الانتقال إلى سوريا.. خطة بديلة احتياطية لأقلية لبنانية في حال اندلاع حرب شاملة مع إسرائيل

منذ 2 أشهر 28

يسعى اللبنانيون في الضاحية الجنوبية لبيروت لوضع خطط طارئة وبديلة منذ الغارة الجوية الإسرائيلية التي ضربت مبنى فيها، ومقتل قيادي بارز في حزب الله ما أثار مخاوف من اندلاع حرب شاملة.

تعني الخطط الطارئة بالنسبة لمعظم اللبنانيين الانتقال للعيش مع أقاربهم أو استئجار منازل في المناطق ذات الأغلبية المسيحية أو الدرزية أو السنية في لبنان التي تعتبر أكثر أماناً من المناطق ذات الأغلبية الشيعية حيث توجد العمليات الرئيسية لحزب الله. ولكن بالنسبة لعدد قليل، فإن من الخطط البديلة الانتقال إلى سوريا المجاورة.

نشاط قتالي متوقف في سوريا وأسعار أكثر زهدا من لبنان

فعلى الرغم من أن سوريا في عامها الرابع عشر من الحرب، إلا أن النزاع متوقف منذ فترة طويلة في معظم أنحاءها. ويزور المواطنون اللبنانيون دمشق بانتظام، من يمكنهم عبور الحدود دون تأشيرة . كما أن استئجار شقة في سوريا أرخص بكثير من لبنان.

قالت زهرة غدار إنها وعائلتها صدموا عندما رأوا مبنى سكنيا تحول إلى أنقاض بسبب الغارة التي وقعت في 30 يوليو تموز في منطقتها المعروفة باسم الضاحية. وإلى جانب مقتل القيادي في حزب الله فؤاد شكر، قُتل طفلان وثلاث نساء وأصيب العشرات بجروح في الهجوم الإسرائيلي.

وأضافت غدار أن عائلتها فكرت في البداية في الانتقال إلى مكان آخر داخل لبنان، لكن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي تلقي باللوم على المدنيين النازحين إلى جانب حزب الله في التهديد بحرب شاملة، ما لم يشجعها على المضي بذلك. وبينت أن الإيجارات ارتفعت كثيرا بسبب زيادة الطلب. لذا اضطرت العائلة للبحث خارج لبنان.

وقالت: "وجدنا أن الإيجارات بدأت بـ700 دولار، لمنزل لي يكون مريحا جدا". ويذكر أن قيمة هذا المبلغ تزيد عما يكسبه الكثير من اللبنانيين في الشهر الواحد.

ووجدت عائلة غدار شقة من أربع غرف نوم في حلب، وهي مدينة تقع شمال غرب سوريا، مقابل 150 دولاراً شهرياً. فدفعت العائلة إيجار ستة أشهر مقدماً ثم عادوا إلى لبنان.

ارتاح العديد من سكان الضاحية عندما تبين أن تبادل الضربات المكثفة بين إسرائيل وحزب الله في 25 يوليو تموز لم يدم طويلاً. لكن غدار قالت إنها لا تزال تخشى أن يتدهور الوضع، مما يجبر عائلتها على الفرار. وقالت: "من الضروري أن يكون لدينا خطة احتياطية في كل الأحوال".

لبنان وسوريا تتلقيان ضربات إسرائيلية...بالإضافة إلى غزة

في السابق، كانت بيروت بعيدة إلى حد كبير عن الاشتباكات شبه اليومية عبر الحدود التي أدت إلى نزوح حوالي 100 ألف شخص من جنوب لبنان وعشرات الآلاف من الأشخاص في إسرائيل منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول. وكان ذلك عندما بدأ حزب الله بإطلاق الصواريخ على شمال إسرائيل دعماً لحركة حماس بعد عملية نفذتها على إسرائيل في 7 أكتوبر تشرين أول 2023، ما أدى إلى مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز 250 آخرين كرهائن. وردت إسرائيل بقصف جوي وهجوم بري على غزة أدى إلى مقتل أكثر من 40,000 فلسطيني.

وفي الأسابيع الأخيرة، بدا الصراع في لبنان على شفا الخروج عن السيطرة.

وخاضت إسرائيل وحزب الله حرباً طاحنة استمرت شهراً كاملاً في عام 2006، دمرت تل أبيب جزءاً كبيراً من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت. وحينها لجأ حوالي 180,000 لبناني إلى سوريا. ولجأ العديد منهم إلى المدارس والمساجد والمصانع الفارغة، ولمنازل استطاع البعض استئجارها، واستقر العديد فيها بشكل دائم.

