بقلم: يورونيوز مع رويترز • آخر تحديث: 30/12/2022 - 15:04
نتنياهو وبن غفير - حقوق النشر AP Photo
أحدهما عضو سابق حمل السلاح في جماعة يهودية محظورة والآخر متعصب دينيا افتخر يوما بأنه "معادٍ للمثلية". وكلاهما مستوطنان يعيشان في الضفة الغربية ويعارضان الحكم الذاتي للفلسطينيين ناهيك عن آمالهم في إقامة دولة.
وبصفتهما من كبار الشركاء في الائتلاف الذي أعاد بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية، سيكون لإيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش ثقلهما في مراكز صنع القرار في السلطة، وهو مشهد يثير قلق اليسار العلماني الذي هيمن في وقت من الأوقات على المشهد السياسي، فضلا عن دول صديقة في الغرب.
ولجأ نتنياهو للقوميين المتشددين بعدما قاطعته أحزاب تنتمي لتيار الوسط بسبب محاكمته التي طال أمدها في تهم فساد. ويحتاج نتنياهو لدعمهم ليبقى في السلطة بينما يدفع ببراءته أمام القضاء. لكنه ينفي أن يعني ذلك الانصياع لمطالبهم.
وقال نتنياهو لتلفزيون العربية في 15 ديسمبر كانون الأول "سأدير دفة تلك الحكومة. الأحزاب الأخرى هي التي تنضم إليّ ولست أنا من ينضم إليهم" متعهدا بالتزام سياسة "يمينية ليبرالية".
وإضافة إلى ذلك قال "كثيرون منهم تغيروا وأصبحت آراؤهم أكثر اعتدالا، يرجع ذلك بالأساس إلى أن تولي السلطة تأتي معه المسؤولية".
وربما شكل صعود أفيجدور ليبرمان في 2006 سابقة مماثلة فقد كان شخصية مثيرة للجدل وأثار تعيينه نائبا لرئيس الوزراء وقتها نفس ردود الفعل تقريبا التي يثيرها صعود بن جفير وتضمنت تحذيرات من ليبراليين من نشوب حرب أهلية ووصل الأمر ببرنامج ساخر هو الأبرز وقتها في التلفزيون الإسرائيلي لوصف ليبرمان بأنه نازي.
لكن ليبرمان أثبت أنه قادر على التكيف سياسيا. وشارك في العديد من الائتلافات الحاكمة التي ضم أحدها حزبا إسلاميا، وانتهى به المطاف في المعارضة التي وصم منها حلفاء نتنياهو الجدد بأنهم "متعصبون ومتطرفون".
واستطاع ليبرمان في الوقت نفسه أن يشاغب سياسيا وهو في صفوف اليمين. وعندما شغل منصب وزير الخارجية في حكومة سابقة برئاسة نتنياهو، روج علنا لتبني نهج أكثر تشددا مع الفلسطينيين عن رئيس الوزراء. وفي ولاية لاحقة، استقال ليبرمان من منصب وزير الدفاع في حكومة لنتنياهو احتجاجا على هدنة مع غزة اعتبرها بالغة التساهل.
واحتفظ حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو وينتمي للمحافظين بحقيبتي الدفاع والخارجية. لكن ربما تتسبب الطريقة التي يتم بها النظر إلى أفعال بن جفير وسموتريتش في إثارة مواقف قابلة للاشتعال بالنسبة له. على سبيل المثال، إذا قرر أحدهما زيارة حرم المسجد الأقصى أو ربما الصلاة فيه.
وخلال السنوات الخمسة عشرة السابقة التي كان فيها نتنياهو على رأس الحكومة استفاد أيما استفادة من وجود الصقور في حكومته أو قلم أجنحتهم عندما اقتضت الضرورة. لكن وقتها كانت لديه أحزاب من اليسار تساعده في أن يبدو نقطة ارتكاز وتوازن أيديولوجية.
وقال يوحانان بليسنر رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية "لأن كل الأحزاب المشاركة في الحكومة الجديدة أكثر يمينية من نتنياهو، سيكون من الصعب عليه أن يكرر هذا الدور هذه المرة... هل يريد ذلك؟".
