هل يؤدي تقييد السعرات الحرارية إلى العيش لفترة أطول؟ خبراء يجيبون

منذ 1 سنة 266

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أصحاب الوزن الطّبيعي قد يتمكنون من إطالة عمرهم عبر تقييد السّعرات الحراريّة التي يستهلكونها، وفقًا لما ذكرته دراسة جديدة حاولت قياس وتيرة الشّيخوخة لدى أشخاص طُلب منهم خفض السّعرات الحراريّة بنسبة 25%، على مدار عامين.

وقال كبير المؤلفين والأستاذ المشارك في علم الأوبئة بكلية "ميلمان" للصّحة العامّة بجامعة كولومبيا، دانيال بيلسكي: "علمنا منذ حوالي 100 عام أن تقييد السّعرات الحراريّة، قد يطيل العمر الصحّي لمجموعة متنوّعة من الحيوانات في المختبر".

وأضاف بيلسكي، الذي يدرس طول العمر أنّه "يقوم بذلك عبر تغيير البيولوجيا بطرقٍ متوافقة مع تباطؤ عمليّة الشيخوخة، ولكن لا تزال الآليات المحدّدة لكيفيّة حدوث ذلك قيد التّحقيق".

واستخدمت الدّراسة "الساعات البيولوجية" لتحديد وتيرة الشّيخوخة لدى المشاركين فيها، وصُمِّمت لقياس عمر الأشخاص بيولوجيًا مقارنةً بأعمارهم الحقيقيّة.

وقال المؤلّف الرّئيسي المشارك وعالم الأبحاث المشارك في "مركز روبرت إن بتلر" للشيخوخة في جامعة كولومبيا، كالين رايان: "وجدت دراستنا دليلًا بأن تقييد السّعرات الحراريّة أبطأ وتيرة الشّيخوخة لدى البشر".

ولكن رفض العالِم المختص بطول العمر، الدّكتور بيتر أتيا، نتائج الدّراسة، ووصفها بأنّها عبارة عن "ضوضاء".

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، قال أتيا الذي لم يشارك في الدراسة: "أنا فقط لا أرى أي دليل على كون أي من السّاعات البيولوجيّة مجدية".

ويستضيف العالِم مدوّنة صوتيّة، أو "بودكاست"، يُدعى "The Drive" مخصّص لشرح وتطبيق أبحاث بشأن طول العمر في الحياة اليوميّة.

وتُعد أدوات التّنبؤ بالعمر البيولوجي مثيرة للجدل، وفقًا لما ذكره الباحث في مجال تقييد السّعرات الحراريّة، والأستاذ بمعهد "باك" لأبحاث الشيخوخة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بانكاج كاباهي.

وقال كاباهي، الذي لم يشارك في الدّراسة: "في أفضل الحالات، إنها تخبرك شيئًا عن جانب صغير جدًا من الشّيخوخة".

وعلى سبيل المثال، تُعد قوّة قبضتك ومدى نشاطك من المؤشّرات البيولوجيّة للعمر. وأوضح كاباهي: "يعرف جميعنا أشخاصًا ينهارون جسديًا، ولكنهم أصحّاء من النّاحية المعرفيّة. ولذا تحتاج أيضًا إلى اختبار الشّيخوخة المعرفيّة"، بحسب ما ذكره.

دراسة "CALERIE"

وطلبت دراسة أُجريت في خمسينيّات القرن الماضي من الأشخاص تقليل سعراتهم الحرارية المُستهلكة بمقدار 50%، ما أدّى إلى سوء التّغذية، أو نقص المغذّيات الدّقيقة الرئيسيّة عند المشاركين.

وغالبًا ما ركّزت الأبحاث اللاحقة على خفض السّعرات الحراريّة لدى الأشخاص الذين يُشير مؤشر كتلة الجسم الخاص بهم إلى معاناتهم من السّمنة.

وبدأت أوّل تجربة سريريّة لتقييد السّعرات الحراريّة لدى أصحاب الوزن الطبيعي في عام 2007، وأُطلق عليها اسم "CALERIE".

وبسبب سوء التّغذية النّاجم عن الدّراسة السّابقة، طلبت "CALERIE" من 143 شخصًا بالغًا تراوحت أعمارهم بين 21 و50 عامًا تقليل 25% من السّعرات الحراريّة التي يتناولونها عادةً لمدّة عامين.

وحافظت مجموعة أخرى تكونت من 75 شخصًا على الأنظمة الغذائيّة المعتادة باعتبارها مجموعة ضابطة.

