لا أظن أن هناك بلداً في العالم ينطبق عليه ذلك المثل الذي جاء فيه: «خذ خير، قال: ما استحقه». –هذا هو السودان الشقيق -
وموقع السودان الاستراتيجي، ومساحته الشاسعة التي كانت، ومياهه وخصوبة أراضيه، وبتروله ومعادنه وآثاره، كلها تدعوه وتناديه - ولكن لا حياة لمن تنادي مع الأسف -
ولكن هل تريدون الصراحة التي تفرس، أم تريدون بنت عمها العمياء؟! إذا كنتم تريدون الصراحة فليس لها سوى جواب صادم واحد، وهو: فتشوا عن العسكر، فهم نقطة الضعف لا القوة، إذا كانت شغلتهم هي (الانقلابات) - وأكبر مثال: إليكم من دون أسماء ما لا يقل عن 8 دول عربية، وارجعوا لتاريخها الأول منذ بداية القرن العشرين كيف كانت قبل الانقلابات وكيف موالهم الآن؟!
ففي عام 1956 تم الجلاء ورفع العلم السوداني، وبعد سنتين فقط عبود استولى على السلطة وتدافع بعده: جعفر النميري، وهاشم العطا وبابكر النور وفاروق حمد الله، وحسن حسين.
المهم تمت الإطاحة بنميري بعد احتجاجات شعبية وتولى الحكم المشير سوار الذهب، وهو العسكري الوحيد الذي أوفى بوعده واستقال بعد سنة بطوعه من الحكم - ويستحق أن أرفع له عقالي احتراماً -
وفي عام 1989 قامت الجبهة الإسلامية بانقلابها على الديمقراطية بمساعدة الجيش، وجثم البشير على صدور الشعب ما لا يقل عن 30 سنة، وما إن سقط البشير بثورة شعبية كبيرة أتت بالبرهان رئيساً للمجلس السيادي، وعبد الله حمدوك رئيساً للوزراء، وهو الرجل المعلّم الأكاديمي الذي جاءوا به من الخارج –ولكن ما كاد أهل السودان أن يحمدوا ربهم ويستعيدوا تنفس الصعداء، حتى عاجلهم العسكري البرهان بالضربة التي قضت على حمدوك في مهده، وأصيب الشعب السوداني بإحباط، وكأني بلسان حاله يقول: (يا فرحة ما تمت).
والآن عليكم يا سادتي أن تتجرعوا السم وتستفرغوه، وأنتم تتفرجون على تلك المباراة المملّه العبثية بين البرهان وجيشه، وحميدتي و«دعمه السريع»، والذي يدفع الثمن هو الشعب السوداني المظلوم، الذي بدأ شعار (لا للحرب) ينتشر بينهم على نطاق واسع.
المضحك أن البرهان يرسل نائبه إلى موسكو ليطلب المساعدة في وقف الحرب، في الوقت الذي يلتحق ستة آلاف عنصر من الإخوان المسلمين ومخابرات الرئيس السابق البشير للانضمام للجيش، وحميدتي يستمر بالقتل والتدمير، ومع ذلك ينادي على الدول العربية بالتوسط لإنهاء الحرب.
سؤالي هو: ما مصير البرهان وحميدتي بعد نهاية الحرب، هل نطوق عنق كل واحد منهما (بإكليل من الورد)، أم بإكليل من نوع آخر؟!