مع ترشح كامالا هاريس للرئاسة، خلفاً لجو بايدن، تستمر الحملة في تسليط الضوء على التحديات الكبرى التي تواجه الولايات المتحدة، ولكن بلمسة جديدة.
تعهدت هاريس بالحفاظ على العديد من سياسات بايدن وتوسيعها، مع التركيز على قضايا رئيسية مثل مكافحة استغلال الأسعار من قبل المنتجين، خفض الضرائب للأسر، وإلغاء الضرائب على الإكراميات. كما تلتزم بزيادة الحد الأدنى للأجور، وحظر الأسلحة الهجومية، وتعزيز حقوق التصويت.
في الجهة المقابلة، يسعى دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض بوعود لاستكمال ما لم ينجزه خلال ولايته الأولى. رغم عودته إلى قضايا كانت محور اهتمامه السابق، مثل الإكراميات، إلا أنه لم يقدم تفاصيل جديدة حول سياساته المستقبلية.
في هذا السياق، يظهر التباين بين هاريس وترامب بوضوح من خلال 10 محاور رئيسية، مما يبرز الخيارات المتاحة للناخبين:
1. حقوق الإجهاض:
دعت نائبة الرئيس كامالا هاريس الكونغرس إلى سن قانون فيدرالي يضمن حق الإجهاض، وهو الحق الذي دام نحو 50 عاماً قبل أن يُلغى من قبل المحكمة العليا. انتقدت هاريس حظر الإجهاض في الولايات التي تهيمن عليها الأحزاب الجمهورية وتعهدت، إذا أصبحت رئيسة، بمنع أي حظر وطني في حال تمريره من قبل الكونغرس المقبل.
كانت هاريس المدافعة الأبرز عن حقوق الإجهاض بين الديمقراطيين حتى خلال فترة ترشح بايدن، وساهمت في تعزيز جهود الإدارة لحماية النساء المسافرات للحصول على الإجهاض وتنظيم كيفية جمع السجلات الطبية من قبل الشرطة.
في المقابل، يتباهى الرئيس السابق دونالد ترامب بتعيين القضاة الذين ألغاوا حكم "رو ضد وايد"، الذي أنهى الحق الدستوري في الإجهاض. بعد تفاديه الأسئلة حول توقيت تقييد الإجراء خلال الحمل، أعلن في الربيع الماضي أن قرارات الإجهاض يجب أن تُترك للولايات.
ورغم تعهده بعدم توقيع حظر وطني على الإجهاض، لم يوضح ما إذا كان سيحاول تقييد حبوب الإجهاض "الميفيبريستون" أو فرض محاكمات على النساء بسبب الإجهاض.
2. تغير المناخ والطاقة:
في فترة عملها كعضو في مجلس الشيوخ عن كاليفورنيا، كانت كامالا هاريس من أبرز داعمي "الصفقة الخضراء الجديدة"، التي تسعى لنقل الولايات المتحدة بالكامل إلى الطاقة النظيفة. على الرغم من تراجعها عن بعض مواقفها المتشددة بشأن التنقيب في عرض البحر والتكسير الهيدروليكي، إلا أن هاريس كرست جهودها لتنفيذ بنود المناخ في قانون خفض التضخم لإدارة بايدن. يشمل هذا القانون استثمارًا كبيرًا في السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة، وخلق "جيش المناخ" لتعزيز الاستدامة البيئية. ومع ذلك، فإن تحقيق هدف بايدن بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 50% بحلول 2030 يبدو بعيد المنال.
يركز ترامب على زيادة التنقيب عن النفط وتقديم إعفاءات ضريبية لمنتجي الطاقة التقليدية، مروجًا لشعار "حفر، حفر، حفر". كان ترامب قد قلل من أهمية تغير المناخ وأبدى رفضه للطاقة الهوائية. يهدف ترامب إلى جعل الطاقة في الولايات المتحدة الأرخص عالميًا، ويخطط لتسريع الموافقات على خطوط أنابيب الغاز الطبيعي وإلغاء المبادرات البيئية لإدارة بايدن، بما في ذلك إعادة الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ وإلغاء الإعانات للطاقة الهوائية.
