بعد أشهر من تحذيرات من المجاعة في غزة، بدأت أعدادا الوفيات بين الأطفال خصوصًا الرضع منهم تزداد بسبب الجوع وسوء التغذية.
نحو 16 طفلًا من الخدج توفوا في مستشفى في جنوب غزة خلال أكثر من شهر بقليل.
يقول الدكتور أحمد الشاعر، نائب رئيس وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في المستشفى الإماراتي، "إن معظمهم خرجوا من المستشفى في البداية قبل أن يعودوا بعد أيام يعانون من نقص الوزن."
يفتك الجوع خصوصًا بسكان شمال غزة، الذي يعاني منذ فترة طويلة من انقطاع الإمدادات الغذائية، وقام الجيش الإسرائيلي بعزله وقصف أحياءه بشكل دمرها بالكامل، ولم تستطع قوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة من الوصول إليه إلا في حالات نادرة بسبب الخوف من الاستهداف الإسرائيلي لطواقمها.
وبحسب وزارة الصحة، توفي ما لا يقل عن 20 شخصاً بسبب سوء التغذية والجفاف في مستشفيات كمال عدوان والشفاء في الشمال، معظمهم من الأطفال، لا تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، إضافة إلى رجل يبلغ 72 عامًا. بينما توفي أحد الأطفال ويبلغ من العمر 10 سنوات بسبب سوء التغذية في مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
وقالت أنورادها نارايان، خبيرة تغذية الأطفال في اليونيسف، إنه من الشائع أن يتناول الأطفال في الشمال نوعاً واحداً فقط من الطعام يومياً، وأن فرص حصولهم على الخضار والبروتينات محدودة للغاية.
لكن في الجنوب أيضًا يموت الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية، رغم أن توزيع المساعدات أكثر انتظامًا لكن الصعوبة موجودة أيضًا.
وتوفي الطفل يزن الكفارنة (10 سنوات) يوم الاثنين بعد أسبوع تقريبا من محالة علاجه في مدينة رفح جنوبي القطاع.
وأظهرت صور الصبي هزيلاً للغاية، بأطرافه التي تشبه الأغصان وعيونه الغائرة في وجهه الذي تبدو فيه عظام جمجمته واضحة.
وُلد الكفارنة مصابًا بالشلل الدماغي، وهي حالة مرضية تؤثر على الحركة، مما قد يجعل البلع وتناول الطعام صعبًا.
وتوفي بسبب هزال عضلي شديد، ناجم في المقام الأول عن نقص الغذاء، بحسب ما أفاد الدكتور جبر الشاعر، رئيس قسم طوارئ الأطفال في مستشفى أبو يوسف نجار.
وقال والداه إنهما واجها صعوبات في العثور على الأطعمة المناسبة للكفارنة، بما في ذلك الفواكه الطرية والبيض، منذ فرارهما من منزلهما في بيت لاهيا شمال غزة.
وتضاءلت الإمدادات الغذائية الطازجة في رفح بينما تضخم عدد سكانها مع فرار السكان النازحين من الشمال.
قلة المواد الغذائية أدى إلى ارتفاع اسعارها. فقد يصل سعر بيضة واحدة هذا إن عثر عليها، دولار واحد وفقًا لصحفي وكالة أسوشيتد برس في المدينة.
يقول الأطباء في اثنين من أكبر مستشفيات غزة إنهم يستقبلون عدداً متزايداً من الأطفال المرضى ولكنهم يفتقرون إلى المعدات والأدوية اللازمة لعلاجهم بشكل صحيح.
وفي المستشفى الإماراتي القريب، يتشارك ما لا يقل عن ثلاثة أطفال خدج حاضنة مصممة لطفل واحد.
يقول الدكتور أحمد الشاعر إن معظم المرضى من الرضع البالغ عددهم 44 طفلاً تقل أعمارهم عن عشرة أيام، ويزن بعضهم 2 كيلوغرام فقط.
وليس لدى الأمم المتحدة أي إحصائيات حول عدد الولادات المبكرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكن الأطباء الفلسطينيين يقولون إن الحالات ارتفعت.
وبحسب نارايان، تساهم العديد من عوامل الحرب في ارتفاع معدلات الولادات المبكرة، بما في ذلك سوء التغذية والتوتر والحركة المفرطة.
تسيطر إسرائيل بشكل كامل على معبر كرم أبو سالم وتقوم بتفتيش جميع الشاحنات بشكل دقيق كما تتفقد المساعدات التي تمر عبر معبر رفح الذي تديره مصر.
وفي الأسابيع الأخيرة، بدأت مصر والولايات المتحدة والأردن والإمارات العربية المتحدة وفرنسا بإسقاط المساعدات جواً على القطاع.
وتقول إسرائيل إن الأمم المتحدة تعطل توزيع المساعدات، وتقول هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية، إن حوالي 200 شاحنة من الإمدادات لا تزال في انتظار التوزيع. ولم تقدم أي دليل أو صور يثبت ذلك.
وتقول الأونروا، أكبر وكالة تابعة للأمم المتحدة في غزة، إنها ليست على علم بوجود أي مساعدات، وتتهم إسرائيل بتقييد دخول البضائع عبر البيروقراطية واستغراق وقت طويل جدا من أجل إصدار التصاريح الأمنية.