تستعد الجزائر لإجراء انتخابات الرئاسة يوم غد، السابع من سبتمبر، حيث تُفتح صناديق الاقتراع للناخبين في الداخل، فيما يتواصل تصويت الجزائريين في الخارج. تشهد الأجواء الانتخابية ضعفًا في الحماس، مع قلة اللوحات الإعلانية والملصقات، وتركز الأنشطة على جولات المرشحين المعروضة عبر التلفزيون الرسمي.
يشعر العديد من الجزائريين بالقلق تجاه الوضع الاقتصادي، خصوصاً تأثير التضخم على الأسعار المرتفعة للمواد الأساسية مثل المستلزمات المدرسية، البطاطس، والقهوة. وفي ظل هذه الظروف، يبدو أن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، الذي تدعمه المؤسسة العسكرية، يتجه نحو الفوز بفترة رئاسية ثانية بسهولة.
قال نور الدين بن شيخ، مدير مدرسة إعدادية، لوكالة "أسوشيتد برس": "كيف نتوقع من الجزائريين أن يهتموا بالانتخابات عندما تكون الحياة اليومية مليئة بالتحديات؟". هذا الشعور العام يعكس التحول الكبير في الجزائر، حيث كان الحراك الشعبي في عام 2019 يدعو إلى تغييرات واسعة في النظام السياسي الذي يهيمن عليه الجيش عقب استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة تحت ضغط الشارع.
ومع تراجع زخم الحراك الشعبي وعودة الشعور باللامبالاة تجاه السياسة، يعزو بعض المحللين ذلك إلى استعادة النخبة الحاكمة سيطرتها الكاملة على السلطة. في الوقت نفسه، وافقت السلطات الانتخابية على ترشح اثنين فقط لمنافسة تبون، وهما الإسلامي عبد العالي حساني الشريف البالغ من العمر 57 عامًا، والصحفي السابق يوسف أوشيش البالغ 41 عامًا، والذي يمثل حزباً معارضاً من اليسار.
وتقول مصادر سياسية إن السلطات تركز بشكل أساسي على تحقيق نسبة مشاركة مرتفعة في الانتخابات لتبرير شرعية فوز تبون المتوقع، رغم أن معظم الناخبين يرون أن النتيجة محسومة مسبقاً.
وفي الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، سجل حوالي 23 مليون ناخب للتصويت، ولكن هناك شكوك حول إمكانية تحسين نسبة المشاركة التي بلغت 14% فقط في انتخابات 2019 والتي كانت محل مقاطعة واسعة من الحراك.
ورغم أن الرئيس تبون قد أشاد في بداية حكمه بالحراك الشعبي وأمر بالإفراج عن بعض الناشطين، إلا أن السلطات فرضت حظراً على الاحتجاجات خلال جائحة كورونا واستمرت في اعتقال المعارضين والصحفيين.
وفي الوقت الذي يركز فيه أحد المرشحين، يوسف أوشيش، على قضايا حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين، يعتقد الكثير من الجزائريين أن الانتخابات لم تشكل نقاشًا سياسياً حقيقياً، بل إنها تعكس مشهدًا من الاستمرارية للنظام الحالي.
وتشهد البلاد مزيداً من الاعتقالات والقيود، حيث تم توقيف عشرات الأشخاص الشهر الماضي بتهمة التزوير الانتخابي، ووُضع ثلاثة مرشحين محتملين تحت المراقبة القضائية.
وفي مقابل هذه المشهد المتوتر، يجري الرئيس تبون جولات مكثفة في مختلف مناطق البلاد، مروجاً لإنجازاته مثل رفع الأجور وزيادة معاشات التقاعد مع تقديم مبادرات اقتصادية للشباب خصوصاً القروض بدون فوائد لدعم المشاريع الناشئة. مع العلم أن أكثر من نصف سكان الجزائر هم من الشباب.
تبون قال في إحدى خطبه: "أنا رجل الأفعال، لقد أوفيت بوعودي، وأعدكم بمواصلة المسيرة على نفس النهج".
في أواخر عام 2019، تم انتخاب عبد المجيد تبون في انتخابات شهدت نسبة امتناع عن التصويت تجاوزت 60%. جاء هذا الاقتراع في ذروة الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في أبريل من نفس العام بعد احتجاجات سلمية واسعة.