وسط احتياجات متزايدة.. السعودية تعمل على إعادة إعمار ما دمّرته الحرب في اليمن

منذ 1 سنة 123

قال مسؤولون سعوديون إنه لم يكن هناك خيار أمامهم حين شكلوا تحالفًا عسكريًا في آذار/ مارس 2015 وأرسلوا طائرات مقاتلة للإطاحة بالمتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران، الذين أحكموا سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء.

تزينت مستشفى في جنوب اليمن بالورود وفرش السجاد الأحمر عند مدخلها هذا الشهر، في إطار مراسم حفل إعادة افتتاح جناح مرضى القلب بعد تجديده بتمويل سعودي.

ومع ذلك، تم إخراج العديد من المرضى من ردهة المنشأة الطبية المكيفة وأجبروا على الانتظار لساعات في الخارج في حرارة خانقة، وهم يشكون "أنا متعب! أنا مريض!" أثناء مرور شخصيات كبيرة من بينهم سفير السعودية.

إعادة الإعمار

بعد ثماني سنوات من تشكيل تحالف لإسقاط الحوثيين وإعادة تثبيت الحكومة، تروّج السعودية لمشاريع لإعادة الإعمار والتنمية بمئات الملايين من الدولارات في الوقت الذي تدفع فيه من أجل السلام في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

وقال السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر لوكالة فرانس برس على هامش زيارة إلى عدن: "هدفنا واضح: يمن آمن ومستقر ومتطور".

وجاءت تصريحات آل جابر بعد جولة في مستشفى عدن العام والمباني السكنية القريبة ومطار عدن الدولي، وهي منشآت أعيد إعمارها بتمويل من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

لكنّ المشهد في المستشفى يوضح أنّ تلبية احتياجات السكان الذين يعانون من آثار القصف الجوي والمعارك المحيطة بالمدن، ستكون مهمة صعبة.

وتسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف أشخاص إما بشكل مباشر من خلال القتال أو بشكل غير مباشر عبر الجوع والمرض، بينما نزح ملايين عن ديارهم.

والاحتياجات كبيرة جدًا في عدن لدرجة أنه بدلاً من الاسترخاء خلال حفل المستشفى، شعر بعض الأطباء بالقلق بشأن عشرات المواعيد التي تعين عليهم إعادة جدولتها.

وأوضح الطبيب عبد الوهاب المطري أنّ العديد منها مخصّصة للمرضى المعدمين الذين سافروا لمسافات طويلة لبلوغ أحد المرافق القليلة التي تقدم رعاية طبية مجانية.

وتساءل المطري: "هل هذا كافٍ؟"، مشيرًا إلى أسّرة المستشفى الجديدة ومعداتها، قبل أن يجيب سريعًا "بالطبع إنها ليست كذلك".

سلام في الأفق؟

قال مسؤولون سعوديون إنه لم يكن هناك خيار أمامهم حين شكلوا تحالفًا عسكريًا في آذار/ مارس 2015 وأرسلوا طائرات مقاتلة للإطاحة بالمتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران، الذين أحكموا سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء قبل ذلك بأشهر قليلة.

وأشاروا إلى تهديدات للأراضي السعودية أبرزتها عدة هجمات على منشآت نفطية، بما في ذلك هجوم في أيلول/ سبتمبر 2019 على منشآت تابعة لشركة أرامكو، أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنه لكنه نُسب إلى إيران على نطاق واسع، ما أدى إلى خفض إنتاج أكبر مصدر للنفط في العالم إلى النصف بشكل مؤقت.

وكانت العواقب وخيمة على سكان اليمن. فبحلول أيلول/ سبتمبر 2021، تسبّبت أكثر من 23 ألف غارة جوية نفذها التحالف في مقتل أو إصابة 18 ألف مدني، بحسب تقرير لجنة خبراء عينتها الأمم المتحدة.

وسُجّل تراجع في القتال بشكل كبير بعد إعلان هدنة في نيسان/ أبريل 2022.

والآن، بعدما فشل السعوديون في طرد الحوثيين، يحاولون التوسط في وقف إطلاق نار أكثر استدامة.

والشهر الماضي، زار آل جابر صنعاء لإجراء محادثات مع مسؤولين من بينهم القائد الحوثي علي ناصر قرشة، الذي سبق وأدرجته الرياض على قائمة المطلوبين بتهمة ارتكابه جرائم مرتبطة بـ"الإرهاب"، وعرضت 5 ملايين دولار للحصول على معلومات تؤدي إلى اعتقاله أو مكان وجوده.

وانتهت اجتماعات صنعاء دون اتفاق جديد، رغم أن آل جابر قال لفرانس برس إنه يعتقد أن جميع أطراف الحرب "جديون" بشأن الرغبة في السلام.

إصلاح الضرر

في الوقت ذاته، تحاول الرياض الترويج لمساعيها لإعادة إعمار اليمن، والتي أشار آل جابر إلى أنها تتضمن إيداع مليار دولار في وقت سابق من هذا العام في البنك المركزي اليمني، وصندوق مشتقات نفطية بقيمة 600 مليون دولار، ومشاريع بقيمة 400 مليون دولار مثل المستشفى والمطار.

حتى أنّ المسؤولين نقلوا مؤثّرين سعوديين مثل الممثل فايز المالكي، الذي اشتهر بشخصيته السينمائية مناحي، إلى عدن لمقابلة المستفيدين من إعادة إعمار المنازل الممولة سعوديًا.

وقالت يمنية تُدعى سماح الحسيني: "هذه أوّل مرة يساعدنا أحد وأنتم دولة الخير والبركة"، في تسجيل نشره المالكي لملايين من متابعيه على تويتر وتطبيق سناب شات.

بالنسبة للعديد من المراقبين، فإنّ مثل هذه المبادرات غير كافية على الإطلاق عند الحكم على ما قامت به السعودية في اليمن طوال الجزء الأكبر من عقد من الزمان.

وقالت الباحثة في شؤون اليمن في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية نيكو جافارنيا لفرانس برس: "لم يكن هناك أي نقاش حول المساءلة عما فعلوه بالبلد، وما فعلوه بالناس والبنية التحتية".

وأضافت: "إنه مطلب قانوني أن يصلحوا الضرر الذي تسببوا فيه، وهو ضرر هائل".

وتشدّد مجموعات الإغاثة أيضًا على ما تصفه بالتزامات السعودية الضخمة -وطويلة الأجل - تجاه إعادة إعمار اليمن.

وقالت المديرة القطرية لليمن في مجلس اللاجئين النروجي إيرين هاتشينسون لفرانس برس إنّ "السعودية والدول الأخرى التي لعبت دورًا مباشرًا أو غير مباشر في هذه الكارثة، يجب أن تتقدم لدعم ملايين المدنيين اليمنيين الذين تحملوا وطأة هذا النزاع الوحشي".