ضبط الإيقاع
فيما يتعلق بدعوات بن جفير وسموتريتش بشأن عمليات ضم في الضفة الغربية، فموقف نتنياهو المعروف هو التأييد بينما يتجنب في الوقت نفسه التحرك على الأرض فعليا بما قد يجازف بتصعيد المواجهات مع واشنطن أو شركاء عرب.
لكن سموتريتش تمكن بالفعل من أن يوسع مكانا لنفسه داخل مجلس الوزراء في موقع يشرف من خلاله على المستوطنات التي تعتبرها أغلب القوى العالمية غير قانونية بسبب بنائها على أراض محتلة يريدها الفلسطينيون لإقامة دولة عليها.
وقال أموتز أسا-إل الزميل الباحث في معهد شالوم هارتمان "يمكن أن يكون له تأثير في مضاعفة وجود إسرائيل في الضفة الغربية وترسيخه" مشيرا إلى وتيرة سموتريتش السريعة في تشييد البنية التحتية عندما كان وزيرا سابقا للنقل.
لكن على النقيض فهذه هي أول مرة لبن جفير في منصب حكومي. ويتوقع أسا-إل أنه كوزير للشرطة سيركز على المسائل المتعلقة بالقانون والنظام ذات الأهمية للكثير من الإسرائيليين بما في ذلك العرب الذين يعانون من مستوى الجريمة وأثار بن جفير من قبل حفيظتهم.
وقال أسا-إل "بعد أن يضفي شرعية على موقعه في الدوائر الإسرائيلية الأوسع، سيخطو صوب المسائل التي لا يتفق الجميع عليها، خاصة الضفة الغربية". لكنه ربما سيضطر للانتظار لأن حقيبة بن جفير لا تمنحه صلاحيات وسلطات كبرى في الضفة الغربية التي تخضع بشكل عام لسيطرة الجيش.
وهناك من يقول إن بن جفير (46 عاما) وسموتريتش (42 عاما) يمكنهما تحمل تأجيل بعض النقاط في أجندتيهما في هذه الجولة مع نتنياهو (73 عاما).
وقال دانييل شابيرو وهو سفير أمريكي سابق لدى إسرائيل وحاليا زميل شرفي في المجلس الأطلسي "لكن هذا يعتمد على ضبط النفس من أشخاص لديهم وجهات نظر أيديولوجية بالغة الاختلاف عما شهدناه في أي حكومة إسرائيلية من قبل".
كان بن جفير ينتمي ذات يوم إلى (كاهانا حي) وهي جماعة يهودية متشددة مدرجة على القائمة السوداء في إسرائيل والولايات المتحدة بسبب توجهاتها شديدة العداء للعرب. وينبع دفاع سموتريتش عن المطالب اليهودية بالسيادة على الضفة الغربية من الإيمان العقائدي بنبوءات الكتاب المقدس.
ويقول شابيرو إن الأجيال السابقة من المنتمين لليمين المتطرف في الحكومة "أظهروا اهتماما وقدرة على الدخول في حوار حقيقي مع الولايات المتحدة ولاعبين دوليين آخرين وبدا أنهم يدركون حدود السعي وراء تحقيق بعض أكثر مواقفهم الأيديولوجية تشددا".
وتابع قائلا "سنرى إن كان هذا النهج سيميز أيضا أداء أعضاء الائتلاف الحاكم الجديد".
وقال آلان ديرشوفيتز وهو رجل قانون أمريكي يهودي بارز قدم المشورة من قبل للعديد من الزعماء الأمريكيين والإسرائيليين إن بن جفير وسموتريتش تنصلا من العنصرية ورهاب المثليين في اجتماعات معه هذا الشهر.
وأضاف لرويترز "كلمة ‘التوازن‘ ترددت كثيرا" في تطميناتهما خلال المحادثات.
وتابع ديرشوفيتز "بالطبع كانا بطريقة أو بأخرى يحاولان أن يتركا لدي انطباعا إيجابيا... دعونا نرى ما الذي سيحدث عندما لا أكون هنا ويدفعهم الآخرون ليكونا أكثر تطرفا. هذا هو الاختبار الحاسم".