واشنطن تقلّص جهود مكافحة حملات التهديد الروسي وسط تقارب ترامب مع موسكو

منذ 4 ساعة 12

وفقًا لوكالة رويترز، أوقفت وكالات الأمن القومي الأمريكية بعض جهودها المنسقة لمكافحة عمليات التخريب، والتضليل والهجمات الإلكترونية الروسية، مما يخفف الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا بشروط تصبّ في صالح موسكو.

وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد وجّه فريقه الأمني في العام الماضي إلى تشكيل مجموعات عمل لمتابعة تصاعد الحرب الخفية التي تشنها روسيا ضد الدول الغربية، وفقًا لتحذيرات الاستخبارات الأمريكية. وشملت هذه الخطة مجلس الأمن القومي الأمريكي (NSC) إلى جانب سبع وكالات أمنية تعمل بالتنسيق مع الحلفاء الأوروبيين لتعطيل العمليات التخريبية التي تستهدف الولايات المتحدة وأوروبا.

لكن مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني، توقفت معظم هذه الجهود، بحسب 11 مسؤولًا حاليًا وسابقًا تحدثوا إلى وكالة رويترز بشرط عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية الموضوع. ولم تعقد اجتماعات منتظمة بين مجلس الأمن القومي الأمريكي والمؤسسات الأمنية الأوروبية، كما توقفت عمليات التنسيق الرسمية بين الوكالات الأمريكية، بما في ذلك مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ووزارة الأمن الداخلي ووزارة الخارجية.

لم يتضح بعد ما إذا كان ترامب قد أصدر توجيهًا مباشرًا بوقف هذه الجهود أو ما إذا كانت بعض الوكالات لا تزال تعمل على تعيين موظفين جدد أو تضع سياسات خاصة بها بعيدًا عن البيت الأبيض. ومع ذلك، أعرب مسؤولون سابقون شاركوا في هذه الجهود عن قلقهم من أنإدارة ترامب تتجاهل تهديدات موسكو رغم التحذيرات الاستخباراتية المتكررة.

وفي سياق مشابه، أوقف مكتب التحقيقات الفيدرالي الشهر الماضي برنامجًا كان يهدف إلى مكافحة التدخلات الأجنبية في الانتخابات الأمريكية، كما تم تسريح موظفين في وزارة الأمن الداخلي كانوا يعملون على هذا الملف. كذلك قامت وزارة العدل بحلّ الفريق المسؤول عن مصادرة أصول رجال الأعمال الروس.

تحول في سياسة واشنطن تجاه أوروبا

يأتي هذا التغيير في وقت يعيد فيه ترامب تشكيل سياسة واشنطن تجاه أوروبا وأوكرانيا، مما يثير مخاوف بين مسؤولين أمريكيين وأوروبيين حاليين وسابقين من أن يؤدي ذلك إلى فرض هدنة تصبّ في مصلحة موسكو.

ويرى محللون أن تقليص الجهود الأمريكيةلمكافحة الحرب غير التقليدية التي تشنها روسيا يشكل تهديدًا مباشرًا على الأمن القومي. وعلّقت كوري شاكي، مديرة دراسات السياسة الدفاعية والخارجية في معهد أميركان إنتربرايز، قائلة: "نحن نختار إغماض أعيننا عن أعمال عدائية محتملة ضدنا".

تصاعد العمليات الروسية

خلال السنوات الثلاث الماضية، قامت موسكو بتجنيد عناصر إجرامية في أوروبا لتنفيذ عمليات تخريبية، شملت محاولات اغتيال، وهجمات حرق متعمد، وزرع متفجرات في طائرات شحن. كما لجأت روسيا إلى حملات التضليل والهجمات الإلكترونية لتقويض الدعم الغربي لأوكرانيا.

وبينما انخفض عدد الهجمات في أواخر عام 2024، تحذر الأجهزة الاستخباراتية من أن موسكو ستواصل نهجها العدائي ما دام الدعم الغربي لكييف مستمرًا.

مخاطر أمنية وتهديدات مستقبلية

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات، كثّفت موسكو عملياتها الاستخباراتية السرية لإضعاف التحالف الغربي الداعم لكييف. ووفقًا لمسؤولين غربيين، شملت هذه العمليات هجمات على مستودعات أوروبية، بما في ذلك حريق استهدف منشأة في لندن لها صلات برجل أعمال أوكراني.

وفي محاولة للتصدي لهذا التصعيد، أنشأت إدارة بايدن فرق عمل لتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوروبا، والتخطيط لاستجابات مشتركة ضد العمليات التخريبية. وأثمرت هذه الجهود عن إحباط عدة هجمات، من بينها مخطط لاستهداف الرئيس التنفيذي لشركة "راينميتال" الألمانية، التي تزود أوكرانيا بأسلحة، حيث تمكنت برلين من إحباط محاولة الاغتيال بدعم استخباراتي أمريكي.

لكن في ظل الإدارة الجديدة، تراجع هذا التنسيق، وسط مؤشرات على أن واشنطن قد تتجه نحو زيادة التمثيل الدبلوماسي الروسي في العاصمة الأمريكية، وهو توجه يتناقض مع مواقف الحلفاء الأوروبيين.

ورغم تعليق بعض الجهود، أكدت وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية (CISA) أنها ستواصل العمل على حماية البنية التحتية الأمريكية من التهديدات الإلكترونية، بما في ذلك الهجمات الروسية.

في المقابل، تواصل موسكو استغلال الثغرات الأمنية لتوسيع نفوذها، مما يجعل التساؤلات حول مدى جدية إدارة ترامب في مواجهة هذه التهديدات أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.