ورشة سرية استمرت لـ30 سنة في القدس تكشف عن مقهى أثري

منذ 1 سنة 215

الصدفة وحدها كانت وراء اكتشاف الفلسطيني عماد أبو خديجة وجود طرق وأماكن أسفل وفي محيط متجر عائلته في "باب السلسلة" قرب المسجد الأقصى في البلدة القديمة لمدينة القدس.
وكان خروج فأر من تلك الأماكن المغمورة بالتراب كفيلاً ببدء عماد ورشة عمل سرية استمرت 30 سنة لرفع التراب عنها، واكتشاف طرق وغرف تعود إلى الحقب الرومانية والصليبية والمملوكية.
وأتاح ذلك الاكتشاف توسيع أبو خديجة لمتجره من طول ستة أمتار ليصبح 38 متراً بارتفاع خمسة أمتار، وذلك بعد إزالة التراب من تلك المساحة.
وكشفت إزالة التراب عن آثار تاريخية مغمورة أسفله، إضافة إلى باب أسفل التوسعة الجديدة يؤدي إلى شبكة طرق تؤدي إلى المسجد الأقصى وحائط البراق وباب العامود.
وبحسب خبراء الآثار، فإن تلك الشبكة كانت طرقاً بناها الرومان في عام 135 خلال فترة الحاكم الروماني هيدريانوس الذي بنى مدينته الجديدة "إيليا كابتولينا" بمناسبة مرور 21 عاماً لاعتلائه سدة الحكم.

IMG20221209190221.jpg

مقهى شعبي

وحول عماد متجره إلى مقهى شعبي يستقبل فيه أناساً من مختلف أنحاء العالم الذي يقصدون البلدة القديمة وما فيها من أماكن مقدسة. ويقع المقهى على مفترق الطرق بين المسجد الأقصى وحائط البراق الذي يعتبره اليهود من أقدس الأماكن الدينية بالنسبة لهم.
وقال عماد أبو خديجة لـ"اندبندنت عربية"، إن المقهى يقع في مكان يضم حقباً تاريخية تعود إلى الفترة الرومانية والصليبية والمملوكية. وأضاف أن المكان تقع تحته شبكة طرق تصل بالمسجد الأقصى الذي يبعد عنه نحو 20 متراً، وحائط البراق.

ولهذا السبب، فإن الجمعيات الاستيطانية لم تتوقف عن محاولات شراء المقهى، وعرضت على عماد ملايين الدولارات لبيعه خلال السنوات الماضية، لكنه رفض ذلك بشدة، "لأن مكان المقهى وقف إسلامي مؤتمن عليه، ولا يحق لي بيعه"، كاشفاً أنه تلقى عرضاً إسرائيلياً للبيع مقابل 40 مليون دولار أميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

محاولات التضييق

وفي خطوة لافتة، يمنع أبو خديجة مرتادي المقهى من تدخين السجائر فيه، "فهناك غرامة بنحو 150 دولاراً على كل مدخن في هذا المقهى فقط". ويرجع ذلك إلى "سلسلة لا تنتهي من محاولات التضييق علي، لدفعي إلى بيع المقهى، تبدأ بالضرائب الباهظة ولا تتنهي برفض منحي رخصة لتحويل المقهى إلى مطعم".
وتوصل شبكة الطرق الموجودة أسفل المقهى بشارع "الكاردو" الروماني، الذي يمتاز بأعمدته، وعلى جانبيه  محلات تجارية، ويُفضي إلى ساحة صغيرة تشبه المسرح.
ويعتبر خبراء الآثار أن ذلك الشارع كان الشريان الرئيس للقدس الرومانية، وشاهداً على حضارتها المزدهرة في القرون الأولى بعد ولادة السيد المسيح.
وقال عالم الآثار الفلسطيني إبراهيم الفني إن "الإمبراطور هيدريانوس عمل على ترميم مدينة القدس التي كانت تسمى إيليا كابتولينا لتصبج جوهرة الشرق الأدنى التي تميزت مدنه الرومانية، مثل سبسطية، وجرش، وقيسارية، وصفورية، وبيت جبرين، بشبكة طرق عريضة التي تربطها ببعض البعض".
وأوضح إبراهيم الفني "كانت مدينة إيليا كابتولينا بمكان القلب من هذه الشبكة".

IMG20221209190216.jpg

العصران الأيوبي والإفرنجي

من جهة أخرى، اعتبر المسؤول عن الآثار في دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس يوسف النتشة أن "بناء القاعة التي اكتشفها أبو خديجة يعود إلى العصرين الأيوبي والإفرنجي واستُخدمت لاحقاً في العصرين المملوكي والعثماني". وأوضح النتشة أن العمارة بالبلدة القديمة للقدس تتضمن "إفضاء الأبواب الصغيرة إلى ساحات ومبان واسعة، الأمر الذي يعزى إلى أن البلدة اعتُمدت كمكان للاستقرار على مر العصور". وشدد النتشة على أن "الاكتشاف الجديد يميط اللثام عن سر من أسرار البلدة القديمة في العصور الوسطى يتهدده الصراع المحموم للاستيلاء على العقارات فيها".