تاريخ الإضافة: 22/2/2023 ميلادي - 1/8/1444 هجري
الزيارات: 28
♦ الملخص:
فتاة قام قريب لها بالتحرش بها في صغرها، ثم أصبحتْ تمارس ذلك مع قريباتها الصغيرات، ولما كبرت ندمت على ما اقترفته، وهذا الندم يلاحقها وينغِّص عليها حياتها، وتسأل: ما الحل؟
♦ التفاصيل:
قام قريب لي في صغره (13 عامًا) بالتحرش بي؛ ملامسة خارجية فقط، وقد سامحته لصغره، لكني صرت بعدها أمارس العادة السرية، وأتحرش بالأطفال بنفس الطريقة، ولما كبرت وفهمت، أصبحت نادمة على ما كنت أفعل، وأشعر بالضيق والخزي، وينتابني شعور بالذنب لما فعلت مع قريباتي الصغيرات؛ إذ أخشى أن أكون سببًا في إيذائهن، وأصبحت أنظر إلى نفسي بصورة سيئة، كنت جاهلة، والآن أخشى على طفلي من تعرضه لمثل هذا الموقف، لم أكن أفكر في الأمر كثيرًا، غير أنني الآن أصبحتُ أسترجع الذكريات السيئة بشكل مستمر، أريد قطع التفكير والقلق وتلك المنغصات من حياتي، فماذا أفعل؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
١- عندما كنتِ صغيرة تعرضتِ للتحرش بالملامسة فقط.
٢- بقيت فيكِ آثار سلبية لهذا التحرش تمثلت في فعل العادة السرية، وفي تحرشكِ بقريباتكِ الصغيرات.
٣-والآن بعدما كبرتِ تتذكرين هذه المواقف السيئة وتندمين عليها بشدة، وتخشين من حصول عقوبات لكِ بتعرض ابنكِ للتحرش.
٤- تخافين من أنكِ آذيتِ قريباتكِ الصغيرات بالتحرش.
٥- أصبحتِ تستعرضين الذكريات السيئة بشكل مستمر ومقلق جدًّا ينغص عليكِ حياتكِ.
٦- تنظرين لنفسكِ نظرة سيئة بسبب ماضيكِ.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: تحمدين على موقفكِ من المراهق الصغير الذي تحرش بكِ؛ حيث إنكِ لم تفضحيه، بل وعذرتِه؛ لأنه كان صغيرًا.
ثانيًا: ما حصل منكِ من أخطاء مع قريباتكِ الصغيرات، والعادة السرية، يكفرها الآتي.
١- كثرة الاستغفار؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
٢- الندم.
٣- العزم على عدم العودة لها.
٤- الإقلاع عنها تمامًا.
٥- الدعاء لهم.
٦- الإكثار من الأعمال الصالحة؛ مثل: الصلاة وتلاوة القرآن، والصدقات والصوم، وغيره؛ لقوله سبحانه: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 114، 115].
ثالثًا: أما سؤالكِ: هل عليكِ ذنب في ما فعلتِه مع الصغيرات، فالجواب: نعم، هو معصية لله، ولكن يكفرها صدق التوبة؛ فالله سبحانه وعد التائبين الصادقين بقبول توبتهم، بل وبأعظم من ذلك؛ بتبديل سيئاتهم السابقة في ميزانهم إلى حسنات؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71].
رابعًا: خوفكِ من أن يتعرض ابنكِ للتحرش بسبب ما فعلتِه سابقًا لا مبرر له، خاصة أنكِ تبتِ وندمتِ؛ فأحسني الظن بالله سبحانه، واطردي عنكِ هذه المخاوف، وأحسني تربية ابنكِ.
خامسًا: استمراركِ في تذكر السيئات السابقة إن كان بشكل معقول لأجل كثرة التوبة والاستغفار، فهو عمل محمود، وإن كان لإدخال الحزن واليأس من رحمة الله، فهو منبوذ.
سادسًا: اطمئني ما دمتِ تبتِ بصدق، فأنتِ على خير وتوفيق من الله سبحانه، فلا داعي أبدًا لازدراء نفسكِ واحتقارها؛ وتذكري قوله سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ﴾ [الزمر: 53، 54].
سابعًا: لازمي الأعمال الصالحة التي ذكرتها لكِ: الصلاة، والتلاوة، والذكر، والاستغفار، والدعاء، والصدقة؛ لأنها تكفر السيئات، وترفع الدرجات، وتطمئن القلب.
ثامنًا: مما يسليكِ ويرغبكِ أكثر في التوبة، ويبشركِ بقبول توبتكِ بإذن الله سبحانه تذكُّرُ الأحاديث الآتية:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: ((أذنب عبدٌ ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال الله تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي؛ فليفعل ما شاء))؛ [متفق عليه].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، وجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله تعالى، فيغفر لهم))؛ [رواه مسلم].
وعن أبي أيوب خالد بن زيد رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقًا يذنبون، فيستغفرون، فيغفر لهم))؛ [رواه مسلم].
حفظكِ الله، وغفر الله لكِ، وثبتكِ.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.