ملخص
خاطب الملياردير الأميركي ورجل الأعمال الأكثر شهرة حول العالم إيلون ماسك الناس مباشرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي واعداً شريحة كبيرة منهم بتحقيق حلم الحرية المالية.
في الآونة الأخيرة انتشرت مبادرات عدة تنطلق في جميع أنحاء العالم شرقاً وغرباً وعلى أعلى المستويات من الثقة لتحقيق مكاسب مالية هائلة لجميع الناس من خلال استثمار مبالغ نقدية قليلة للغاية، وكان أشهرها عندما خاطب الملياردير الأميركي ورجل الأعمال الأكثر شهرة حول العالم إيلون ماسك الناس مباشرة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، واعداً شريحة كبيرة منهم بتحقيق حلم الحرية المالية.
بدا لافتاً أن زعماء دول عظمى مثل رئيس وزراء المملكة المتحدة وشخصيات اعتبارية كثيرة تلقفوا المبادرة ونصحوا بتجربتها، ولذلك فالسؤال الأهم الذي يتداوله ملايين المواطنين حول العالم الآن هو، هل ينجح إيلون ماسك ومن سار على شاكلته في هذا المشروع فعلاً في تحقيق فكرة الاستقلال المادي الكامل لكل الناس حول العالم خلال العقود القليلة المقبلة؟
أهمية الاستقلال المالي
وفق تقارير صحافية اقتصادية تكمن أهمية الاستقلال المالي في الآثار الإيجابية التي يتركها في حياة الأفراد، إذ يمنحهم القدرة على العمل وفق شروطهم الخاصة، فضلاً عن أن الوصول إلى الاستقلال المالي يعتبر بمثابة تأمين ضد البطالة، ويحقق لصاحبه راحة البال، والقدرة على التقاعد المبكر مع الحفاظ على نمط حياة مناسب.
يعد ماسك ورجال أعمال موثوقون الناس بتحقيق الحرية المالية والتفرغ لحياة سعيدة (رويترز)
قبل أن نسأل كيف ولماذا، علينا أن نصل إلى تحديد مبسط للغاية حول معنى السعادة المالية، إذ يعد الملياردير الأميركي الشهير الجمهور الذي يتابعه بتحقيق الاستقلال المادي، ومن الضروري التوضيح أن هناك فارقاً كبيراً بين الاستقلال المادي أو ما يطلق عليه (ماسك) الحرية المالية، ومفهوم السعادة المالية التقليدي الذي يعد مفهوماً بسيطاً للغاية، وتقول مراجع عدة تنتشر على الشبكة العنكبوتية إن مفهوم السعادة المالية هو الأهم بين هذه المفاهيم المتشابكة.
السعادة المالية
يقول براين تريسي وهو واحد من أهم خبراء النجاح في فيديو متداول له على منصة "يوتيوب"، إن الحرية المالية لا تعني بالضرورة أن تكون ثرياً، موضحاً أن كثرة المال لا تجلب السعادة، فهناك أثرياء كثر تعساء للغاية، لكن ما علينا الاعتراف به أن المال هو مركز للسعادة، لذلك يذهب براين إلى تعداد سبع خطوات مهمة حول ذلك أهمها حسب قوله هي الخطوة الأولى. فأول خطوة هي التفكير إيجاباً في شأن المال والابتعاد من ترديد أفكار مثل المال هو الشيطان والمال لا يجلب السعادة وغيرها من العبارات المستهلكة التي تشكل صورة سلبية للمال، وبذلك تجتذب كثيراً من الفرص وتفتح لنفسك كثيراً من الأبواب المغلقة.
ويوجه تريسي نصيحة بقوله "دوِّن أهدافك المالية كل يوم على الورق، وأعد مراجعتها باستمرار، فهذا سيحدد نشاطك اليومي لأن تحقيق السعادة المالية ليس هدفاً عشوائياً أو سهلاً، ثم حدد في كل ليلة ماذا عليك أن تصرف في اليوم والأسبوع والشهر وحتى السنة، ومن الخطوات السبع تلك التي حددها رجل الأعمال هذا أيضاً (الاستثمار في ذاتك) والتي تعني تطوير نفسك من خلال استثمار الوقت للاستماع للبرامج حول السعادة المالية في سيارتك أو في أي مكان وقراءة الكتب حول الاستثمار المالي وأخذ كورسات على الإنترنت عن المال وكيفية الحصول على مزيد منه".
