وسط جدل حول قرارات سعيّد بخصوص المعارضين والمهاجرين.. تونس تدعو البعثات الدبلوماسية لعدم التدخل

منذ 1 سنة 158

دعت وزارة الخارجية التونسية الثلاثاء البعثات الدبلوماسية في بلادها الى "عدم التدخل" في شؤونها الداخلية مستندة في ذلك الى تقارير اعلامية عن لقاءات جمعت دبلوماسيين أجانب بشخصيات معارضة تم توقيفها مؤخراً.

وقالت الوزارة في بيان "تونس حريصة على تسهيل عمل واتصالات البعثات الدبلوماسيّة المعتمدة لديها خدمة لعلاقات الصداقة والتعاون مع البلدان الشقيقة والصديقة، مع التقيّد بمقتضيات اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسيّة التي تنصّ على واجب احترام الدبلوماسيين لقوانين الدولة المعتمدين لديها وعدم التدخل في شؤونها الدّاخلية".

ويلاحق القضاء التونسي نحو عشرين شخصاً من معارضين من الصف الأول للرئيس قيس سعيّد واعلاميين ورجال أعمال، بينهم القيادي في "جبهة الخلاص الوطني" جوهر بن مبارك ورجل الأعمال كمال اللطيف والوزير السابق لزهر العكرمي والناشط السياسي خيام التركي ومدير المحطة الاذاعية الخاصة "موزييك اف ام" نور الدين بوطار.

وجاء موقف الوزارة "على إثر ما تم تداوله في عدد من وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بخصوص تتبّع بعض الأشخاص على خلفيّة اتصالاتهم مع بعثات دبلوماسية معتمدة بتونس".

وذكرت وسائل اعلام محلية أن الموقوفين التقوا دبلوماسيين وممثلين لدول أجنبية في تونس.

ويصف سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ 2021، المتهمين "بالارهابيين وبالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

ولم يصدر القضاء التونسي بعد الاتهامات الموجهة إليهم.

يسعى سعيّد إلى تأسيس مشروعه السياسي القائم على نظام رئاسي ووضع حد للنظام البرلماني الذي تم اقراره إثر ثورة 2011 التي أطاحت نظاماً دكتاتورياً ووضعت البلاد على طريق انتقال ديمقراطي فريد في المنطقة فيما أصطلح على تسميته "الربيع العربي".

وفي تموز/يوليو 2022 تم إقرار دستور جديد إثر استفتاء شعبي، تضمن صلاحيات محدودة للبرلمان مقابل تمتع الرئيس بغالبية السلطات التنفيذية منها تعيين الحكومة ورئيسها.

ومطلع العام الحالي جرت انتخابات نيابية لم يشارك فيها نحو تسعين في المئة من الناخبين.

مهاجرون من جنوب الصحراء يلوذون بسفارات بلدانهم في تونس

وفاجأ الرئيس التونسي قيس سعيد دول المنطقة بخطاب تحدث فيه عن "مؤامرة" وراء تدفق مهاجري أفريقيا جنوب الصحراء على البلاد. خطاب تضمن قيوداً مشددة، ما صدم المهاجرين وأثار مخاوفهم، ووصفه منتقدوه بـ"العنصري" والخطير.

,اتخذ نحو مئة من المهاجرين من دول جنوب الصحراء ومن بينهم ما لا يقل عن عشرة أطفال، من مقر سفارات بلدانهم في العاصمة تونس ملجأ للنوم داخلها أو أمامها إثر طردهم من منازلهم بعد الاعلان عن "اجراءات" من قبل السلطات التونسية.

وأمام مقر سفارة ساحل العاج، يتواجد حوالى خمسين منهم يخيّمون على الأرض، بينهم 11 طفلاً تراوح أعمارهم بين شهرين وسنتين. كما ينام البعض منذ أربعة أيام ملتحفين بأغطية، وفقاً لصحافي فرانس برس.

