هل نجح «أوبك سيمنار»؟

منذ 1 سنة 186

آخر مرة خطت فيها قدمي «قصر الهوفبرغ» التاريخي في العاصمة النمساوية فيينا، حيث ينعقد مؤتمر «أوبك» الدولي كل عامين، كانت قبل 5 سنوات.

تركت خلالها الصحافة البترولية والإعلام بصورة عامة، ثم عدت للإعلام منذ عامين، ولم يخطر ببالي أني سأطأ فيينا مجدداً لأني مللت عالم «أوبك» وحر فيينا الذي لا أطيقه رغم اكتظاظ هذه المدينة بالسياح.

ولكن عدت هذه المرة لأن «أوبك» قررت أن تعطي بعض وسائل الإعلام أفضلية من خلال الشراكة الإعلامية معها؛ وهذا ما جعل طريقة تغطية الإعلام للحدث مختلفة.

لكن لا يزال هناك استياء من قبل بعض الجهات الإعلامية التي أعلنت أنه لم تتم دعوتها للحدث، ومع هذا حضر بعضها للتغطية، والبعض نقل تصريحات الوزراء فيها عن طريق من حضروا الحدث.

فهل كان الحدث يستحق حضور الإعلاميين؟ وماذا تغير هذه المرة عن المرات الماضية؟!

شخصياً، كان هذا المنتدى المعروف باسم «أوبك سيمنار»، أفضل من سابقيه لأسباب كثيرة.

أولاً، كان الإعلام الحاضر أقل شراسة من المرات السابقة، ولم يكن هناك وسيلتان متنافستان؛ ولهذا الأجواء كانت لطيفة جداً.

ثانياً، في آخر دورة للمنتدى، كان إنتاج النفط الصخري لا يزال في أوجه، وكان هناك عدائية عالية تجاه «أوبك». هذه العدائية غير موجودة الآن لأن الكل اقتنع أن النفط الصخري ليس بديلاً عن نفط «أوبك».

ثالثاً، انكشف أمام العالم أن التحول للطاقة البديلة ليس واقعياً، وأصبح العالم في حاجة إلى مصادر موثوقة، خاصة أن الوضع مع روسيا أصبح معقداً ولن تعود أوروبا للاعتماد على روسيا بسهولة.

ووسط هذا الوضع، لا يوجد أفضل من «أوبك» للاعتماد عليها، خاصة وأن المواقف السياسية لكثير من دولها تجاه الغرب وباقي العالم ليست عدائية إذا ما تم استثناء بعض الأسماء.

هذا الوضع أعطى أريحية لوزراء «أوبك» للحديث عن ما يؤمنون به من دون توقع هجوم غير مبرر من الطرف الآخر، وهو الدول المستهلكة.

ولأول مرة أحس أن «أوبك» أصبحت صاحبة اليد العليا، حيث إن كل ما حذرت منه العالم من قبل - خاصة فيما يتعلق بنقص الاستثمارات - أصبح ملحوظاً.

ولم يعد هناك مجال للتأويل فيما يتعلق بنوايا «أوبك»، حيث إن سعيها لزيادة إنتاجها هو في مصلحة العالم؛ حتى وإن استفادت منه «أوبك».

وأصبح الحديث عن التحول الطاقوي أكثر عقلانية وواقعية.

كل هذا جعلني أستمتع بهذا المنتدى على غرار كل ما سبقه. وجعلني أشعر بأني لست في حاجة أن أخذ طرف في أي نقاش، لأن «أوبك» على حق هذه المرة.