3. الديمقراطية وسيادة القانون:
تهاجم هاريس ترامب باعتباره تهديدًا للديمقراطية الأمريكية، مستفيدة من خلفيتها كمدعية عامة. تميزت بتسليط الضوء على التهم الجنائية ضد ترامب مثل الرشوة والاحتيال، بينما تتجنب الحديث عن نفيه لنتائج انتخابات 2020 وتحريضه على الهجوم على الكابيتول. عندما يردد المؤيدون شعارات "سجنه"، ترد بأن "المحاكم يمكنها التعامل مع ذلك" وأن هدفها هو هزيمته في الانتخابات.
يرفض ترامب قبول خسارته في 2020، ويعهد بالعفو عن المدعى عليهم في هجوم 6 يناير. يعد بإعادة هيكلة وزارة العدل وFBI، ونشر الحرس الوطني في المدن المتأثرة بالجريمة، وتعهد أيضًا بتعيين مدعٍ خاص لملاحقة بايدن.
4. الحكومة الفيدرالية:
تصدّت هاريس بقوة لـ"مشروع 2025"، الذي يهدف إلى إعادة تشكيل الحكومة الفيدرالية بطرق جذرية إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض. هي جزء من إدارة تسعى إلى حماية الموظفين المدنيين من الفصول التعسفية، حيث أصدرت إدارة شؤون الموظفين قاعدة جديدة تعزز من حماية هؤلاء الموظفين. هذه القاعدة جاءت رداً على أمر "الجدول F" من ترامب، الذي كان يهدف إلى تسهيل فصل الموظفين.
رغم علاقاته الوثيقة بمؤسسي "مشروع 2025"، يسعى ترامب إلى إعادة الهيكلة الكاملة للبيروقراطية الفيدرالية، متعهدًا بإزالة "الدولة العميقة" وإعادة إصدار أمر "الجدول F" لفصل الموظفين الذين يعتبرهم غير موالين. كما يعتزم إلغاء وزارة التعليم وتقليص استقلال الوكالات التنظيمية مثل لجنة الاتصالات الفيدرالية.
5. الحرب الإسرائيلية على غزة:
تؤكد هاريس على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وتصف حماس بالإرهاب، لكنها تدعو إلى حماية المدنيين خلال الصراع في غزة، حيث تجاوز عدد القتلى المدنيين 40,000. تدعم هاريس، مثل بايدن، هدنة تبادل الرهائن التي قد تؤدي إلى نهاية دائمة للصراع، وتؤيد حل الدولتين مع إقامة دولة فلسطينية مستقلة بجانب إسرائيل.
يدعم ترامب جهود إسرائيل لتدمير حماس، لكنه انتقد بعض تكتيكاتها. يدعو إلى إنهاء الصراع بسرعة والعودة إلى السلام، ويقترح إجراءات صارمة ضد الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الجامعات، وسحب تأشيرات الطلاب الذين يعبرون عن معاداة السامية أو معاداة أمريكا.
6. قضايا مجتمع الميم
تتهم كامالا هاريس ترامب وحزبه بمحاولة تقليص حقوق مجتمع الميم، بما في ذلك حرية التعبير عن الحب بفخر. تحت قيادة بايدن، دافعت هاريس عن حقوق المتحولين جنسياً، حيث ألغت الإدارة أمرًا تنفيذيًا من ترامب يمنعهم من الخدمة العسكرية وأكدت على حماية حقوقهم بموجب قانون "تايتل IX". رغم أن الحملة لم تقدم تفاصيل محددة بعد، فإن هاريس تلتزم بمحاربة التمييز وتعزيز حقوق مجتمع الميم.
يعد ترامب بإبقاء النساء المتحولات جنسياً خارج الرياضات النسائية وتعزيز مشروع قانون يعترف بجنسين فقط. يتعهد بالقضاء على "أيديولوجية النوع" من خلال منع التدخلات الهرمونية والجراحية للقصر المتحولين جنسياً، ويهدف إلى منع الأشخاص المتحولين جنسياً من الخدمة العسكرية، إضافةً إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أي تعليم يتحدث عن الهوية الجندرية في المدارس.
7.حلف شمال الأطلسي"الناتو" والحرب في أوكرانيا
هاريس: تواصل كامالا هاريس دعمها لجهود إدارة بايدن في تعزيز التحالفات العالمية، خصوصاً الناتو، في مواجهة العدوان الروسي. قد تتشابه مواقفها مع بايدن في دعم أوكرانيا، حيث قدمت الإدارة مساعدات ضخمة تقدر بعشرات المليارات لمواجهة غزو روسيا. هاريس أكدت أهمية الحفاظ على التحالفات العالمية وانتقدت تصرفات بوتين الوحشية.
