيوانات أبطالها. واستخدام الحيوانات ومن بينها الضفدع يتيح إلقاء الضوء على قضايا مرتبطة بالبيئة والتنوع البيولوجي وتوصيل هذه المفاهيم للأطفال بشكل مبسط والتعريف بدورهم في حياتنا وفي الوقت ذاته توعية الأطفال بقيم التعامل مع الحيوانات من حيث عدم إيذائها ومعاملتها برحمة ورفق". ويضيف إبراهيم أن "الضفدع كان بطلاً لكثير من القصص سواء في الأدب العالمي أو المحلي وهو شخصية محببة للكبار والصغار على السواء، ومن هنا استعنت به في قصصي فأجعله يقدم قيمة معينة للأطفال بشكل مبسط، فالضفدع بشكل عام شخصية فكاهية ولهذا قُدم في أعمال كثيرة موجهة للأطفال في السينما وبرامج الأطفال من بينها الأفلام التي تناولت تيمة قصة الأمير الضفدع بصيغ مختلفة ولا يزال يستوحي منها الفنانون. بشكل عام استخدام الحيوانات كأبطال للقصص يجعل المحتوى المقدم يصل لهم بسهولة ويثير خيالهم".

4.jpg


الضفدع في الثقافات والأمثال الشعبية

اختلفت دلالات الضفدع في الثقافات والبلدان المختلفة فبينما نجد مناطق وشعوباً تأكله مثل فرنسا، حيث يُعد طبق شوربة الضفادع طبقاً شهيراً ضمن الأطباق التي تميزها على مستوى العالم، نجد أن بعض شعوب أميركا الوسطى يعتبرون الضفدع فأل خير وكان لديهم أسطورة تفيد بأن من يتمكن من القبض على الضفدع الذهبي (أحد أنواع الضفادع المعرضة للانقراض حالياً) سيصيبه الحظ السعيد.
وفي العالم العربي هناك اهتمام كبير بالأمثال الشعبية المتوارثة جيلاً بعد جيل، التي تحتل فيها الحيوانات مكانة كبيرة ومن بينها الضفادع، ففي العراق على سبيل المثال يطلق على الضفدع لفظ "عكروك". ومن بين الأمثال الشعبية الشهيرة عند العراقيين "قلنا للدنيا امطري مطرت عكاريك"، ويقال في من يطلب شيئاً يأمل منه خيراً فيحصل على عكس ما كان يتمنى.
وفي مصر يظهر الضفدع في واحد من الأمثال الشعبية الشهيرة حيث يقال "العرس والمعمعة والعروسة ضفدعة"، ويذكر حين يقيم شخصاً أي شيء مبالغ فيه على أمر لا يستحق وليس ذا أهمية فيتم تشبيهه بمن يقيم عرساً ضخماً في حين أن العروس ضفدعة.