أفشيت سر شاب على الجروب

منذ 11 ساعة 15

أفشيت سر شاب على الجروب


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/4/2025 ميلادي - 22/10/1446 هجري

الزيارات: 19


السؤال:

الملخص:

فتاة علمت سرًّا عن شابٍّ مشترك معهم في جروب مختلط، وأخذ عليها عهدًا ألَّا تفشيه، فأخبرت به إحدى البنات، التي بدورها أخذت كلامها ونشرته على الجروب، فادَّعت الفتاة أنها افترت على الشاب؛ كي لا تفضحه، وهي تسأل: هل هذا من باب فضيحة المسلم؟

التفاصيل:

أنا مشتركة في جروب مشترك بين الشباب والبنات، وقد باح لي أحد الشباب بسرٍّ عنه، وأخذ عليَّ العهود ألَّا أُفشيَ سرَّه لصديقاتي من البنات، لكني بُحتُ بسرِّه لإحدى البنات اللاتي أثق فيهن، واستحلفتها بالله ألَّا تُخبر أحدًا، يعلم الله أني لم أقصِد إلا حمايتهن لأننا – في الجروب – بنات كلنا، وهو الشاب الوحيد، ولم أكن أقصِد أن أفضحه، فما كان منها إلا أن صوَّرت كلامي، ونشرته على الجروب، ولم تكتفِ بذلك بل أخبرت عني بأشياء كذبًا وزورًا، ووصل الأمر للشاب، ومن أجل الارتياح من تأنيب الضمير، كذَّبتُ كلامي، وناقضت نفسي، وادَّعيتُ أنني كنت أفتري على الشاب؛ حتى لا أكون سببًا في فضيحة هذا الشاب، ثم إنني ذهبت إليه وطلبت العذر منه، فقبِل مني، سؤالي: هل يُعَدُّ هذا من فضيحة المسلم؟ أشعر بندم شديد؛ لخيانة الأمانة، وإفشاء السر، والغيبة، والتفكير الزائد في الأمر أتعبني، وجلد الذات أرهقني؛ فأرجو حلًّا، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ أما بعد:

فقبل البدء بالإجابة، أود السؤال عن السبب لإنشاء مجموعة مع شباب وشابات، هل هذا جائز شرعًا؟

ما دمتِ تعرفين أن هناك أمانةً، وأنتِ اعتقدتِ أنكِ خُنْتِها، فهل تعرفين أصلًا معنى الأمانة حتى تقولي أنكِ خُنْتِها؟

هل تعرفين أحكام إفشاء السر، الغِيبة، النميمة وأحكام السَّتر؟

هل تعرفين حقًّا حكم العلاقة بين الشباب والشابات؟

سنتحدث أولًا عن أن الأسرار أمانة، وهي كذلك من العهود التي يجب الحفاظ عليها؛ لقوله تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34]، وقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وقد حدث هذا الأمر مع نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ ﴾ [التحريم: 3]، قال تعالى: ﴿ إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ﴾ [التحريم: 4]، ((فاعتزل النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه شهرًا من أجل الحديث الذي أفْشَتْهُ حفصةُ لعائشةَ))؛ [البخاري: 5191 في حديث طويل، كتاب النكاح، باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها].

قال ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث: "وفيه المعاقبة على إفشاء السر"؛ [شرح فتح الباري، الجزء التاسع، كتاب النكاح، باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها، ص: 227].

وكذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما خَطَبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))؛ [أخرجه أحمد: 12567].

فيتضح من الآيات والأحاديث أن إفشاء السر حرام، ولم تذكر الأحاديث كفَّارة له، ولأنه حرام، فيكفي التوبة، المهم ألَّا يكون السر الذي هُتك يصيب صاحبه بالأذى والضرر.

والحديث يطول عن أهمية حفظ السر، فهو من الأخلاق التي يجب أن يتصف بها المسلمون جميعًا؛ لذا عليكِ الإكثار من الاستغفار والتوبة، وعدم العودة بما أنكِ نادمة.

والأهم معرفة أنه من علامات النفاق، وأيضًا هو أمانة؛ لحديث رواه الترمذي عن جابر بن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا حدَّث الرجل الحديثَ، ثم التفت، فهي أمانة))؛ [رواه الترمذي حديث رقم: 1959]؛ أي: حكمُهُ حُكْمُ الأمانة، فيجب عليك كتمه.

لذا عليكِ المبادرة بالتوبة - ونحن في شهر التوبة – من هذا الفعل (إفشاء السر) وعدم العودة إليه، أما بالنسبة لعلاقة الشباب والشابات، فهذا أيضًا محرم عندنا في شرع الله، وهي من باب الفتنة، فلا يوجد علاقات تسمى (صداقة بريئة)، كما يدعي الشباب هذه الأيام لأن الأصل عدم وجود أي علاقة ومن أي نوع بين الرجال والنساء الأجانب إلا في إطار الزواج؛ لذا عليكِ المبادرة بالتوبة - ونحن في شهر التوبة - وعدم العودة إليه.

فإن من مقاصد الشريعة سدَّ الذرائع التي تُوصل إلى حرام؛ قال تعالى: ﴿ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾ [النساء: 25]؛ والمحصنات: أي: العفيفات، والمسافحات: أي: اللواتي يؤجِّرن أنفسهن مع أيِّ رجل أرادهن، والخِدْنُ: الصاحب من الرجال؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 27، 28].

لذا ولأنكِ نادمة على إفشاء السر، فما عليكِ في هذا الشهر الفضيل إلا التوبة من هذه الذنوب، والإكثار من الاستغفار، وعدم العودة لهذه الذنوب، أولًا بخروجك من هذه المجموعة، ومعاهدة نفسك أمام الله بعدم العودة إلى مثل هذه الأمور، وعدم مخاطبة الرجال إلا للضرورة، مع اتخاذ الحيطة والحذر؛ كما أمرنا الله عز وجل بعدم اللين في القول، فلا ترسلي صوتكِ، ولا تخاطبي عبر الفيديو، وهو في الأصل حرام، فهناك ضوابط صعبة لكل من الشباب الالتزام بها؛ لذا عليكِ إغلاق هذا الباب لأنه باب من أبواب الفتنة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.