ترامب: الرئيس السابق دونالد ترامب ينتقد الدعم الأمريكي لأوكرانيا ويعهد بإعادة تقييم دور الناتو إذا عاد إلى السلطة. يعد بإنهاء الحرب عبر المفاوضات، حيث يراهن على تقديم أوكرانيا تنازلات. كما يهاجم ترامب الدول الأعضاء في الناتو لعدم تحقيق أهداف الإنفاق العسكري ويهدد بالتحريض على روسيا ضدها إذا لم تلتزم.
8. التعريفات الجمركية والتجارة
بينما انتقدت كامالا هاريس سابقًا اتفاقيات التجارة الحرة، فإنها في الوقت الراهن تدعم سياسات بايدن المتعلقة بالتجارة. إدارة بايدن رفعت الرسوم الجمركية على الصلب الصيني إلى 25% لحماية الإنتاج المحلي، ورفضت الاستحواذ الياباني على شركة "U.S. Steel"، مشددة على أهمية الحفاظ على الصناعة الأمريكية.
خطط دونالد ترامب لتوسيع كبير للرسوم الجمركية على معظم السلع المستوردة، مشددًا على فرض رسوم تصل إلى 20% على الدول التي استغلت التجارة الأمريكية. يهدف إلى تقليص واردات الصين من السلع الأساسية وحظر الشركات الصينية من امتلاك بنية تحتية أمريكية. سواء جاءت الرسوم من إدارة بايدن أو ترامب، فإنها ستؤدي على الأرجح إلى زيادة الأسعار للمستهلكين.
9.الضرائب
تعتزم كامالا هاريس إلغاء 7 مليارات دولار من الديون الطبية لملايين الأمريكيين، وتعزيز ائتمان الضرائب للأطفال إلى 3,600 دولار سنويًا حتى 2025، مع تقديم ائتمان جديد بقيمة 6,000 دولار للآباء الجدد. كما تدعو إلى تخفيض الضرائب للعاملين في الخطوط الأمامية وعلى خطط الرعاية الصحية، وتوسيع ائتمانات الضرائب للمشترين لأول مرة، وبناء 3 ملايين وحدة سكنية جديدة، مع إلغاء الضرائب على الإكراميات وزيادة الضرائب على الشركات. تدعم هاريس أيضًا استعادة ائتمان الضرائب للأطفال الذي انتهى بموجب حزمة إغاثة COVID-19.
يَعِد ترامب بتمديد تخفيضات الضرائب من عام 2017، التي خفضت معدل ضريبة الشركات من 35% إلى 21%، وزيادة الخصم القياسي وائتمان الضرائب للأطفال. يسعى لتقليص معدل ضريبة الشركات إلى 15% وإلغاء أي زيادات ضريبية تم تنفيذها تحت إدارة بايدن، وإلغاء الضرائب على الإكراميات، رغم أن ذلك قد يحتاج إلى موافقة الكونغرس.
10. سياسات الهجرة
تدافع كامالا هاريس عن تجربتها كمدعية عامة في كاليفورنيا لمواجهة انتقادات الجمهوريين بشأن الهجرة. تروج لإصلاح شامل للهجرة يشمل تقديم مسارات للحصول على الجنسية للمهاجرين غير الشرعيين، وتسريع الإجراءات للشباب الذين وصلوا كأطفال. تعارض هاريس وصف ترامب لها بالفشل، وتؤكد أن سياسة الهجرة لم تكن متساهلة، بل كانت هناك محاولة لتقديم حلول أكثر صرامة عارضها ترامب.
يخطط ترامب لأكبر عملية ترحيل محلية في تاريخ الولايات المتحدة، تشمل معسكرات احتجاز والحرس الوطني. يعيد سياسات مثل "ابقَ في المكسيك" و"البند 42"، ويعمل على توسيع حظر السفر إلى دول ذات أغلبية مسلمة. بعد هجوم حماس على إسرائيل، يعتزم فرض فحص أيديولوجي للمهاجرين لاستبعاد "الخطباء والكارهين"، وسيعمل على ترحيل الأفراد الحاملين "للميول الجهادية" ويقترح إنهاء الجنسية بالولادة لأولئك الذين وُلِدوا في الولايات المتحدة بينما كان والديهم غير قانونيين.