هل من رابط بين عقار شائع لإنقاص الوزن وخطر الانتحار؟

منذ 3 أشهر 51

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة لقاعدة بيانات دولية حول سلامة الأدوية أنّ الأشخاص الذين يستهلكون عقار "سيماغلوتيد" (semaglutide) الشائع لعلاج مرض السكري وإنقاص الوزن، أكثر عرضة للإبلاغ عن أفكار انتحارية مقارنة بمن يستهلكون أدوية أخرى.

ويعتبر هذا الاكتشاف أحدث دليل علمي على مخاطر الاكتئاب والانتحار المرتبطة بالأدوية الشائعة، ويرى المنتقدون أنّ الأدلة على أنّ العقار يسبب مشاكل في المزاج محدودة.

ويباع "سيماغلوتيد" تحت الاسم التجاري "Ozempic" عند وصفه لعلاج مرض السكري، و"wegovy" عند وصفه لإنقاص الوزن. إضافة إلى ذلك، تقوم عدد من الشركات بتصنيع أشكال مركّبة من الدواء.

وقد ارتفع معدل استخدام الدواء خلال السنوات الأخيرة، وأظهرت الدراسات تأثيرات واعدة، بما في ذلك انخفاض في أمراض الكلى والسرطان.

ولطالما شكل الانتحار مصدر قلق طويل الأمد مع الأدوية التي تغير الرغبة في تناول الطعام. فبالنسبة للبعض، يؤدي فقدان المتعة والمكافأة في الأكل إلى تحوّل كبير في المزاج وقد يزيد من خطر إيذاء النفس.

ففي عام 2008، سُحب عقار إنقاص الوزن"ريمونابانت"  من الاستخدام لأنه يؤثر على نفس نظام الدماغ الذي يتسبّب بالشعور بالجوع عندما يتعاطون الماريجوانا ما يزيد من خطر الانتحار.

وتتضمّن المعلومات الخاصة بالمريض بشأن عقار "سيماغلوتيد" تحذيراً من الاكتئاب والأفكار الانتحارية. لكن هناك أدلة متضاربة حول خطر الأفكار والمشاعر الانتحارية مع أدوية إنقاص الوزن الجديدة، ضمنًا "سيماغلوتيد".

وفي وقت سابق من هذا العام، صرّحت وكالة الأدوية الأوروبية أن الأدلة المتاحة لا تظهر وجود صلة بين الانتحار و"سيماغلوتيد" والأدوية الأخرى المستخدمة لإنقاص الوزن. 

وقامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بالتحقيق في خطر الانتحار والأفكار الانتحارية في الأدوية الواقعة ضمن فئة "سيماغلوتيد"، وحتى الآن لم تجد أي خطر متزايد. 

ومع ذلك، تشير الوكالة إلى أنها لا تستطيع استبعاد وجود زيادة بسيطة في المخاطر بسبب العدد الإجمالي الصغير للأحداث في أنظمة المراقبة الخاصة بها، وتحقيقاتها مستمرة.

ووجدت دراسة كبيرة نُشرت في يناير/ كانون الثاني الماضي في دورية "Nature Medicine" أن استخدام عقار "سيماغلوتيد" كان مرتبطًا بانخفاض خطر الأفكار الانتحارية، مقارنة بالأشخاص الذين يتناولون أنواعًا مختلفة من الأدوية لفقدان الوزن والسكري.

وراجعت الدراسة الجديدة، التي نُشرت في الدورية الطبية "JAMA Network Open" الثلاثاء، تقارير عن الأفكار الانتحارية لدى الأشخاص الذين يتلقون عقار "سيماغلوتيد"، سواء لعلاج مرض السكري أو لإنقاص الوزن، الموجودة لدى قاعدة بيانات تحتفظ بها منظمة الصحة العالمية، تجمع الأحداث السلبية المرتبطة بالأدوية داخل 140 دولة.

وجد مؤلفو الدراسة 107 تقارير عن مرضى، من أصل أكثر من 30،500 تقريرا، أبلغوا عن أن أفكارًا انتحارية راودتهم  أثناء تناولهم عقار "سيماغلوتيد"، و162 تقريرًا مشابهًا، من أصل أكثر من 52 ألف تقرير، لدى مرضى يتناولون عقار "ليراغلوتيد"، وهو دواء مختلف لعلاج مرض السكري يُحقن وينتمي إلى نفس فئة عقار "سيماغلوتيد". 

وخلص مؤلفو الدراسة إلى ما وصفوه بأنه خطر غير متناسب للأفكار الانتحارية لدى الأشخاص الذين يتلقون عقار "سيماغلوتيد"، لكن ليس لدى الأشخاص الذين يتلقون عقار "ليراغلوتيد". 

وعندما قارنوا تقارير الأفكار الانتحارية لدى الأشخاص الذين يتلقون عقار "سيماغلوتيد" بالمخاطر المبلغ عنها مع جميع الأدوية الأخرى في قاعدة البيانات، وجدوا أن الخطر ارتفع بنحو 45% لدى الأشخاص الذين يستهلكون عقار "سيماغلوتيد".

كان الخطر أعلى بنحو أربعة أضعاف لدى الأشخاص الذين يتلقون أيضًا أدوية للسيطرة على حالات الاكتئاب والقلق، ما يشير إلى أن هذه المجموعة قد تكون معرضة لخطر أعلى للتأثيرات المزاجية مع استهلاك هذه الأدوية. وعندما استبعد مؤلفو الدراسة حالات الأشخاص الذين تلقوا عقار "سيماغلوتيد" ومضادات الاكتئاب، اختفى الارتباط، ما يشير إلى أن الأشخاص الذين تلقوا العقارين كانوا سبباً في زيادة المخاطر.

ويعترف مؤلفو الدراسة بأن أبحاثهم تعد محدودة. لكن لأن العديد من الأشخاص يتلقون عقار "سيماغلوتيد"، فإنهم يعتقدون أنّ النتائج تستحق المزيد من الدراسة و"التوضيح العاجل" بشأن المخاطر.

بينما أشار خبراء آخرون إلى أنّ الأدلة المقدمة في الدراسة ضعيفة.

من جانبه، قال الدكتور ماهيار إيتمينان، الخبير في سلامة الأدوية لدى جامعة كولومبيا البريطانية في فانكوفر غير المشارك في الدراسة: "من الصعب في الأساس أن نستنتج من هذه الدراسة ما إذا كان العقار هو الذي يسبب ذلك أم هي حالة اضطراب المزاج".

وبالمثل، قال إيان دوغلاس، وهو أستاذ علم الأوبئة الدوائية بكلية لندن للصحة والطب الاستوائي: "تقدم هذه الدراسة، في أفضل الأحوال، دليلاً ضعيفًا على وجود ارتباط بين عقار سيماغلوتيد والانتحار". وفي تعليق أدلى به للصحفيين، لفت دوغلاس إلى أن دراسات مثل تلك تعد مفيدة في توليد النظريات، لكنها لا تستطيع إثبات السبب والنتيجة.