وخلال التّجربة، أُجريت العديد من الاختبارات خلال فترات فصلت بينها 6 أشهر، وذلك لجمع المعلومات حول فقدان الوزن، والتغيير في معدّل الأيض أثناء الرّاحة، والأثر على الوظيفة الإدراكيّة، وعلامات الالتهاب، وصحّة القلب، والأوعية الدمويّة، وحساسية الإنسولين.

ووجدت نتائج "CALERIE" المنشورة في عام 2015 أنّه في المتوسّط، استطاع الأشخاص في المجموعة الخاضعة للقيود خفض سعراتهم الحرارية بمقدار 14%، أو حوالي نصف الهدف البالغ مقداره 25%.

ومع ذلك، قلّل هذا المقدار من كتلة الدّهون لديهم بنحو 10%، مع خفض عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب، مع عدم وجود آثار سلبيّة على نوعية الحياة.

كما حصل انخفاض في عامل النخر الورمي "ألفا" ، وهو بروتين يعزّز مقاومة الإنسولين ومرض السكري من النوع الثّاني النّاجم عن السمنة.

واستخدمت بعض الدّراسات الأخرى عينات الدّم وبيانات أخرى تم جمعها من المشاركين في دراسة "CALERIE" لاستكشاف طرق أخرى قد يُفيد بها التقييد المعتدل للسّعرات الحراريّة الجسم.

وعلى سبيل المثال، وجد باحثون في جامعة "ييل" أنّ تقييد السّعرات الحراريّة يزيد من صحّة الغدّة الزعترية، أي العضو المنتج للخلايا التّائية في الجهاز المناعي.

اختلاف النّتائج

واستخلصت الدّراسة الجديدة التي نُشرت الخميس في مجلة "Nature Aging"، سلاسل الحمض النووي من خلايا الدّم البيضاء المأخوذة من المشاركين في "CALERIE" على فترات فصلت بينها فترة 12 شهرًا.

وحلّل فريق بيلسكي علامات التّغيرات فوق الجينيّة (epigenetic changes) على الحمض النووي بحثًا عن أعراض الشّيخوخة.

وفي الدّراسة الجديدة، استخدم الباحثون الساعة فوق الجينيّة "PhenoAge"، وأخرى اسمها "GrimAge"، وأداة جديدة اخترعها بيلسكي مؤخرًا بالاشتراك مع جامعة "دوك".

وتحاول الساعة البيولوجيّة الثالثة "DunedinPACE" تحديد وتيرة الشّيخوخة من خلال اختبار دم واحد، بحسب ما ذكره بيلسكي.

وأشار بيلسكي، وهو أيضًا عالم في مركز "روبرت إن بتلر" للشيخوخة في جامعة كولومبيا، إلى أنّ "PhenoAge" و"GrimAge" لم يُظهرا أي علامات لتراجع الشّيخوخة بعيّنات دم المشاركين، في تجربة "CALERIE".

ولكن وجدت ساعة "DunedinPACE" انخفاضًا بنسبة 2%إلى 3% في وتيرة الشيخوخة، وهو مقدار يعادل انخفاضًا بمقدار 10% إلى 15% في خطر الوفاة، وفقًا لما ذكرته دراسات أخرى.

جدل حول الساعات البيولوجية

ولكن لم يُبهر ذلك منتقدي الدّراسة، إذ أشار أتيا إلى أن أداء اختبار "DunedinPACE" كان متوسطًا في أحسن الأحوال.

وذكر كاباهي أن حقيقة عدم عثور ساعة "PhenoAge" و"GrimAge" على أي فوائد خاصّة لمكافحة الشيخوخة لم تكن مفاجئة. وأوضح أن "أدوات التّنبؤ بالعمر البيولوجي هذه لا تتفق مع بعضها البعض، ولا تتفق بالضّرورة مع المؤشّرات البيولوجيّة الأخرى"، مضيفًا: "سيؤدّي ذلك إلى إرباك الجمهور، وللأسف يشتري الأشخاص هذه الاختبارات رُغم وجود القليل جدًا من المعلومات المفيدة النّاتجة عنها".

هل تقييد السّعرات الحراريّة يفيد البشر؟

وبغض النّظر عن الجدل حول كيفيّة قياس الشّيخوخة المتباطِئة، فإن الحدّ من السّعرات الحراريّة لديه دور في إطالة العمر بالفعل، وخاصّة لدى الأفراد "الذين يعانون من فرط التغذية"، بحسب ما أفاد به أتيا.

وأوضح أتيا في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "لا أريد أن يعتقد القارئ بانعدام قيمة هذا التّدخل (تقييد السّعرات الحراريّة)، ولكن فقط بأنّها (الدّراسة) لا تثبت انخفاض وتيرة الشيخوخة".