بقلم: يورزنيوز • آخر تحديث: 03/04/2023 - 12:01
روز فرايزر تجلس بين ممتلكاتها في نيو أورلينز بعد قرار المحكمة بإخلاء مزلها - Copyright AP Photo/Gerald Herbert
على مدى ثمانية أعوام تقريباً، كانت لاين كارولين (32 عاماً) تعمل لدى منصة طلب توصيل في ولاية فيرجينيا الأمريكية، ما كان يؤمّن لها مالاً يكفيها للعيش ودفع الفواتير، لكن تراجع حالتها الصحية فجأة أرغمها على التوقف عن العمل والتأخر في دفع الإيجار، ما ينذر باحتمال طردها من مسكنها.
وكارولين واحدة من المستأجرين في الولايات المتحدة الذي يواجهون خطر الطرد من مساكنهم في ظلّ تزايد التضخّم وارتفاع الإيجارات وانتهاء المساعدات التي كانت تقدّمها الحكومة في أوج جائحة كوفيد-19.
وتشهد الولايات المتحدة سنوياً 3,6 ملايين قضية إخلاء، حسبما قال المدير المساعد في "مختبر الإخلاء" في جامعة برينستون بيتر هببورن. لكن هذا الرقم تراجع إلى حد كبير خلال فترة الجائحة.
وتشير أرقام "مختبر الإخلاء" إلى أن أعداد قضايا الإخلاء عادت لترتفع مع انتهاء تدابير مكافحة تفشي كوفيد-19 ورفع مساعدات فترة الجائحة.
في محاكم ولاية فيرجينيا، قال مستأجرون يعتمدون فقط على رواتبهم للعيش دون إمكان الإدّخار إن أي حادث صحي غير متوقع يكفي لإرسالهم أمام قاضٍ مع ملف الإخلاء.
وتقول كارولين إنها مدينة بأكثر من عشرة آلاف دولار برسوم الإيجار ورسوم أخرى، غير أنها لا تستطيع العودة إلى وظيفتها بعد تشخيص إصابتها بداء غريفز ودخولها المستشفى في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت.
وتوضح "كان المرض يتسبب لي برؤية مزدوجة ولم يعد من الآمن أن أقود مركبة". وتضيف "أشعر بضباب دماغي ما يجعل قدرتي على التفكير شبه مستحيلة".
وتشير كارولين إلى أنها لا تستطيع تحمّل تكاليف تقديم استئناف في قضية الإخلاء الخاصة بها والتي تتطلّب منها تسديد إيجارها، لذلك لم يعد لديها خيارات إلّا أن تنتظر خروجها من المأزق بطريقة ما.
"غضب وإحباط وعار"
ولفت بيتر هببورن من "مختبر الإخلاء" في جامعة برينستون إلى تسجيل "ارتفاع مطرد" في قضايا الإخلاء خلال العام المنصرم حتّى باتت الأرقام حالياً تقترب من أرقام قبل الجائحة.
وارتفعت أعداد هذه القضايا في الولايات العشر والمدن الـ34 التي يركّز عليها "مختبر الإخلاء"، من نحو 6600 قضية في نيسان/أبريل 2020 خلال جائحة كوفيد-19 إلى أكثر من 96800 في كانون الثاني/يناير 2023.
وسبق أن اتفقت كارولين مع مالك العقار على خطّة لسداد الإيجار، لكن الالتزام بها لم يعد ممكنًا مع تدهور صحتها وعجزها عن جني المال.
وتضيف "لم أستطع كسب ما يكفي من المال، تمكّنت من كسب 800 دولار قبل أن تسوء صحتي لدرجة عجزي عن العمل. كان عليّ الاختيار بين استخدام هذا المبلغ لتسديد الإيجار وشراء طعام وبعض الأدوية".
وتتابع "هناك غضب وإحباط وشعور بالذنب وحتى بعض العار وهي مشاعر ربما يجب ألا أشعر بها لأنني مريضة بالفعل، وهذا ما يجب أن أتقبّله".
يعيش أكثر من ثلث سكان الولايات المتحدة في مساكن مستأجرة، وحصلت بعض الأسر على موافقة للحصول على دعم لكنهم لم يحصلوا عليه مع نضوب التمويل، ما أدّى إلى تراكم متأخرات زادت قيمتها على عشرة آلاف دولار.
لكن كثيرين أيضاً "مدينون بمبالغ أقلّ ولا يستطيعون ببساطة مواكبة الزيادة في الإيجارات"، بحسب المحامية في منظمة "الخدمات القانونية في شمال فيرجينيا" ماري هورنر.
في عاصمة ولاية فيرجينيا ريتشموند، الوضع قاتم أيضاً، وسط فرص قليلة وزيادات مرتفعة في الإيجارات، بحسب مدير التقاضي في جمعية المساعدة القانونية بوسط فيرجينيا مارتن فيغبريت.
تقول يولاندا ويلسون (45 عاماً) إنها اضطرّت إلى شراء سيارة جديدة كانت تحتاج إليها للعمل، بمبلغ كانت تنوي تسديد إيجارها به، بعدما احترقت سيارتها القديمة، ولذلك أصبحت أمام قضية إخلاء فيما يتوجّب عليها تسديد 2900 دولار.
"لا يدركون حقوقهم"
وتلفت المحامية هورنر إلى أن عملية الإخلاء تحدث صدمة لدى البعض، خصوصاً أن "معظم المستأجرين غير ممثلين بمحامين، وقد لا يدركون ماهية حقوقهم".
للمثول أمام المحكمة، يتعين على العديد منهم أخذ إجازة من العمل وغالباً ما يجلبون أطفالهم لأنهم عاجزون عن وضعهم في دور رعاية أطفال.
وتقول المستأجرة دايموند (25 عاماً) التي لم تكشف اسمها الكامل، إنها عادت إلى وظيفتها بعد إنجابها طفلاً بفترة وجيزة خوفاً من أن تُطرد من مسكنها.
وتضيف "إن الوضع مثير للتوتر لأن لدي طفل صغير، لا أحد يريد أن يعيش في الشارع".
ورغم إعلان إدارة الرئيس جو بايدن إجراءات لتعزيز العدالة في سوق الإيجارات، سيستغرق الأمر وقتاً حتى يتغيّر المشهد.
ويشير هيبورن إلى أن المستأجرين من السود يواجهون مخاطر أكبر في قضايا الإخلاء، ومن المرجح أن يتم إدراج النساء ضمن قائمة المدعى عليهم، فيما المستأجرون الذين لديهم أطفال هم أكثر عرضة للطرد.
ويقول "العوامل الاقتصادية تفسّر ذلك، لكن لا نستطيع أيضاً إلغاء دور التمييز".