وتقول روكية كوني (23 عاماً) لفرانس برس ورضيعها إلى ظهرها "نحن بحاجة إلى حفاضات وحليب أطفال وليس لدينا ما نأكله".

ويظهر العديد من المهاجرين قطعاً من الخبز اليابس التي تشكل وجبتهم الوحيدة. وقامت تونسية بجلب غطاء لهم يلتحفوا به ليقيهم برد الليل.

تسأل الناشطة منية غزالي خريف "أين المنظمات غير الحكومية والجمعيات والهلال الأحمر والمنظمات الدولية مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أو المنظمة الدولية للهجرة؟".

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد شدد الأسبوع الفائت على وجوب اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده، مؤكّداً أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم".

وجاءت تصريحات سعيّد خلال ترؤّسه في قصر قرطاج اجتماعا لمجلس الأمن القومي الثلاثاء "خُصّص للإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها لمعالجة ظاهرة توافد أعداد كبيرة من المهاجرين غير النظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس"، وفق بيان للرئاسة التونسية.

من جانبه أكد وزير الخارجية التونسي نبيل عمّار الاثنين في مقابلة مع وكالة فرانس برس أن بلاده تبعث برسائل "طمأنة" لكنها تستبعد الاعتذار اثر الانتقادات التي اعتبرت خطاب سعيّد في خصوص المهاجرين "عنصرياً".

ونددت العديد من المنظمات غير الحكومية بالخطاب ووصفته بأنه "عنصري ويدعو للكراهية"، كما استنكره الاتحاد الأفريقي واعتبر تصريحات الرئيس "صادمة" ودعا الدول الأعضاء إلى "الامتناع عن أي خطاب عنصري يحض على الكراهية".

وتجمع ما لا يقل عن مئتي شخص خارج سفارة ساحل العاج الثلاثاء، بينهم العشرات للتسجيل في قائمة مفتوحة منذ الجمعة للاستعداد لعمليات الاجلاء إلى بلدهم.

تمكن البعض من تسجيل أسمائهم ولكن ليس لديهم مكان يقصدونه بعد أن صدرت تعليمات لأصحاب المنازل التي كانوا يسكنونها بطرد المهاجرين غير الشرعيين.

مالي تندد بوضع "غير مقبول" لمواطنيها المهاجرين في تونس

وفي ردة فعل على ما صرح به سعيّد، اعتبرت مالي الثلاثاء أن "العنف الجسدي وإخلاء المباني ومصادرة الممتلكات، مشاهد غير مقبولة" يتعرض لها المهاجرون الماليون في تونس، خلال جلسة في باماكو ضمت دبلوماسيين من البلدين.

وأعرب الأمين العام لوزارة الخارجية في مالي سيدو كوليبالي في بيان عن "مخاوف جدية" لدى حكومة مالي بشأن وضع المهاجرين من جنوب الصحراء بشكل عام ومواطنيه خصوصاً، وبينهم طلاب ماليون في تونس.

كذلك أشار إلى أن حماية الماليين في تونس وأمنهم من مسؤولية السلطات التونسية، ودعا الحكومة التونسية إلى "اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان السلامة الجسدية" لمواطنيه و"حماية ممتلكاتهم".

ودعت سفارة مالي في تونس رعاياها في بيان الجمعة إلى "الهدوء واليقظة" طالبة "ممن يرغبون، التسجيل للعودة الطوعية".

وسلط القائم بالأعمال التونسي الضوء الاثنين خلال الجلسة في باماكو على "جهود للتهدئة" تبذلها السلطات التونسية في هذا الاتجاه، مشدّداً على "ضرورة العمل معاً من أجل هجرة نظامية".

كما أشار البيان إلى أن وزيري خارجية البلدين أجريا محادثة هاتفية "حول الموضوع نفسه".

وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال وزير الخارجية التونسي نبيل عمار الإثنين إن بلاده تدعو إلى "التهدئة"، من دون تقديم اعتذار عن مواقف الرئيس التونسي.