تأتي زيارة رئيسي لسوريا في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي. وتتزامن كذلك مع انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ اندلاع النزاع عام 2011.
يعتزم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زيارة سوريا "في مستقبل قريب"، وفق ما أعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الجمعة في بيروت، في زيارة ستكون الأولى لمسؤول إيراني في هذا المنصب إلى دمشق.
وقال عبد اللهيان وفق الترجمة الرسمية العربية لتصريحاته بالفارسية خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر سفارة بلاده في ختام زيارة لبيروت استمرت يومين، "التعاون بين طهران ودمشق يشتمل على أبعاد متنوعة، وفي هذا الإطار في مستقبل قريب، وضعنا برنامجاً وخطة من أجل زيارة فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور رئيسي إلى سوريا".
وذكرت صحيفة "الوطن" المقربة من دمشق الجمعة إن زيارة رئيسي، وهي الأولى لرئيس إيراني إلى سوريا منذ عام 2010، ستستمر ليومين، وسيجري خلالها "مباحثات رسمية مع الرئيس بشار الأسد تتضمن تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين وخصوصاً في الجانب الاقتصادي".
وتأتي زيارة رئيسي لسوريا في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي. وتتزامن كذلك مع انفتاح عربي، سعودي خصوصاً، تجاه دمشق التي قاطعتها دول عربية عدة منذ اندلاع النزاع عام 2011.
كما تأتي بعد أيام من اجتماع استضافته موسكو بحضور إيران وجمع مسؤولين سوريين وأتراكاً، في خطوة تأتي في إطار مساع لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة.
وتعدّ إيران داعماً رئيسياً لدمشق، وقدمت لها منذ بدء النزاع في العام 2011 دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وقد بادرت في العام 2011 إلى فتح خط ائتماني لتأمين احتياجات سوريا من النفط خصوصاً، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش السوري في معاركه. وساهم هؤلاء في ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية على جبهات عدة.
ووقّع البلدان اتفاقات ثنائية في مجالات عدة خلال السنوات الماضية، تضمن أحدها مطلع عام 2019 تدشين "مرفأين هامين في شمال طرطوس وفي جزء من مرفأ اللاذقية".
وزار الأسد طهران مرتين بشكل معلن خلال السنوات الماضية، الأولى في شباط/فبراير 2019 والثانية في أيار/مايو 2022، والتقى خلالها رئيسي والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي.
وزار الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد دمشق في 18 أيلول/سبتمبر 2010، قبل ستة أشهر من اندلاع النزاع الذي أودى بأكثر من نصف مليون سوري واستنزف الاقتصاد ودمّر البنى التحتية وتسبب بنزوح وتهجير أكثر من نصف عدد السكان داخل البلاد وخارجها.
وزيارة عبداللهيان للبنان هي الثانية منذ بداية العام. وقد التقى مساء الخميس الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، بحسب ما أعلن الحزب. كذلك، التقى أبرز المسؤولين اللبنانيين قبل أن يتوجه في وقت سابق الجمعة إلى جنوب لبنان حيث زار "حديقة إيران" في بلدة مارون الراس الحدودية.
وعلى صعيد أزمة انتخاب رئيس لبناني بعد ستة أشهر من استمرار الشغور، كرر عبداللهيان الجمعة دعوته إلى انتخاب رئيس من دون تأخير، وقال "لم ولن نتدخل بتاتا في انتخاب الرئيس اللبناني (...) عندما يتفق اللبنانيون على أي شخص سندعمه وهذا شأن لبناني داخلي".
إلى ذلك، أكد أن "التوافق بين إيران والسعودية له أثار وتداعيات إيجابية على مستوى المنطقة برمتها ولبنان بشكل خاص".