هدف صعب
ويذهب أحد الكتاب البارزين على موقع "فوربس" الاقتصادي نحو فكرة مغايرة قليلاً يطرحها من خلال كتاب بعنوان (المعنى الحقيقي للحرية المالية)، إذ يرى أن الأمر ليس بهذه السهولة التي يذكرها براين ومن هم على شاكلته، فالساعي إلى تحقيق هذا الهدف الصعب يشبه أولئك الذين يسعون إلى تحقيق الرشاقة الجسدية والتخلص من الوزن الزائد، وهو أمر يبدو بسيطاً لكنه في غاية التعقيد في هذا الزمن.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى الكاتب نفسه أن "حال الشخص الذي يريد تحقيق السعادة المالية هو مثل حال أولئك الذين يسعون إلى إنقاص الوزن، قد تبدو الإجابات واضحة لهم في كثير من الأحيان (على سبيل المثال، حرق سعرات حرارية أكثر مما تستهلك)، لكن الحصول على اللياقة البدنية ليس بالأمر السهل بالنسبة إلى معظم الناس، يتطلب الأمر الانضباط الذاتي والجهد الواعي، والحصول على المال لا يختلف عن ذلك كثيراً".
لذلك يطرح الكتاب الذي نشرت صفحات منه على الموقع أسئلة عدة على القارئ ويتوقع منه الإجابة عنها بدقة قبل التفكير في ذلك، ومن هذه الأسئلة ما الذي يعنيه لك الاستقلال المالي أو الحرية المالية؟ مع التذكير بأن التفكير العميق للوصول إلى هذا الهدف الشاق قد يجعل الإنسان سجيناً للفكرة، لأن الإنسان قد يضطر إلى اتخاذ قرارات يائسة تسبب له التعاسة بدلاً من السعادة المالية.
ماذا عن ويكي؟
وفق موقع الموسوعة العلمية الأوروبية المعروف اختصاراً باسم ويكيبيديا أو (ويكي) فإن مصطلح الاستقلال المالي يستخدم عموماً لوصف حالة وجود ثروة شخصية مناسبة للعيش من دون الحاجة إلى العمل بنشاط من أجل الضرورات الأساس.
بالون على شكل فم مكتوب عليه "التهم الأغنياء" مرفوع قرب برج التلفزيون في برلين (أ ف ب)
وتوضح مقالة مختصرة على الموقع العالمي أنه "بالنسبة إلى الأشخاص المستقلين مالياً يجب أن يكون دخلهم أكثر من نفقاتهم، مع ملاحظة أن الاستقلال المادي يختلف عن رأس مال المشروع الذي يحتاج إليه مشروعك، فمثلاً لو افترضنا بأن مشروعك في حاجة إلى رأس مال مقداره 100 ألف دولار ومصاريفك الشهرية عبارة عن 4 آلاف دولار فأنت في حاجة إلى تملك ما مقداره 124 ألف دولار، بمثال أنك تود أن تكون مستقلاً مادياً لمدة ستة أشهر".
عودة إلى ماسك
هنا يبرز السؤال المهم في مثل هذه المبادرات التي طرحها ماسك وغيره وهو أين رأس المال ومن الذي يديره؟ والإجابة هي أن رأس المال ليس مع الإنسان الذي يستثمر في مثل هذه المشاريع، ولكن الخطر يكمن أكثر في كون الشخص الذي يحصل على هذا المال السهل غير مؤهل لإدارته بصورة مستقلة عن هؤلاء الأشخاص الناجحين مالياً.
دخل سلبي تصاعدي
تحدث موقع "هارفرد بزنس ريفيو" عن الاستقلال المالي بأنه في بعض الأحيان يعبر عنه بـ"الحرية المالية"، أي عدم الحاجة إلى دعم مادي أو معنوي من الآخرين، بمعنى آخر، الاستقلال المادي هو حالة الحصول على دخل يكفي ويزيد لتغطية نفقات المعيشة، من دون الحاجة إلى العمل في وظيفة غير مرغوب بها أو الاعتماد على الآخرين.
بعيدا من فهم الاقتصاد وتعقيداته ما عليك سوى استثمار مبلغ قليل من المال للوصول إلى الاستقلال المالي (آي ستوك)
وعن كيفية تحقيق الاستقلال المالي يقول الموقع "قد يتبع البعض استراتيجيات مختلفة لتحقيق الاستقلال المادي، وذلك من طريق تحديد الدخل والنفقات الحالية وإعداد خطة وموازنة والتخلي عن مصاريف غير ضرورية لزيادة الموارد المالية، وقد يحصل آخرون عليه من دون عناء حتى لو في عمر صغير، فمثلاً بعض الناس يحصل على تركة كبيرة ويحققون استقلالاً مادياً لمدى الحياة، ويطلق على هذا النوع من العائد المادي (دخل سلبي)، وفي حال قرر الشخص الاستثمار لزيادة الموارد المالية، يطلق عليه (دخل سلبي تصاعدي)، لذا فإن أي دخل مالي سهل هو وفق هذه الفكرة دخل سلبي يتحول مع محاولة الإنسان غير المؤهل البناء عليه أو زيادته إلى دخل سلبي تصاعدي وهنا تكمن خطورة هذه المشاريع.