"يلقبونني بالشهيد الحيّ".. ناجٍ من مجزرة دير ياسين يروي تفاصيلها المروعة في الذكرى الـ76 للنكبة

منذ 6 أشهر 96

ارتبط اسم قرية دير ياسين الفلسطينية بإحدى أبشع المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في حق الفلسطينيين إبان النكبة. أحد الناجين يسترجع الذكرى الأليمة لهذه المأساة.

لا تزال الكوابيس تراود داوود أسعد عن اليوم الذي هاجمت فيه العصابات الصهيونية قريته الفلسطينية دير ياسين، بالقرب من القدس قبل 76 عامًا.

رأى أسعد، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 16 عامًا، بأم عينيه من نافذة قريته وهي تحترق. وبينما كان الرجال من أقربائه يقاومون الميليشيات الصهيونية التي كانت تطلق النار عليهم، هرب الفتى أسعد. 

لكن مسلحي الميليشيات قتلوا في دير ياسين أكثر من 100 فلسطيني، بمن فيهم النساء والأطفال وكبار السن، في ما أصبح يُعرف بمجزرة دير ياسين، التي وقعت في 9 نيسان / أبريل 1948.

فقد أسعد 27 فردًا من عائلته في ذلك اليوم، بما في ذلك جدته وشقيقه عمر البالغ من العمر عامين.

ويقول أسعد: "جدتي كان اسمها آمنة (...) وكان شقيقي عمر على كتفيها وهو في الثانية من عمره. تم إطلاق النار عليها بدم بارد. وأًسرتْ والدتي وشقيقتي التي كانت تبلغ من العمر ست سنوات".

"الشهيد الحيّ"

ويتابع أسعد القول: "أخذوا عمّي الذي كان معهم وأوقفوه أمام حائط، وأطلقوا عليه ثماني رصاصات في رأسه هكذا".

أما داوود أسعد، فيقول إنه نجا بأعجوبة: "وضعت نفسي على الأرض وبدأت أزحف على بطني. وفي كل مرة أصعد هكذا (...) كنت عندما أرفع رأسي إلى الأعلى، أرى الرصاص يأتي باتجاهي (...) كانوا يحاولون قتلي."

يضيف داوود أسعد: "لا أدري كيف نجوت. لقد أطلقوا عليّ لقب الشهيد الحي."

تسببت تلك المجزرة والهجمات الأخرى على القرى الفلسطينية وحرب عام 1948 التي صاحبت تأسيس إسرائيل إلى ما يسمى بالنكبة، والتي أدت إلى نزوح حوالي 700 ألف فلسطيني فروا أو أُجبروا على النزوح من أراضيهم، التي أصبحت تعرف الآن بإسرائيل.

وقد اكتسبت ذكرى النكبة أهمية جديدة هذا العام، حيث تم تهجير أكثر من ضعف هذا العدد داخل غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع.

فرّ أسعد، الذي يبلغ من العمر الآن 92 عامًا ويعيش في بلدة مونرو بولاية نيوجيرسي الأمريكية، في البداية مع آخرين إلى قرية عين كارم بعد هروبهم من دير ياسين. 

انتشرت أخبار المذبحة إلى القرى المجاورة، مما أثار الخوف بين الفلسطينيين من احتمال تعرضهم لمجازر مماثلة، وأدى ذلك إلى نزوح جماعي للفلسطينيين من منازلهم وأرضهم.

يقول الرجل الفلسطيني المسّن الذي عايش مجزرة دير ياسين: "لقد فعلوا ذلك لأنهم أرادوا إخافة الناس، وبسبب ذلك هاجر 750 ألف شخص أو تركوا منازلهم (...) خوفًا من أن يحدث لهم ما حدث في قريتي دير ياسين". ويتابع: "كانت مذابح محسوبة (...) لم تحدث هكذا دون سبب.. أرادوا إخافة الناس ليستولوا على الأرض".

بالنسبة لأسعد، فإن صور الأطفال الذين قتلتهم أو أصابتهم الغارات الجوية الإسرائيلية في الأشهر القليلة الماضية في غزة، تعيد إلى ذاكرته المشهد الأليم لشقيقه البالغ من العمر عامين وهو جثة هامدة في عام 1948.

ويقول أسعد: "ما حدث في قريتي هو نفس ما يحدث في غزة. ولكنني حقًا لا أستطيع أن أفهم لماذا (يستهدفون) هؤلاء الأطفال الصغار". ويتابع متسائلًا: "ماذا فعلوا؟ لماذا كان عليهم أن يموتوا، صغار مثل هؤلاء؟"

"لن أنسى"

المجازر التي عايشها داوود أسعد في صباه، ومأساة الشعب الفلسطيني التي ما زالت مستمرة حتى بعد مرور 76 عامًا على النكبة، تجعله يشعر بالحزن، فيقول: "لكنني رجل مؤمن وأعرف القرآن وأعرف ما سيحدث. أعلم أن بعد العسر يسرا".

وحتى الآن، لا زال داوود أسعد، الذي وُلد عام 1931، يحلم بما حصل في دير ياسين، ويبكي أحيانًا: "لا أنسى هذا أبدًا. يمكنني أن أسامح، ولكنني لا أنسى أبدًا."