السؤال:
ما حكم المأموم إذا لحق بالإمام في الركعة الثالثة من صلاة الوتر ،،، هل يسلم مع الإمام ليكون أوتر بركعة واحدة أم يقف ليكمل الثلاثة ...؟؟؟
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ
فالذي يظهر أن الأصل هو موافقة الإمام في عدد الركعات التي يصليها، حتى المسافر إذا صلى خلف المقيم أتم الصلاة مراعاة لهذا الأصل؛ كما روى أحمد بن حنبل في مسنده عن موسى بن سلمة، قال: كنا مع ابن عباس بمكة، فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين؟ قال: "تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم"، ومعلوم أن المسافر يصلي ركعتين فلما صلى خلف المقيم أتمَّ الصلاة.
وإن كان هذا الأصل لا يمنع من مخالفة الإمام في عدد الركعات إذا دعت الحاجة، مثل من يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء والعكس، أو صلاة الظهر والعصر خلف من يصلي بالصبح والمغرب، ويجوز حينئذ الخروج بنية المفارقة، أو ينتظر ليسلم مع الإمام وهو الأفضل.
جاء في "المجموع شرح المهذب" (4/ 269-270): "وتصح فريضة خلف فريضة أقصر منها وكل هذا جائز بلا خلاف عندنا، ثم إذا صلى الظهر خلف الصبح وسلم الإمام قام المأموم لإتمام صلاته، وحكمه كحكم المسبوق... ولو صلى الظهر خلف المغرب جاز بالاتفاق، ويتخير إذا جلس الإمام في التشهد الأخير بين مفارقته لإتمام ما عليه وبين الاستمرار معه حتى يسلم الإمام، ثم يقوم المأموم إلى ركعته كما قلنا في القنوت والاستمرار أفضل، وإن كان عدد ركعات المأموم أقل كمن صلى الصبح خلف رباعية أو خلف المغرب أو صلى المغرب خلف رباعية ففيه طريقان حكاهما الخراسانيون (أصحهما) وبه قطع العراقيون جوازه كعكسه". اهـ.
إذا تقرر هذا فالأفضل أن من أدرك ركعة من الوتر مع الإمام أن يتم الثلاث ركعات بعدما يسلم الإمام، وهذا لا يمنع من أن يسلم مع الإمام؛ لأن الوتر يصدق على الركعة والثلاث والخمس، والسبع، أو أكثر من ذلك، يوتر بما شاء.
جاء في "المغني لابن قدامة" (2/ 110-111): "(والوتر ركعة) نص على هذا أحمد - رحمه الله -. فقال: إنا نذهب في الوتر إلى ركعة، وممن روي عنه ذلك: عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو موسى، ومعاوية، وعائشة، - رضي الله عنهم - وفعل ذلك معاذ القارئ، ومعه رجال من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينكر ذلك منهم أحد، وقال ابن عمر: الوتر ركعة، كان ذلك وتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وعمر، وبهذا قال سعيد بن المسيب، وعطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور وقال هؤلاء: يصلي ركعتين ثم يسلم، ثم يوتر بركعة.
وقد روي عن ابن عمر، وابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الوتر ركعة من آخر الليل"، وقالت: عائشة: "كانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل عشر ركعات، ويوتر بسجدة"، وفي لفظ: "كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة، يوتر منها بواحدة، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة"؛ أخرجهن مسلم". هـ.
هذا؛ والله أعلم.