أما سوريا، فتضريها إسرائيل دوريا عن طريق شن غارات جوية عليها، وتستهدف مواقع عسكرية أو مقاتلين مرتبطين بإيران، لكن حكومة بشار الأسد ظلت على الهامش إلى حد كبير في الصراع الإقليمي الحالي.

مواطن لبناني فر إلى سوريا مسبقا وقد يعيد الكرّة

فرّ روّاد عيسى الذي كان مراهقًا في حرب 2006 إلى سوريا مع والديه الذين عادا إلى لبنان عندما انتهت الحرب. لكن والد عيسى استخدم بعض مدخراته لشراء منزل في محافظة حماة السورية تحسباً لأي طارئ. قال عيسى: "بهذه الطريقة إذا وقعت حرب أخرى سيكون لدينا منزل جاهز بالفعل".

وأضاف أن المنزل والمنطقة المحيطة به لم تتأثر بالحرب في سوريا. وأوضح أن شقيقته وزوجها ذهبا لتجهيز المنزل قبل بضعة أسابيع لعودة العائلة في حال تدهور الوضع في لبنان.

قال عيسى الذي يعمل في إنتاج الفيديو إنه خطط في البداية لاستئجار شقة في لبنان في حال توسع الصراع، بدلاً من الالتحاق بعائلته في سوريا. ولكن في المناطق التي تصنف بالآمنة في بيروت "يطلبون أسعاراً خيالية"، على حد قوله. قكان أحد المؤجرين يطلب 900 دولار أمريكي مقابل غرفة في شقة مشتركة. وأضاف "وخارج بيروت، الوضع ليس أفضل بكثير".

سوريون ولبنانيون ولاجئون فلسطينيون قد يذهبون إلى سوريا

قال عزام علي وهو صحفي سوري في دمشق لوكالة أسوشيتد برس إنه رأى تدفقاً من اللبنانيين الذين يستأجرون غرفاً في الفنادق والمنازل في المدينة في الأيام القليلة الأولى بعد الضربة في الضاحية. وقال إن عائلة لبنانية - أفرادها أصدقاء أحد أصدقائه - أقامت في منزله لبضعة أيام.

ورحب في منشور على فيسبوك باللبنانيين قائلاً إنهم "جعلوا مدينة دمشق القديمة أكثر جمالاً". وقال إنه بعد أن بدأ الوضع يهدأ مجددا "عاد البعض وبقي بعض آخر هنا، لكن معظمهم بقوا هنا".

لم تسجل أي وكالة عدد الأشخاص الذين انتقلوا من لبنان إلى سوريا في الأشهر الأخيرة. فهم منتشرون في جميع أنحاء البلاد وغير مسجلين كلاجئين، مما يجعل من الصعب تتبع الهجرة. وتشير بعض الدلائل إلى أن الأعداد قليلة.

فمن بين 80 نازحاً من جنوب لبنان يعيشون في بيروت الكبرى - بينهم لبنانيون وسوريون ولاجئون فلسطينيون - قال 20 شخصاً على الأقل إنهم يفكرون في اللجوء إلى سوريا إذا ما تصاعدت الحرب في لبنان، وفقاً لمقابلات أجراها باحثون أشرفت عليهم ياسمين ليليان دياب، مديرة معهد دراسات الهجرة في الجامعة اللبنانية الأمريكية.

ولاحظت دياب أن اللبنانيين الذين يفكرون في هذا الطريق هم مجموعة متخصصة لديهم شبكات أعمال أو عائلة أو أصدقاء في سوريا.

ولم تسبب الخشية من اندلاع حرب هجرة عكسية جماعية للسوريين من لبنان. فرغم تراجع حدة القتال في سوريا، إلا أن العديد من اللاجئين يخشون في حال عودتهم أن يتم اعتقالهم بسبب علاقاتهم الحقيقية أو المتصورة مع المعارضة للأسد أو تجنيدهم قسراً في الجيش. وإذا غادروا لبنان هرباً من الحرب قد يفقدون وضعهم كلاجئين، على الرغم من أن بعضهم يعبرون ذهاباً وإياباً عبر طرق المهربين دون أن يتم تسجيل تحركاتهم.

وهناك حوالي 775,000 سوري مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ويُعتقد أن مئات الآلاف الآخرين غير مسجلين في لبنان.