في نهاية العام 2023، يبدو بوتين في وضعية أفضل مع فشل الهجوم الأوكراني المضاد، وتدهور الدعم الأوروبي والأمريكي لكييف وانتعاش الاقتصاد الروسي
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ترشّحه للانتخابات الرئاسية الروسية التي ستجري في آذار/مارس 2024، في حين يبدو أن حظوظه تعزّزت بفشل الهجوم الأوكراني المضاد.
في ما يلي نظرة على المحطّات الرئيسية خلال وجود بوتين في السلطة في روسيا مدى ربع قرن.
صعود بوتين
في آب/أغسطس 1999، دفع أول رئيس لروسيا بعد انهيار الاتّحاد السوفياتي بوريس يلتسن، إلى منصب رئيس الحكومة فلاديمير بوتين الذي كان شبه مجهول. سرعان ما اكتسب هذا الرئيس السابق لجهاز الأمن الفيدرالي صورة رجل قوي في بلد أصيب بصدمة بسبب موجة الهجمات التي نُسبت إلى الانفصاليين الشيشان (حوالي 300 قتيل).
قدّم بوريس يلتسن الذي أرهقته الكحول والمرض استقالته في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999. وخلفه بوتين بشكل نهائي نتيجة انتخابات رئاسية جرت في آذار/مارس 2000.
الحرب في الشيشان
من العام 1999 إلى العام 2009، تسبّب الصراع ضدّ المتمرّدين الشيشان والإسلاميين، والذي اتسم بالانتهاكات والقصف العشوائي لغروزني، في سقوط عشرات آلاف الضحايا.
في الوقت ذاته، انتهت عمليات احتجاز رهائن أعلن المتمرّدون مسؤوليتهم عنها، بهجمات دامية شنّتها القوات الروسية، خصوصاً في موسكو (850 رهينة و130 قتيلاً) وفي بيسلان بأوسيتيا الشمالية (أكثر من ألف رهينة و330 قتيلاً بمن فيهم 186 طفلاً).
أول انعطاف في المسار
خلال فترتي رئاسته الأوليين، عزّز فلاديمير بوتين قبضته على البرلمان، ووضع حكّام المناطق تحت سيطرة موسكو، كما عزّز مكتب الأمن الفيدرالي وأحكم قبضته على الإعلام، وهو ما فعله أيضاً على الأوليغارشيين الأقوياء والأثرياء. وجعل من ميخائيل خودوركوفسكي الرئيس المخلوع لمجموعة يوكوس النفطية، عبرة لغيره، إذ وضع خلف القضبان عشر سنوات لتجرئه على المقاومة.
في العام 2006، تسبّب مقتل الصحافية المعارضة آنا بوليتكوفسكايا وتسميم الجاسوس الروسي السابق ألكسندر ليتفيننكو بعنصر البولونيوم 210 في حدوث صدمة عالمية.
فاصل ميدفيديف
بما أنّ الدستور يحظر عليه ولاية ثالثة على التوالي، اختار فلاديمير بوتين مرؤوسه دميتري ميدفيديف خلفا له، ليُنتخب الأخير في الثاني من آذار/مارس 2008 رئيساً من دون منافسة حقيقية. حينها، أصبح بوتين رئيساً للوزراء من دون أن يفقد شيئاً من نفوذه.
حرب في جورجيا
في آب/أغسطس 2008، تدخّل الجيش الروسي في جورجيا، الجمهورية السوفياتية السابقة والمرشّحة لعضوية حلف شمال الأطلسي، وذلك بعدما أرادت تبليسي استعادة السيطرة على منطقة انفصالية موالية لروسيا. حينها سحقت روسيا الجيش الجورجي.
العودة
في نهاية العام 2011، اندلعت احتجاجات بعد انتخابات تشريعية شابتها عمليات تزوير وفق المعارضة. تظاهر عشرات آلاف الأشخاص كلّ أسبوع في موسكو.
بعد إعادة انتخابه رئيساً في آذار/مارس 2012، قمع بوتين التظاهرات بوحشية.
"روسيا الكبرى"
أراد بوتين استعادة أمجاد "روسيا الكبرى" عبر ضمّه شبه جزيرة القرم في العام 2014، وذلك ردّاً على ثورة في كييف اتّهم الغرب بالوقوف خلفها.
أعقبت هذه العملية حرب في شرق أوكرانيا بين قوات كييف وانفصاليين موالين لروسيا. ولم تؤثر في بوتين العقوبات الغربية التي فرضت بسبب الحرب.
سوريا
في العام 2015، توجّه الجيش الروسي لمساعدة الرئيس السوري بشار الأسد الذي كانت قواته تشهد تراجعاً في مواجهة المتمرّدين والجهاديين.
أنقذ التدخّل الروسي النظام السوري، وأنشأ بوتين مكاناً للقوة الروسية في الشرق الأوسط، معتمداً على قصف عشوائي ودموي، خصوصاً في حلب.
القضاء على المعارضة
منذ العام 2020، ينخرط الكرملين في سياسة قمع منهجي. هدفه الرئيسي: أليكسي نافالني الذي يعدّ أشهر معارضي بوتين، ويقضي عقوبة بالسجن لمدّة تسع سنوات، كما يواجه حكماً بالسجن 30 عاماً في إطار محاكمة جديدة جارية، وذلك بعدما نجا بصعوبة من عملية تسميم يتّهم السلطة بالوقوف وراءها.
بموازاة ذلك، تمّ تقييد عمل وسائل إعلام وحظر منظمات غير حكومية ومواقع إلكترونية وشبكات اجتماعية.
غزو أوكرانيا
في 24 شباط/ فبراير 2022، أرسل بوتين قواته المسلّحة إلى أوكرانيا في عملية قال إنّ هدفها هو إنقاذ الأقلية الروسية في هذا البلد الجار الذي قال إنّه يريد "استئصال النازية منه" وقدّمه على أنّه بيدق بيد حلف شمال الأطلسي، التهديد الوجودي لروسيا.
في مواجهة تمرّد مسلّح
في خطاب متلفز في 24 حزيران/يونيو 2023، حذّر بوتين من "التهديد القاتل" وخطر اندلاع "حرب أهلية" غداة إعلان رئيس مجموعة "فاغنر" المسلّحة يفغيني بريغوجين تمرّداً مسلّحاً ضدّ القيادة العسكرية الروسية التي اتّهمها بقصف قواته.
بعد شهرين تماما، قضى بريغوجين مع كبار معاونيه في تحطّم طائرة خاصة. ولم يفض التحقيق الرسمي بعد إلى أي نتائج.
استعادة الثقة
في نهاية العام 2023، يبدو بوتين في وضعية أفضل مع فشل الهجوم الأوكراني المضاد، وتدهور الدعم الأوروبي والأمريكي لكييف وانتعاش الاقتصاد الروسي.
بزيارة إلى منطقة الخليج في مطلع كانون الأول/ديسمبر، واصل بوتين مسار عودته إلى الساحة الدولية متجاهلا مذكرة توقيف أصدرتها بحقه المحكمة الجنائية الدولية.