زوجي محاط بالديون ويعتمد علي

منذ 4 أيام 37

زوجي محاط بالديون ويعتمد علي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/4/2025 ميلادي - 18/10/1446 هجري

الزيارات: 14


السؤال:

الملخص:

طبيبة تزوَّجت كزوجة ثانية لرجلٍ لم يقصِّر معها في شيء، حتى عرضت له ضائقة مالية، أدت إلى إفلاسه، فأعانته بالإنفاق على أسرتها، لكنها شعرت أنه أصبح يعتمد عليها بشكلٍ كامل، ويعطي جُلَّ نفقته لزوجته الأولى وأولاده منها، وتسأل: ماذا أفعل؟

التفاصيل:

أنا طبيبة، تزوجت كزوجة ثانية لرجل رائع لم يقصِّر معي في شيء، ويحب أولادي، حَدَثَ أن أُصيب بضائقة مادية شديدة، أدَّت إلى إفلاسه بالكامل، ووقوعه في ديون، فقررت السفر إلى دول الخليج حتى أساعده ماديًّا؛ حيث إن مؤهله الدراسي لا يؤهله لعمل جيد يكسب منه مالًا وفيرًا، هو يعمل، لكن راتبه قليلٌ، ولا يكفينا، المشكلة أنني منذ قررت العمل، وهو يعتمد عليَّ في كثير من الأمور المالية، فأنا أنفق بشكل كامل على أسرتي، وهو متكفِّلٌ فقط بتوفير الطعام، بحُجَّة أن راتبي يكفيني، بينما نفقته على الزوجة الأولى وأولادها الثمانية نفقة كاملة، وذلك يؤثر في نفسي، حاولت مساعدته في البحث عن مصدر رزق أفضلَ؛ ليُوسِّع دخله، لكني أجد منه تلكُّؤًا وعدم اهتمام، لم يكن كذلك في بداية زواجنا، أعتقد أن الخطأ مني؛ لأني أردت مساعدته، فانقلب الأمر إلى الاعتماد الكامل عليَّ، أنا لا أريد أن أخسره؛ فهو يغضب عندما أطالبه بالإنفاق؛ لأنه محاط بالديون، فأشيروا عليَّ، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكِ الله يا أختي الكريمة، ولنا معكِ عدة وقفات:

العلاقة بين الزوجين تقوم على التكامل فيما بينهما، فلكلٍّ منهما حقوق وواجبات؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها))؛ [صحيح البخاري]، فعلى كل من أراد منهما أخْذَ الواجبات أن يؤدِّيَ الحقوق التي عليه.

من أهم قواعد بناء الحياة الزوجية أن يكون بين الزوجين تفاهمٌ وتكامل وانسجام، وهذا لا يأتي إلا بالتنازل والتغافل والتغاضي، ومتى ما تحوَّلت الحياة بينهما إلى محاسبة ومساءلة ومتابعة، تحولت إلى جحيم لا يُطاق؛ بسبب كثرة الخلافات والخصومات بينهما.

النفقة واجبة شرعًا على الزوج، وهو المسؤول عنها أمام الله والمجتمع؛ قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، ويأثم الزوج إذا قصَّر فيما يجب عليه من نفقة، حتى وإن كانت زوجته تملك مالًا، ويجوز للمرأة أن تنفق على نفسها وزوجها إن كانت غنية أو مكتسبة، ونفقتها تكون صدقة منها عليه، بل يجوز أن تدفع زكاة مالها لزوجها الفقير؛ ودليل ذلك أن امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما استفتت النبي صلى الله عليه وسلم في دفع صدقتها لزوجها؛ لفقره وحاجته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((نعم، لها أجران؛ أجر القرابة، وأجر الصدقة))؛ [رواه الشيخان].

الأصل في عمل المرأة أن يكون في بيتها، من نظافة وتجهيز الطعام، وتربية الأولاد، واستعداد للزوج بما يحتاجه من حاجات جسدية وعاطفية، أما إذا أذِن لها الزوج في العمل خارج المنزل، وتنازل عن بعض حقوقه، وجب عليها أن تراعي هذا الأمر بينهما، من مساعدة وتسامح وتعاون.

أنتِ تعلمين قبل الزواج منه أنه متزوج ومسؤول عن زوجته الأولى وأولاده الثمانية، وأنه كان في حالة مادية جيدة، وذكرتِ أنه رجل رائع ولم يقصر معكِ في شيء، ويحب أولادك، فلماذا أخسر بيتي وزوجي؟ خاصة بعد أن أُصِيب بضائقة مادية، أدت إلى إفلاسه بالكامل، أليس من المعروف أن تقفي معه وتساعديه، وأنتِ تعرفين أخلاقه معكِ قبل الإفلاس، وأنه لم يقصر معكِ بشيء؟ قال تعالى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60].

أنتِ تذكرين أنكِ تنفقين بشكل كامل على أسرتك، وأن كسبه قليل جدًّا، وأكثره يكون للأسرة الأولى، وأنتِ تعرفين يقينًا أن كسبه لا يكفي للأسرتين، فلماذا الغَيرة والحسد؟ مع أنكِ تعلمين يقينًا أنكِ تعيشين في مستوى أفضل منهم، وأنه لم يجبركِ على الإنفاق عليهم، فاحمدي الله - يا أختي - على ما أنتِ عليه، ولا تهدمي بيتكِ، ولا تضيِّعي زوجكِ.

يا أختي، انتبهي من وساوس الشيطان وكلام أصحاب السوء، نحن نعيش في حياة بين آلام وآمال، وما من أحد إلا ويعاني فيها، لكن العاقل إذا نظر إلى من هو أشد منه في المحن والابتلاء والكُرُبات، حمِدَ الله وشكره، ثم صبر واحتسب الأجر، وعاش راضيًا بما قدَّره الله عليه.

أسأل الله العظيم أن يبارك لكِ في زوجكِ وأولادكِ ومالكِ، وأن يوفقكِ لكل خير، وأن يصرف عنكِ شر الأشرار وكيد الفجَّار، وصلى الله على سيدنا محمد.