"وصية الأحياء".. ما أهميتها وهل كتبتها حتى تنظم شيخوختك؟

منذ 1 سنة 156

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من أصل نحو 800 ألف أمريكي شاركوا باستطلاع في 150 دراسة، أكمل 29% فقط منهم، كتابة وصية الأحياء التي تتضمن تفاصيل رغباتهم بالرعاية، و33% منهم تعيين توكيل رسمي للرعاية الصحية، بحسب دراسة أجرتها جامعة بنسلفانيا في عام 2017.

ولم تغيّر الجائحة كثيرًا من هذا السلوك. ففي مايو/ أيار 2020، وبينما سجلت وفاة الكبار بالسن بسبب "كوفيد-19" معدلات مثيرة للقلق، وجد استطلاع أجرته مؤسسة غالوب أنّ أكثر من نصف الأمريكيين الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنهم لم يكتبوا وصية الأحياء.

ورأى الخبراء أنّ الأمر بالنسبة لكثير من الناس، مردّه إلى التردد الطبيعي في الحديث عن وفاتهم.

قالت باربرا براغانزا، الاختصاصية الاجتماعية التي عملت لمدة ثماني سنوات في منظمة "أون لوك" المجتمعية التي تقدم خدمات لكبار السن في مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية: "عندما لا يرغبون بالتحدث عن أي أمر يتعلق بالموت، سيقولون: أطفالي سيتعاملون مع الأمر". فأجيبهم: "أوه، هل يعرف أطفالك ذلك؟ هذه حوارات مفتوحة مثالية".

وتوصي براغانزا بأن يبدأ الناس بإثارة هذه القضايا مع أهلهم المسنين تدريجيًا، وتقديم سيناريوهات وخيارات مختلفة. وفي نهاية المطاف، سيحتاج الشخص إلى التوقيع على وثائق قانونية تعكس رغباته بشأن الجهة التي يفترض الاتصال بها في حال الطوارئ، ومن يمكنه اتخاذ القرارات بشأن صحته، وتحت أي ظروف قد يرغب أو لا بإنعاشه.

يمكن للاختصاصيين الاجتماعيين مساعدة الأشخاص على تحديث خياراتهم بشكل دوري، خصوصًا قبل الاختبارات المهمة مثل العمليات الجراحية، أو في حال لم يعد يقوى صانع القرار المحدد على القيام بهذا الدور.

وقد يتردّد الأولاد في فتح هذا النوع من المواضيع، لكن بحسب ما قالته براغانزا: "قد يحدث شيء ما حيث يتعيّن عليك اتخاذ قرار على الفور"، مضيفة: "نريد تجنب ذلك".

محادثة مستمرة حول الشيخوخة

يقول علماء الشيخوخة والاختصاصيون الاجتماعيون إنّ تدهور الحالة الصحية أو الحوادث، غالبًا ما تدفع بكبار السن وأسرهم إلى إدراك الشيخوخة والتخطيط لها، لكنّ هذه النقاشات لا ينبغي أن تنتظر حتى يصبح الناس مسنين.

ولفت أندرو شارلاش، أستاذ الشيخوخة الفخري بكلية الرعاية الاجتماعية في جامعة كاليفورنيا ببيركلي، إن المحادثة يجب أن تبدأ باكرًا وتستمر طوال حياة الشخص. ولا ينبغي أن يقتصر الأمر على الشيخوخة، بل يجب أن يمتد أيضًا إلى الحياة المهنية والتخطيط المالي وجوانب أخرى من الحياة.

وقال شارلاش إن "المحادثة المستمرة تمكن أفراد الأسرة من فهم ما هو مهم بالنسبة لكبار السن حتى يتمكنوا من مساعدتهم للحصول على ما يريدون". والتطرق إلى هذا الموضوع في وقت مبكر يعني أن كبار السن قد يكونون أقل توترًا لأنّ أطفالهم سوف ينظرون إليهم على أنهم لم يعود لديهم القدرة على اتخاذ القرار من دون موافقتهم.

