الخطوبة ورؤية الخاطب في المنام

منذ 1 سنة 223

الخطوبة ورؤية الخاطب في المنام


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/3/2023 ميلادي - 26/8/1444 هجري

الزيارات: 25



السؤال:

الملخص:

فتاة تقدم إليها شاب في غربة، لن تستطيعَ أن تراه في عامَي الخِطبة، وهي تريد أن تفعل ما يفعله الفتيات مع خُطَّابهنَّ؛ من الخروج، والهدايا، وغير ذلك، وقد رأته في الرؤيا مرتين، إحداهما مبشرة، والأخرى منفرة، وتسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدم إلى خطبتي شابٌّ مغترب لأجل جمع الأموال لزواجه، خُلُقُه حَسن، طيب السمعة، كان مدخنًا، لكنه أقلع عن التدخين منذ ثلاث سنوات، أهله ذوو مكانة، وسُمعتهم طيبة، ليس هناك تكافؤٌ في المستوى الماديِّ بيننا، فأهلي أكثر مالًا من أهله، المشكلة أنه يريد الزواج بعد عامين، ولن يتاح لي أن أتحدث معه، بل ستكون الخطبة كلها أون لاين، وعندما يعود من سفره، سيتم العقد، وأخشى إن قبِلتُه أن أظلِم نفسي، فجميع الفتيات اللاتي أعرفهن يخرُجْنَ مع خُطَّابهنَّ، ويقدم الخُطَّاب لهن الهدايا، وما أشبه ذلك، وفي الوقت نفسه أشعر بالراحة كثيرًا في حديثي معه، وقد صليتُ الاستخارة، ورأيته فيما يرى النائمُ مرتين؛ الأولى: كان يقرأ لي من كتاب الله، وكان ذا صوتٍ حسن، والثانية: كان يشتري لي ذهب الخِطبة، لكني كنتُ خائفة في تلك الرؤيا، فماذا أفعل؟ أوافق أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

١- التردد عندكِ في القَبول بهذا الخاطب أو عدم القبول به واضح جدًّا، حتى إنه أثَّر عليكِ حتى في أحلامكِ.

٢- ذكرتِ أنه ذو خُلُق حسن، وسمعة طيبة، وكذلك أهله، ولم تذكري شيئًا عن أهم شيء؛ وهو دينه، ولا سيما مدى محافظته على الصلاة.

٣- ذكرتِ وجود تفاوُتٍ ماديٍّ بين أهلكِ وأهله.

٤- ذكرتِ أنه لن يستطيع الزواج إلا بعد عامين؛ لانشغاله بالعمل وجمع المال في دولة أخرى.

٥- ذكرتِ أن زميلاتكِ خرجْنَ مع خُطَّابهن واشتروا لهن الهدايا.

٦- ذكرتِ أن مما يخيفكِ أنه سيعقد عليكِ مباشرة، ثم يتم الزواج، دون أن تتعرفي عليه، وتخشين أن يسبب لكِ ذلك ظلمًا لنفسكِ.

٧- ذكرتِ أمورًا متناقضة تمامًا؛ منها أنكِ حين محادثته لكِ في الجوال تشعرين براحة، وأنكِ رأيتِهِ في حُلمَين، أحدهما حسن، والثاني مخوِّف.

٨- تسألين: ماذا تفعلين؟ وأنتِ لا تدرين هل توفَّقين أم لا، خاصة مع تفاوت المستوى المادي بين العائلتين.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: اعلمي - وفَّقكِ الله - أن المقياس الحقيقي لصلاح الزوج هو دينه وخُلُقُه، وليس مالَه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ))؛ [رواه الترمذي]، لذا فإذا كان محافظًا على الصلاة مجتنبًا للمنكرات، ذا خلق حَسن، فالأصل هو القَبول به، وعدم ردِّه، خاصة بعد الاستخارة.

ثانيًا: الأحلام لا يُعتمد عليها في اتخاذ القرارات المصيرية، فقد تكون من الشيطان للتنفير بينكما، أو حديثَ نفسٍ لا يُعتمد عليه.

ثالثًا: الأصل هو الحزم والعزم على ما فيه الخيرُ، ثم التوكل على الله سبحانه، والتردد ناتج عن معلومات مغلوطة، أو عن كثرة تفكير، أو عن مشاورة من لا يُحسن الإشارة؛ قال سبحانه: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159].

رابعًا: ما ذكرتِهِ من تفاوت ماديٍّ بين أهلكِ وأهله قد يكون له بعضُ التأثير إن كنتِ ممن يهتمون بهذه التفاوتات، أو قد تطلبين منه حاجات تفوق مستواه المادي؛ لعدم رضاكِ بأن تتفوقَ عليكِ قريباتكِ.

خامسًا: ذكرتِ على وجه التحسُّر (أن زميلاتكِ خرجن مع خُطَّابهن ...)، فأقول: هذا خطأ شرعيٌّ صريح؛ لأن الخاطب ليس زوجًا ولا مَحْرَمًا، بل ما زال رجلًا أجنبيًّا لا تجوز الخَلوة به، ولا التساهلُ بالتبرُّج أمامه، ولا بذَهابه بالمخطوبة لأي مكان، ولكنَّ الناس قد اعتادوا على كل هذه المخالفات الشرعية الصريحة، وأصبحت كأنها حقٌّ شرعيٌّ مطلق، وكأن الاعتراضَ عليه تشدد وتنطُّعٌ.

سادسًا: ذكرتِ أنكِ متخوِّفة من أن يتم الزواج بعد العقد مباشرة دون أن تعرفيه جيدًا عن طريق ارتكاب محظوراتٍ شرعية من خروج وخلوات ...

فأقول: توفيق الله سبحانه لا يُستجلب بمعاصيه، بل بالتقوى؛ لقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

سابعًا: بإمكانكِ طلبُ مدةٍ بين عقد الزواج والدخول الرسميِّ تجلسين معه، وتستكشفين من خلالها مدى حسن دينه وخلقه، ومدى ملاءمته لكِ.

ثامنًا: في هذه المدة أكْثِري من الدعاء والاستخارة، وأشغلي نفسكِ بما ينفعكِ في دينكِ ودنياكِ؛ لأن الفراغ مفسدَةٌ، ومجلَبة للمخاوف والأحزان والترددات.

تاسعًا: هيِّئي نفسكِ من الآن للتفاوت المادي بين عائلتكِ ومستوى زوجكِ المادي، وأنه لن يستطيع مجاراة مستواهم المادي، وأنه ينبغي لكِ التكيف مع مستواه، والرضا به، وعدم إزعاجه بطلبات المحاكاة والفخر والخُيَلاء.

عاشرًا: إذا استمر ارتياحكِ بعد مزيدٍ مِن الدعاء والاستخارة، فتوكلي على الله، وأقدمي، وانسفي جانبًا أمرين قد يشوشانِ عليكِ؛ هما:

الأحلام.

وصويحباتُ يوسفَ المُفسدات.

حفِظكِ الله، ودلكِ على ما فيه صلاح لكما.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.