الثورة التونسية ومعركة إنقاذ الديمقراطية.. أحد رموزها يرى أحلام الحرية والكرامة تتلاشى

منذ 1 سنة 205

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 17/12/2022 - 11:25

شاب تونسي يمر بجانب مجسم لعربة البائع المتجول محمد بوعزيزي الذي أشعل الثورة التونسية

شاب تونسي يمر بجانب مجسم لعربة البائع المتجول محمد بوعزيزي الذي أشعل الثورة التونسية   -   حقوق النشر  Hassene Dridi/Ap.

نال وديع الجلاصي شهرة واسعة عندما أطلق طائرا من قفصه ضمن مظاهرة حاشدة خلال ثورة 2011 في تونس، في إشارة إلى تحرر تونس من نظام ديكتاتوري.. لكنه اليوم يرى الأمل يتلاشى ويقول إنه أصبح لا يتنفس حرية ولا يرى ديمقراطية ولن يصوت في هذه الانتخابات البرلمانية.

قصة الجلاصي، من الانتفاضة ضد الاستبداد إلى مقاطعة انتخابات برلمان بصلاحيات ضعيفة تعقد في ذكرى اندلاع شرارة الثورة التونسية، تُظهر أحلاما مبددة لجيل ناضل من أجل الديمقراطية لكنه يرى أن ثمارها تضيع أمام عينيه.

يقول الجلاصي لرويترز في مقهى بمنطقة النحلي الشعبية "أشعر بالاختناق أكثر في بلدي. لا يوجد مستقبل واضح لي أو لعائلتي وأصدقائي من الحي. لا أشعر بالحرية ولا أستطيع الكتابة بحرية على وسائل التواصل الاجتماعي. إنه أمر مقلق للغاية".

وبدأت الثورة التونسية عندما أضرم بائع الخضروات محمد البوعزيزي النار في نفسه في 17 ديسمبر كانون الأول 2010 بعد أن صفعته شرطية، مفجرا احتجاجات حاشدة في أرجاء البلاد.

وعندما غص شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس بالحشود في يناير كانون الثاني وفر الرئيس السابق زين العابدين بن علي من البلاد، ‭‭‭‭‬‬‬‬‬كان الجلاصي يحمل قفصا عاليا مربوطا به العلم التونسي ويفتح الباب لإطلاق الطائر.

أصبحت صورة الشاب العاطل عن العمل والذي كان يبلغ من العمر 21 عاما وقت الثورة، أيقونية في تونس، ورمزا لآمال الحرية التي سرعان ما انتشرت عبر شمال أفريقيا والشرق الأوسط فيما أصبح يعرف بانتفاضات "الربيع العربي".

ومع قمع الثورات الأخرى أو تحولها إلى حروب أهلية طاحنة، كانت الديمقراطية في تونس منارة وحيدة للنجاح رغم بعض الهنات.

لكن على الرغم من أن الانتخابات كانت نزيهة وحرية التعبير متاحة بشكل لا مثيل له في المنطقة، إلا أن تونس كانت تتأرجح من أزمة إلى أخرى ولم يتوقف شجار السياسيين وبدا الاقتصاد على شفا الانهيار.

كان الجلاصي يجلس مع أبناء حيه في مقهى بمنطقة النحلي، وهي منطقة جبلية يصل إليها طريق غير معبَّد ومكتظ بمبان فوضوية متلاصقة وأخرى متداعية، وتحدث عن سنوات من غياب التنمية العامة وتشاحن سياسي أفقد الناس الثقة في السياسيين.

وقال "سئمنا من النخبة السياسية والأحزاب التي تسرق أحلامنا وتركز على مصالحها".

لم يكن هذا الشاب هو الوحيد من التونسيين الذي يشعر بالخذلان والإحباط.

في انتخابات 2019، اختار الناخبون قيس سعيد، وهو مستقل صارم تعهد بإنهاء حالة الشلل والقضاء على الفساد، كرئيس. وكان البرلمان صاحب السلطة الأقوى رغم أنه كان مشتتا، مع تراجع واضح للحماس لأي من الأحزاب.

وعندما أغلق سعيد البرلمان بدبابة في صيف العام الماضي، مع اشتداد الأزمة السياسية والاقتصادية، كان الجلاصي من بين الحشود التي نزلت إلى الشوارع آنذاك، مرددا صدى الحشود التي ملأت تونس في أثناء الثورة معتبرا أن تلك اللحظة كانت "لحظة إنعاش لثورة مغدورة".

وقال الجلاصي "كنا مع قيس سعيد وساعدناه ...لأنه مثلنا جاء من الأحياء الفقيرة".

لكن بعد ما يقرب من 17 شهرا من سيطرة سعيد على أغلب السلطات والتحرك للحكم بمراسيم، لم يتغير شيء فعليا بالنسبة للجلاصي الذي يقول إن الوضع ازداد سوءا وإن الأمل "تلاشى بشكل شبه كامل".

وسيكون للبرلمان الجديد الذي سيُنتخب اليوم السبت سلطات ضعيفة. وأقر سعيد قوانين جديدة تفرض عقوبات بالسجن على من ينشر "أخبارا كاذبة" تصل عقوبتها عشرات سنوات.

ويقول الجلاصي "أختنق في تونس اليوم. لا شيء يعمل في هذا البلد. لا ديمقراطية ولا الاقتصاد ولا أوضاع الناس"، مضيفا أنه يشعر بخذلان.

وأضاف "للمرة الأولى بعد الثورة لن أصوت".

وقال الجلاصي بمرارة "لقد سعوا لقتل كل ما له علاقة بالثورة. لقد قتلوا الحلم. لم أعد أشتم رائحة للثورة ولا للحرية".