وسط إيقاع حياتنا المتسارع واعتمادنا المتزايد على التكنولوجيا للترفيه والتعلم، قد ننسى بسهولة حقيقة أننا نتشارك العيش على كوكبنا مع مجموعة واسعة من الكائنات الحية البرية الرائعة حولنا. فأنماط الحياة الحضرية على وجه التحديد، أبعدتنا عن العالم البري الذي يحيط بنا، مما جعلنا نشعر بصدمة ودهشة عندما تتصرف حيوانات بطرق لا نفهمها تماماً.
الفيديو الأخير لدب الشمس (أو دب العسل، وهو نوع من الدببة التي تعيش في الغابات المطيرة في جنوب شرقي آسيا) - وهو يقف على قائمتيه الخلفيتين في إحدى حدائق الحيوانات في الصين وانتشر كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي - شكل مثالاً رائعاً على ذلك. إلا أن الفيديو تسبب في آراء تحدثت عن نظريات مؤامرة من جانب بعض الذين شاهدوه، الذين لم يكونوا على دراية بنوعية هذه الدببة. وأشار بعضهم إلى أن الدب الظاهر في الفيديو ليس حقيقياً بل هو شخص يرتدي زي دب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وباستثناء محبي الحياة البرية الأكثر حماسة، فإن هذه الأنواع الجميلة من مخلوقات الحياة البرية، لم تتمكن من أن تجذب الاهتمام الذي حظيت به الدببة الأخرى الأكثر شهرة. وبالنسبة إلى جميع العاملين في مجال الحياة البرية، لطالما كانت الدببة الشمسية تعرف عموماً بالدببة "المنسية"، وغالباً ما تفقد الانتباه أمام أقربائها الأكبر حجماً والأكثر شهرة مثل الدب القطبي والباندا.
لكن ذلك لا ينطبق على هذا الأسبوع الذي شكل لحظة فريدة بالنسبة إلى دب الشمس الصغير لخطف تلك الأضواء، وكان من الرائع مشاهدة الناس وهي مأخوذة بهذه الأنواع الحيوانية المدهشة حقا. فدببة الشمس هي أصغر مجموعات عائلة الدببة، ويمكن العثور عليها في جميع أنحاء جنوب شرقي آسيا. وهي من الأنواع المهددة بالانقراض، بحيث تم إدراج نوعين فرعيين منها - دب الشمس في مالايا ودب الشمس في بورنيا - ضمن القائمة الحمراء لـ"الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة" على أنهما "عرضة للخطر". وفيما تبقى أعداد تلك الدببة في الحياة البرية غير معروفة، إلا أن نعلم أنها مهددة من تدمير الموائل، وتجارة الحيوانات الأليفة، وتجارة العصارة الصفراوية عبر القارة الآسيوية.
وفي وقت قمنا فيه بتوسيع أدغالنا الحضرية، فقد فصلنا في الواقع الأدغال الفعلية والبيئات الطبيعية عنا وجعلناها بعيدة من عالمنا، على رغم أن هذه ليست هي الحال في أنحاء كثيرة من العالم. ففي سنغافورة والبرازيل والهند وعدد من البلدان الأفريقية وبريطانيا، تعيش الحيوانات والبشر جنباً إلى جنب. ومع ذلك، نظراً إلى وجودنا اليومي الذي يتمحور حول الشاشات والبيئات المصطنعة، فقد قللنا من تفاعلنا مع العالم البري إلى مجرد لمحات عابرة على الأفلام الوثائقية عن الطبيعة.
من منطلق تجربتي، حتى في الجمعيات الخيرية لحماية الحياة البرية التي أنشأتها عائلتي - "متنزه باراديس للحياة البرية" في هارتفوردشير، و"محمية القطط الكبيرة" في كينت - فإنه كان من المثير للدهشة الالتقاء بأشخاص لا يؤمنون بوجود أنواع معينة، على رغم مكانتهم في الثقافة الشعبية المتعلقة بالحياة البرية. ويوجد أيضاً خلط محير بين الأنواع التي تعد مبدعة للغاية بحيث لا يمكنك تصديق أنها قد تكون موضع التباس مع حيوانات أخرى. على سبيل المثال، إذا كنت تقف بجوار موطن الأسود في "متنزه باراديس للحياة البرية"، ستندهش من عدد الأفراد الذين تسمعهم يخلطون بينها وبين النمور.
هل رد الفعل هذا نابع من الجهل؟ ربما، لكن في رأيي يبدو ذلك في معظم الحالات جهلاً غير مقصود. فقد يفهم السبب في عدم تكلف معظم الناس عناء تعلم بعض الأساسيات التي تتخطى الأنواع الأكثر شهرة على الإطلاق، مثل الأسماء والمظهر الجسدي للأنواع المختلفة التي نعيش معها على هذا الكوكب. وبالنسبة إلى معظم الناس، فإن معرفة اسم حيوان من غير المحتمل أن يصادفوه شخصياً ليست بالأمر الضروري.
مع ذلك، ليس كل شيء سلبياً، فالانتشار الواسع للتقنيات كالكاميرات، وبث الفيديوهات والصور، يتيحان الفرصة لتسليط الضوء على العالم الطبيعي، والأنواع التي تعيش فيه، والسلوكيات التي تكشف عنها بطريقة لم تكن ممكنة في الماضي. في الوقت الحاضر، الجميع يلتقطون مقاطع فيديو أو صوراً، الأمر الذي يتيح مزيداً من الفرص لمعرفة مزيد ومزيد عما كانت ألغازاً من قبل، أو اكتشافات لم تسبق رؤيتها.
وفي حالة دب الشمس، أنا متفائل بأن شهرته المكتشفة حديثاً عبر الإنترنت، ستشكل حافزاً لتدخل طال انتظاره، من شأنه أن يمنعه من الانزلاق إلى فئة الأنواع المهددة بالانقراض. ومن خلال توجيه اهتمام الناس نحو سلوكيات هذه الدببة، نأمل في أن يلهم الأفراد وتشجيعهم على معرفة مزيد عنها، بحيث يكون لديهم الدافع للمساهمة في الحفاظ عليها وضمان بقائها على هذا الكوكب، كي تواصل العيش جنباً إلى جنب معنا في موائلها الطبيعية داخل الأدغال، لأجيال مقبلة.
آرون ويتنال هو مغامر في مجال الحياة البرية ومقدم برامج تلفزيونية وناشط في مجال الحفاظ على البيئة. اشتهر بعمله على مجموعة متنوعة من الأنواع الحيوانية، وبجهوده في تعليم جيل الشباب. إلى ذلك، استضاف مسلسلين تلفزيونيين للأطفال عن الحياة البرية هما: One Zoo Three وOZT Goes Wild in Britain ، ويعمل آرون في جمعيتين خيريتين تعودان لعائلته وتعنيان بالحياة البرية هما: Paradise Wildlife Park / Hertfordshire Zoo وThe Big Cat Sanctuary