هل يخسر بايدن إعادة الانتخاب بسبب غزة؟

منذ 8 أشهر 91

برغم غضبها من دعم الرئيس جو بايدن القوي لإسرائيل، لم تستبعد ليلى العابد التصويت له في نوفمبر (تشرين الثاني). وهي مُنظمة مجتمعية تقدمية بالجالية الفلسطينية الأميركية في ديربورن بولاية ميشيغان، وهي مدينة ذات أغلبية عربية أميركية بالقرب من ديترويت، فهي لا تريد أن ترى دونالد ترمب يعود إلى منصبه.

قالت لي: «لم يكن دونالد ترمب صديقاً لمجتمعنا أبداً». لكنها قالت إن «الحد الأدنى» الذي يتعين على بايدن فعله هو إصلاح علاقة أميركا بإسرائيل بالكامل، والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار، وإنهاء المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل، على الأقل ما دامت حربها في قطاع غزة مستمرة.

بالنظر إلى مدى قوة الدعم لإسرائيل في كل من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، فأنا واثقة تماماً من أن قطع المساعدات لن يحدث في أي وقت قريب. لكن في حديثي إلى العابد، شعرت بفجوة بين افتراضاتي المتراجعة حول كيفية عمل السياسة الأميركية وقناعاتها حول ما هو ضروري لدرء المزيد من الموت الجماعي في غزة.

وقالت العابد: «نحن ننظر إلى أوقات غير مسبوقة نشاهد فيها إبادة جماعية تتكشف أمام أعيننا». قد يكون دعم بايدن لإسرائيل متوقعاً، نظراً لصهيونيته المعلنة والتأثير السياسي لأنصار إسرائيل الأميركيين، ولكن بالنسبة لها ولآخرين مثلها، أصبح الأمر لا يطاق. لهذا السبب تُدير العابد حملة «استمع إلى ميشيغان»، التي تنظم لحمل الناس على الاحتجاج على تعامل بايدن مع الحرب من خلال التصويت «غير الملتزم» في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي يوم الثلاثاء.

من المرجح ألا يُرضي بايدن أبداً أولئك الأكثر رعباً من سياساته في الشرق الأوسط، ولكن إذا لم يفعل المزيد للمحاولة، فهو في خطر خسارة ميشيغان في نوفمبر، وهو ما سيكلفه الانتخابات بالتأكيد. تضم الولاية أكبر نسبة من الناخبين العرب الأميركيين في البلاد، وداخل هذا المجتمع - وكذا بين العديد من المسلمين غير العرب والشباب والتقدميين - هناك شعور عميق بالغضب والخيانة لبايدن لوقوفه خلف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حالما تدمر إسرائيل غزة.

سمع هؤلاء الناخبون بايدن ينتقد قصف إسرائيل «العشوائي» و«المفرط» للمدنيين الفلسطينيين والبنية التحتية، لكنهم لا يرون إدارته تتخذ خطوات ذات مغزى لكبح جماحها.

نظراً لحدة المشاعر المؤيدة لإسرائيل في بعض أركان الحزب الديمقراطي، لطالما كان يُنظر إلى الانفصال عن إسرائيل على أنه محفوف بالمخاطر السياسية. سيكون الهامش «غير الملتزم به» في ميشيغان الأسبوع المقبل مقياساً غير كامل، ولكنه مفيد للدرجة التي أصبح بها الانحياز تجاه إسرائيل محفوفاً بالمخاطر أيضاً.

قالت العابد إن حملة «استمع إلى ميشيغان»، التي أطلقت رسمياً قبل أسابيع فقط، تهدف إلى الحصول على ما بين 10 آلاف و15 ألف صوت، وهو ما يكفي «لإرسال رسالة إلى جو بايدن وإدارته والحزب الديمقراطي، مفادها بأننا قوة سياسية». (كان هامش ترمب في ميشيغان عام 2016 حوالي 10 آلاف صوت، برغم فوز بايدن على ترمب بأكثر من ذلك بكثير عام 2020).

