في أجواء مشحونة بالتوتر، خرج المئات من المحتجين في تل أبيب مطالبين بتوقيع الاتفاق الذي ينص على الإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة. وقطع المتظاهرون الطرق الرئيسية في المدينة حاملين لافتات كتبت عليها "أنجزوا الصفقة" و"أعيدوهم إلى الوطن الآن".
وفي وقت شهدت فيه المظاهرات مشاهد مؤثرة، حيث أضاءت الشموع وظهرت كلمات "صفقة واحدة للجميع" على الجدران، كما عرضت شاشة العد التنازلي للأيام والساعات التي أمضاها الرهائن في الأسر.
في ذات الوقت، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن وجود "أزمة في اللحظة الأخيرة" مع حركة حماس، ما أدى إلى تأجيل الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار، والذي كان من المتوقع أن يشمل الإفراج عن عشرات الرهائن ووقفًا مؤقتًا للقتال. وجاء هذا التأجيل ليزيد من تعقيد المفاوضات التي تواجه تحديات سياسية كبيرة.
وفي السياق نفسه، عبر غيل ديكمان، ابن عم الرهينة القتيل كرمل غات، عن قلقه البالغ إزاء تأخر إتمام الصفقة، مشيرًا إلى أن الحياة كانت ستُنقذ لو تم توقيع الصفقة في وقت أبكر. وأكد أن الصفقة تسير في الاتجاه الصحيح، خصوصًا بعد تأكيد الرئيس الأمريكي ترامب على حدوثها، ولكن القلق يكمن في عدم اليقين بشأن المراحل التالية.
وعلى الجبهة العسكرية، واصلت القوات الجوية الإسرائيلية غاراتها على غزة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 72 شخصًا. بينما أشار نتنياهو إلى وجود انقسامات داخل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بسبب بعض المطالب الإضافية من حماس، التي اتهمها بمحاولة إعادة التفاوض للحصول على تنازلات أكبر.
وفي المقابل، أكد عزت الرشق، المسؤول البارز في حركة حماس، التزام الحركة بالاتفاق الذي أعلنه الوسطاء، بما في ذلك قطر والرئيس الأمريكي جو بايدن. ويشمل هذا الاتفاق إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة ووقف القتال بشكل مؤقت، في خطوة تمهد لإنهاء حرب مستمرة منذ 15 شهرًا.
واستمر التصعيد السياسي داخل إسرائيل مع إعلان وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن حزب "عوتسما يهوديت" سيغادر الائتلاف الحكومي في حال وافقت الحكومة على صفقة وقف إطلاق النار مع حماس التي أعلن عنها الوسطاء أمس. وأكد بن غفير في مؤتمر صحفي أن الصفقة، التي تشمل الإفراج عن مئات من الأسرى الفلسطينيين الأمنيين من إسرائيل، ستساهم في إعادة تأهيل الجماعات الإرهابية في غزة حسب تعبيره، مما سيزيد من التهديدات على سكان المناطق الحدودية.
كما حذر من أن الاتفاق الحالي لا يضمن الإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين في غزة، مشيرًا إلى أن الصفقة "تحدد مصير باقي الرهائن الذين لم يتم تضمينهم في صفقة الموت". كما دعا بن غفير وزير اليمين المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، للانضمام إليه في ترك الحكومة احتجاجًا على هذا الاتفاق.
من جهة أخرى، طالب سموتريتش بقرار حكومي يضمن العودة إلى القتال فور انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق. وأكدت مصادر أنه لا يزال يتم التفاوض على هذه المطالب مع مكتب رئيس الوزراء. وفي وقت لاحق، تواصلت الخلافات الداخلية داخل الائتلاف الإسرائيلي حول كيفية التعامل مع مطالب حماس.
كما أعربت سامانثا باور، مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، عن قلقها الشديد من الأوضاع الإنسانية في غزة، مؤكدة أن الوضع في غزة هو "الأزمة الإنسانية الأكثر دموية في تاريخ عمال الإغاثة"، في حين أضافت إيناف زانغاوكر، والدة أحد الرهائن، أن الصفقة تمثل الفرصة الأخيرة لإنقاذ ابنها.
وتواصل الحكومة الإسرائيلية جهودها لتحقيق أهدافها العسكرية والسياسية في ظل هذه الظروف المعقدة، حيث يبقى الحسم السياسي والعسكري في يد الحكومة والقيادة العسكرية.