ورأت كويدونس كورونا، المشرفة الصحة العقلية السريرية التي تعمل مع كبار السن في بيركلي، قد يكون إجراء المحادثة أكثر صعوبة كلما تأجّلت.

وشرحت: "جلست مع أحد كبار السن عندما تم تشخيص إصابته بمرض الزهايمر، وكان خائفا لأن والدته توفيت بسبب مرض الزهايمر، ورأى التدهور لدى أخيه".

بداية، اعتقدت كورونا أن خوفه مردّه للعلامات والأعراض التي كان يعاني منها، لذلك اقترحت أن تناقش الأسرة خيارات تقديم الرعاية أو ما إذا كان يجب على الرجل الانتقال إلى العيش المدعوم.

وقالت كورونا: "عندما اشتد الجدال، استلقى الرجل على الأريكة ويداه على وجهه". وأردفت: "أدركت فجأة أن ضغوطه كانت في الواقع تتعلق بما يعنيه التشخيص بالنسبة له ولعائلته".

وتحدثت كورونا مع كل فرد من أفراد الأسرة على حدة، ووضعوا خطة. ونظم بعض الأعضاء خدمات دعم منزلية، فيما وافق آخرون على التعامل مع الفواتير، وعرض آخرون المساعدة في دفعها.

تقليل مخاطر السقوط

وتتمثل إحدى وسائل التخطيط بتقييم منزل أحد أفراد أسرتك من حيث مخاطر السقوط، وتكييفه كي يستوعب أدوات المساعدة على المشي والكراسي المتحركة.

وقادت عالمة الشيخوخة الدكتورة ماتشيكو توميتا، الأستاذة السريرية لعلوم إعادة التأهيل في جامعة بوفالو بنيويورك، فريقًا لتطوير أداة تقييم السلامة المنزلية.

وحدّدت قائمتها المرجعية للمخاطر المحتملة في المنزل، والعناصر التي قد تزيد من خطر السقوط، حتى تقترح بعدها التدابير اللازمة للحد منها. وأشارت توميتا إلى أنّ واحداً من كل ثلاثة من كبار في السن يقع سنويًا، ونحو نصف هؤلاء يسقطون مجدّدًا في العام التالي. وتصنف المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها أنها السبب الرئيسي لإصابة الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا وما فوق.

وأوضحت توميتا: "يمكنك تحسين التوازن، وتدريب جسمك حتى بلوغ الـ74 من عمرك، لكن بعد بلوغك من العمر 75 عامًا، سيكون الأمر صعبًا للغاية".

وتوصي بالانتباه إلى علامات الشيخوخة قبل بلوغ سن الـ65 عامًا. ويشمل ذلك مراقبة الوزن، وشرب المياه، والتغذية، وممارسة الرياضة، وتقييم البيئة السكنية.

إلى ذلك، هناك أداة أخرى مفيدة وهي "قاعدة 40-70"، أي خطة تضعها شركة رعاية منزلية لاستهلال هذا النوع من المحادثات. وتستند القاعدة إلى تقدير تقريبي مفاده أنه عندما يقترب الأشخاص من سن الأربعين، يكون عمر أهلهم حوالي 70 عامًا، وبالتالي يعتبر الوقت المناسب لإجراء حديث عن الشيخوخة من أجل تغطية ترتيبات المعيشة، والشؤون المالية، والصحة، والقيادة، والمواعدة، وقضايا نهاية الحياة.

وفي هذا الخصوص، أفاد جيك هاروود، أستاذ الاتصالات في جامعة أريزونا الذي ساهم بوضع قاعدة 40-70 على الصفحة الرئيسية أنّ: "أحد الدوافع وراء سن 40-70 يتمثّل بأنه ربما يجب أن يكون العمر محدّدًا عوض انتظار وقوع أمر ما". وأضاف: "إذا حدث شيء ما، يمكنهم وضع الخطة موضع التنفيذ".

ويعتقد هاروود أن على كبار السن البدء بالمحادثة، لأنّ الأجيال الشابة قد تخاف من الإساءة إلى أهلها أو إحراجهم بهذا الموضوع.