روى أسرى فلسطينيون محررون ما قالوا إنها انتهاكات جسيمة ارتكبها سلطات الإسرائيلية في السجون، وكان أحدهم متعباً لدرجة أنه لم يتمكن من سرد قصته بعد فترة وجيزة من الإفراج عنه، في وقت اعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنهم جعلوا حياة الأسرى الفلسطينيين أكثر قسوة بعد اندلاع حرب غزة.
قال أسرى فلسطينيون أفرجت عنهم السلطات الإسرائيلية أخيراً إنهم عانوا من انتهاكات عديدة في السجون، من الضرب المتكرر إلى الازدحام الشديد في الزنازين إلى الحرمان من وجبات طعام أساسية.
وتفاقمت ظروف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصارت تكتظ بالآلاف بعد تنفيذ الجيش الإسرائيلي حملات اعتقال واسعة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأقر مسؤولون إسرائيليون بأنهم "جلعوا ظروف الأسرى الفلسطينيين أكثر قسوة"، خاصة بعد أن تعهد وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير بألا تظل السجون عبارة "معسكرات صيفية" تحت إشرافه.
وقال أربعة أسرى فلسطينيين إن معاملة السلطات الإسرائيلية في السجون ساءت "بشكل دراماتيكي" منذ اندلاع الحرب.
وخرج بعض من هؤلاء من السجون الإسرائيلية نحيلي الأجساد ومحطمين نفسياً.
وكان الأسير الخامس معزز عبيات ضعيفاً ومتعباً إلى درجة أنه لم يتمكن من سرد قصته، رغم أنه أفرج عنه في يوليو/تموز الماضي، بعد أن قضى 6 أشهر في سجن النقب جنوبي إسرائيل.
وبدا عبيات هزيل الجسد، غير قادر على التركيز، وكل ما كان بوسعه أن يتحدث لعدة دقائق أكد فيها أنه تعرض للضرب مراراً.
الأسير الأول: "يضربوننا بلا سبب"
يقول منذر عميرة، وهو ناشط سياسي في الضفة الغربية، إنه سجن في معتقل عوفر القريب من رام الله، حيث "يضرب الحراس الأسرى بشكل منتظم كنوع من العقاب أو في كثير من الأحيان بلا سبب".
وفقد عميرة 33 كيلوغراماً من وزنه خلال ثلاثة أشهر من الاعتقال، قضاها داخل زنزانة فيها 12 أسيرا لكنها تحتوي فقط على 6 أسرّة، ولم يسمح لهم بمغادرتها إلا مرتين أسبوعياً، مدة كل واحدة منها 15 دقيقة.
الأسير الثاني: "لم نر لون الفاكهة"
وتحدث أستاذ اللغة العربية المتقاعد، عمر عساف، عن الجوع الذي واجه الأسرى، فقال إن وجبة الإفطار كان عبارة عن 250 غراماً من لبن الزبادي أو حبة بندورة واحدة، لكن هذه الوجبة كانت يجب أن يتقاسمها 5 أسرى.
وأضاف: "لم نر لون الفاكهة.. ولا قطعة من اللحم".
الأسير الثالث: "اعتقلت لمدة عام بسبب منشور على فيسبوك"
احتضن معتصم سويلم والده بعد خروجه من سجن عوفر، وقال إنه قضى عاماً في السجن بسبب منشور على "فيسبوك".
وقال: "طعم الحرية جميل جدًا".
الأسير الرابع: "لا أريد العودة"
قال أحدهم وهو يترنح في المكان نفسه: "لقد أمضيت شهرين فقط في السجن".
وأضاف: "لا أريد العودة".
رد وزارة الأمن القومي في إسرائيل
وأصدرت وزارة الأمن القومي في إسرائيل، التي تشرف على السجون، بياناً قالت إنها ليست على علم بالانتهاكات التي تحدث عنها الأسرى الفلسطينيون.
وأضاف: "إنها تتبع كافة الحقوق الأساسية المطلوبة للسجناء، وبوسع المعتقلين تقديم شكاوى سيتم فحصها بالكامل".
وفي الوقت نفسه، أكدت الوزارة أنها تعمدت تقليص "ظروف الأسرى الفلسطينيين إلى الحد الأدنى المطلوب بموجب القانون".
روايات متطابقة
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أنه لا يمكنها التحقق بشكل مستقل من الشهادة التي قدمها الأسرى الفلسطينيون، لكنها أكدت في المقابل أنهم قدموا شهادات متطابقة، كما تتوافق رواياتهم مع تقارير جماعات حقوقية وثقت الانتهاكات المزعومة في السجون الإسرائيلية.
وتثير مراكز الاحتجاز العسكرية في إسرائيل قلق المنظمات الحقوقية، خاصة "سدي تيمان" الصحراوي، حيث اعتقلت الشرطة العسكرية الإسرائيلية جنوداً بتهمة اغتصاب معتقل فلسطيني.
وسجن في هذه القاعدة غالبية الفلسطينيين الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي في غزة.
مقتل 22 أسيراً فلسطينياً
ويقول نادي الأسير الفلسطيني إن 22 أسيراً فلسطينيا قتلوا في السجون الإسرائيلية منذ اندلاع حرب غزة.
وأضاف أن هذا الرقم يشمل الأسرى الذين جرى الكشف عن هوياتهم، متحدثاً عن "العشرات من أسرى قطاع غزة ممن قتلوا في السجون والمعسكرات، ولم يفصح الاحتلال عن هوياتهم".
أما عدد المعتقلين من بداية الحرب فوصل إلى 10 آلاف، وفقاً للنادي، حتى صارت السلطات الإسرائيلية تتحدث عن اكتظاظ في السجون يجبرها على الإفراج عن بعض المعتقلين.