يوم سادس من المعارك في الخرطوم... والبرهان يرفض أيّ «حديث في السياسة» مع حميدتي

منذ 1 سنة 196

تواصل إطلاق النار ودويّ الانفجارات، اليوم (الخميس)، عشية عيد الفطر في الخرطوم، فيما أكّد قائد الجيش الفريق أول عبد الفتّاح البرهان رفضه «أيّ حديث في السياسة» مع حليفه السابق الذي أصبح عدوّه اللدود قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.


وبينما يحاول المجتمع الدولي انتزاع وقف لإطلاق النار من قائدي الجيش وقوات «الدعم السريع» في نزاعهما على السلطة، حذّر البرهان في حوار عبر الهاتف مع قناة «الجزيرة» من أنّه «لا خيار إلا الحسم العسكري» إذا لم تَعُد قوات الدعم السريع إلى مواقعها التي كانت ترابط فيها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي».


وشدّد قائد الجيش في الوقت ذاته على رفضه أيّ حديث «مباشر» مع «حميدتي»، ملمّحاً إلى أنّ الطموحات الشخصية للأخير بحكم السودان هي الدافع الأساسي لهذا النزاع.

وقال البرهان، الذي سبق أن وصفه دقلو قبل أيام بـ«المجرم»، إنّ «هذه الحرب تقف وراءها أطماع شخصية لأشخاص محدودين يريدون أن يحكموا الدولة السودانية، وأن يستولوا على مقدّراتها وإمكاناتها».


وفي الخرطوم التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 5 ملايين نسمة، تسرع العائلات بالخروج إلى الطرق والفرار، هرباً من الغارات الجوية والرشقات النارية والمعارك في الشوارع والتي أودت بحياة أكثر من 270 مدنياً منذ السبت، وتتركز في الخرطوم ودارفور في الغرب.

ويقول أحد النازحين الذين فروا من العاصمة بحثاً عن مكان أكثر أماناً لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن رائحة الموت والجثث تخيّم على بعض أحياء وسط العاصمة».



صورة التُقطت أمس لآليات مدمرة في الخرطوم جراء المعارك (أ.ف.ب)


وعلى مسافة عشرات الكيلومترات من العاصمة، تستمرّ الحياة بشكل طبيعي وتفتح المنازل لاستقبال النازحين الذين يصلون في حالة صدمة، بسياراتهم أو مشياً لساعات على الأقدام مع ارتفاع سعر البنزين إلى 10 دولارات لليتر الواحد في أحد أفقر بلدان العالم.

وللوصول إلى مكان آمن، خضع هؤلاء لأسئلة وتفتيش رجال متمركزين على نقاط مراقبة تابعة لقوات «الدعم السريع» وأخرى تابعة للجيش.

وكان عليهم التقدم وسط جثث على أطراف الطريق ومدرعات وآليات صغيرة متفحمة بعد احتراقها في المعارك بالأسلحة الثقيلة، وتجنب أخطر المناطق التي تتصاعد منها أعمدة الدخان الأسود الكثيفة.


ومنذ تحول النزاع على السلطة الكامن منذ أسابيع بين الفريقين إلى معركة ضارية السبت، يبدو الوضع ملتبساً للسودانيين البالغ عددهم 45 مليون نسمة.

ودوّت الانفجارات مجدّداً، الخميس، في الخرطوم وفي الأُبيض على مسافة 350 كيلومتراً جنوب العاصمة.


وسيجتمع من جديد، الخميس، مسؤولو الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية الأخرى للدعوة إلى وقف لإطلاق النار، بينما يستعدّ المسلمون في جميع أنحاء العالم للاحتفال بعيد الفطر صبيحة الجمعة.


وذكر أطباء أنّ سلاح الجو الذي يستهدف قواعد ومواقع قوات «الدعم السريع» المنتشرة في المناطق المأهولة بالخرطوم، لا يتردّد في إلقاء قنابل على مستشفيات أحياناً.


وقالت نقابة أطباء السودان المستقلة إنه خلال 5 أيام «توقف عن الخدمة 70 في المائة من 74 مستشفى في الخرطوم والمناطق المتضررة من القتال»، إمّا لأنها قُصفت أو لنقص الإمدادات الطبية والكوادر، أو بسبب سيطرة مقاتلين عليها وطردهم المسعفين والجرحى.

واضطرت معظم المنظمات الإنسانية إلى تعليق مساعداتها وهي أساسية في بلد يعاني فيه أكثر من 1 من كل 3 أشخاص من الجوع في الأوقات العادية.


ومنذ السبت في الخرطوم، استنفد عدد كبير من العائلات المؤن الأخيرة، وتتساءل: متى ستتمكن شاحنات الإمداد من دخول المدينة؟

وقتل 3 من موظفي «برنامج الأغذية العالمي» في دارفور في بداية القتال. ولم تعد الأمم المتحدة تحصي عمليات «النهب والهجمات» على مخزونها وموظفيها، وهي تدين «العنف الجنسي ضد العاملين في المجال الإنساني».


ويأتي ذلك بينما لم ينس السودانيون المعارك والفظائع التي كلفت الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح في 2019، مذكرتي توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية» و«إبادة جماعية» في دارفور.

وخلال حرب دارفور التي اندلعت في 2003، فوض البشير دقلو سياسة الأرض المحروقة بينما كان البرهان أحد قادة جيشه.

وتضم قوات «الدعم السريع» التي أنشئت في 2013 آلافاً من المقاتلين المعروفين سابقاً باسم «الجنجويد»، ومسلّحين عرباً جنّدهم عمر البشير لخوض تلك الحرب.



قوات سودانية موالية لعبد الفتاح البرهان ببورتسودان في 16 أبريل الحالي (أ.ف.ب)