أثارت زيارة أدونيس للرياض من اهتمام وجدل، ما تستحق. واختلط فيها البعد الأدبي بالبعد السياسي، كما هو متوقع. ولا يزال الجدل حولها قائماً، وهو أمر طبيعي لحدث من هذا النوع: موقع العاصمة، واتجاهات الشاعر.
آخر مَن كتب في الموضوع الزميل عبد الغني طليس، الذي رفض مقارنة أدونيس بين أحمد شوقي وصلاح جاهين، دعك من أنه فضّل جاهين على أمير الشعراء. عندما قرأت ما قاله أدونيس، شعرت بضيق، لكنني وضعت المسألة في حرية الرأي، فكيف إذا كان الرأي أدبياً.
عدت إلى الموضوع بعد مقالة الزميل طليس، وشعرت أن المقارنة غير مقبولة. فعلاً. ليس لأن أدونيس هو من هو في الشعر، بل لأنه أحد أهم المؤرخين والنقاد أيضاً. وفي هذا السياق بالذات، لا أعرف لماذا اختار شاعراً عامياً يهزأ به من أحمد شوقي، ويقلل من شأنه ويسخر من إمارته. كان مفهوماً أن يقارن بين محمد مهدي الجواهري، ومظفّر النواب، وأن يقدم الثاني، بسبب ما يجمع بينهما من أسلوب وهجاء وحدّة وحطيئات. أما شوقي وجاهين، فضرب من الغلو والمغالاة، وخروج غير مألوف منه على مراعاة الأعراف والمقاييس الشعرية. وإن يكن أدونيس الشاعر قد ذهب بعيداً في القصيدة الحداثية، فإن أدونيس المؤرخ قدم للشعر الكلاسيكي ما فاق سواه بكثير، واكتشف على الطريق عدداً كبيراً من الشعراء المجهولين.
لا نريد التقليل من قيمة صلاح جاهين الإنسانية، ومكانته في الأدب والفنون وحداثة المرحلة التي تصدر طلائعها، هذا أمر، وشوقي شاعراً وأميراً للشعراء أمر. ظلت إمارة الشعر بعده خالية إلى أن منحت للأخطل الصغير، والغناء محمد عبد الوهاب. ومن بعدها تراجع الاحتفاء بالفصيح، ولم يطالب الشعر المنثور بإمارة له، لأن جمهوره كان قليلاً، وخلوه من الإيقاع يجفف غنائيته.
ختاماً ووئاماً، إلى جنابكم النموذجين:
شوقي:
وعندي الهوى موصوفه لا صفاته
إذا سألوني ما الهوى قلت ما بيا
جاهين:
تركي بجم سِكِر انسجم
لاظ شقلباظ اتغاظ هجم
أمان أمان
تركي بجم