أنفقت الحملة ستة أرقام على الرسائل البريدية والإعلانات الرقمية، ويحتفظ النشطاء ببنوك الهاتف وتجميع الأصوات. قادة أميركيون عرب رفيعو المستوى، جميعهم من المشاركين في الحملة، وكذلك مجموعة «ثورتنا»، التي أسسها بيرني ساندرز عام 2016، برغم أن ساندرز نفسه تنصل من الحملة «غير الملتزمة».

يبدو أن فريق بايدن يدرك أنهم في ورطة في ميشيغان. في وقت مبكر من هذا الشهر، أرسلوا مساعدين إلى ديربورن للقاء القادة العرب الأميركيين، بما في ذلك ناشط من حملة «استمع إلى ميشيغان». في الأسبوع التالي، أصدر بايدن أمراً بحماية آلاف الفلسطينيين في الولايات المتحدة من الترحيل خلال الأشهر 18 المقبلة. وفي خطوة مهمة ضد التطرف الإسرائيلي، فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين في الضفة الغربية.

لكن ما دامت جهوده لا تعالج بشكل مباشر المعاناة الكارثية في قطاع غزة، فلن يهدأ النشطاء. لذا، من الواجب السياسي والأخلاقي لبايدن أن يفعل أكثر من مجرد شجب الخسائر المدنية الفلسطينية، لا سيما أن إسرائيل تهدد بغزو مدينة رفح جنوب غزة، حيث يحتمي أكثر من مليون نازح في ظروف بالغة القسوة. قدّر علماء الأوبئة البارزون أنه إذا تصاعدت الحرب، فقد يموت 85 ألف شخص إضافي في غزة خلال الأشهر الستة المقبلة.

إن الحاجة الماسة لمنع أكبر عدد ممكن من هذه الوفيات تتجاوز السياسة الأميركية، ويجب أن يكون سبباً كافياً للإدارة للتوقف عن حماية إسرائيل في الأمم المتحدة، حيث استخدمت حق النقض هذا الأسبوع ضد قرار آخر لوقف إطلاق النار. لكن بالنظر إلى مخاطر انتخابات 2024، لا يمكن تجاهل الآثار السياسية للحرب المستمرة. قال النائب الديمقراطي السابق عن ولاية ميشيغان آندي ليفين: «لا أرى بايدن يفوز بولاية ميشيغان ما لم يغير مساره بشأن غزة».

من بين جميع الأشخاص الذين انضموا إلى الحركة للتصويت «غير الملتزم» يوم الثلاثاء، فاجأني ليفين أكثر من غيره، لأنه في الشهر الماضي فقط أسقط دعوات من التقدميين الذين أرادوا منه تحدي بايدن على الترشيح. ليفين، الذي خدم والده وعمه في الكونغرس لأكثر من ثلاثة عقود، هو يهودي ملتزم ورئيس كنيس يهودي سابق - وهو منصب يشغله الآن ابنه - والذي، في عام 2022، استهدفته لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية (إيباك) لانتقاده المستمر لاحتلال إسرائيل للفلسطينيين. (أنفقت المجموعة أكثر من 4 ملايين دولار لهزيمته في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي).

بالنسبة للبعض على اليسار، فإن مزيج ليفين من جذور ميشيغان العميقة والدفاع عن الحقوق الفلسطينية جعله يبدو وكأنه وسيلة واعدة بشكل فريد للطاقات المناهضة للحرب. في المجلة اليسارية «في هذه الأثناء»، طرح مؤرخ جامعة شيكاغو غابرييل وينانت فكرة صياغة ليفين لخوض المنافسة ضد بايدن، فكتب: «العلاقة بين النزعة العسكرية الإسرائيلية والاستبداد السياسي هنا في الداخل، هي علاقة يفهمها بصورة وثيقة».

ومع ذلك، لم يكن ليفين مهتماً. «أنا أدعم جو بايدن. أنا فخور للغاية لأنني خدمت معه»، كما قال لمجلة «بوليتيكو»، مقارناً هذه اللحظة في السياسة الأميركية بالمناخ السياسي في ألمانيا عام 1932، عندما كانت البلاد على أعتاب النازية. لم يغير ليفين رأيه بشأن أهمية إعادة انتخاب بايدن... من خلال دعم الحركة «غير الملتزمة»، قال، إنه يحاول إنقاذ الرئيس، وليس تدميره.

* خدمة «نيويورك تايمز»