هل من حق الآباء إهانة أبنائهم؟

منذ 9 أشهر 165

هل من حق الآباء إهانة أبنائهم؟


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/1/2024 ميلادي - 19/7/1445 هجري

الزيارات: 20


السؤال:

الملخص:

فتاة مقبلة على الزواج، تشكو سوء تعامل أمها معها؛ بحجة أنها لا بد أن تكون مُلِمَّة بكل الأعمال المنزلية قبل زواجها، على رغم أنها الوحيدة من بين إخوتها من تساعد أمها، ومع ذلك فإن أمها تحسن معاملتهم، وتسيء معاملتها، وهذا الأمر جعلها تضغط على خطيبها من أجل إتمام الزواج؛ هربًا من مشاكل أمها، وتسأل: هل من حقِّ الآباء إهانة أبنائهم؟

التفاصيل:

أنا فتاة مقبلة على الزواج، أدعو الله ليلَ نهارَ أن يتم زواجي على خير، أنا الكبرى بين إخوتي، أعمل في مؤسسة حكومية، مشكلتي تتمثل في أمي؛ لأنها تتعامل معي بشكل سيئ جدًّا؛ من علوِّ الصوت، واتهام بقلة التربية، مع أنني الوحيدة بين إخوتي التي أساعدها، وإذا أمرتني بشيء أفعله دون تأخير؛ تجنبًا لغضبها، في اليوم المعتاد أسألها ما إذا كانت تحتاج المساعدة، قبل أن أذهب لشؤوني، في حين أن إخوتي لا يساعدونها بشيء، وعلى قلبها مثل العسل، وحجتها في تعاملها معي بذلك الأسلوب أنني مقبلة على الزواج، ولا بد أن أكون على وعيٍ بكل الأعمال المنزلية؛ ما جعلني في حالة نفسية سيئة؛ حتى إنني أُفكِّر في فسخ الخطبة، لأعود لحياتي الطبيعية؛ فقد مللت من أسلوبها معي، ومن سلبية أبي، الذي يلومني دائمًا في كل شجارٍ بيننا، ويجبرني على الاعتذار لأمي من أشياءَ لم أفعلها، أيضًا لقد جعلني هذا الأسلوبُ أُبغض إخوتي بطريق غير مباشر؛ فهي تعاملهم بأسلوب، وتعاملني بأسلوب آخر رغم أنني الكبرى، جعلتني "الحيطة المايلة" في البيت، فهل من حق الآباء أن يهينوا أبناءهم لمجرد كونهم آباء؟ أليس من حقي أن أجد معاملة سوية حسنة؟ أرجو المساعدة؛ لأنني صِرتُ أضغط على خطيبي من أجل إتمام الزواج، لا لشيء غير أنني أريد أن أهرُب من بيت أهلي، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فأشكركِ على حسن ظنكِ بإخوانكِ في موقع الألوكة، وأسأل الله العظيم أن يوفقنا في تقديم ما ينفعكِ ويدلكِ على الخير.

أختي الكريمة، وأنا أقرأ رسالتكِ أعجبتني بعض العبارات التي كتبتِها؛ ومنها: (أدعو الله ليلَ نهارَ أن يتم زواجي على خير)، وهذا دليل على قربكِ من الله سبحانه، وأنه القادر على تغيير الحال إلى أحسن منه، ومنها: (في اليوم المعتاد أسألها ما إذا كانت تحتاج المساعدة)، وهذا يثبت أنكِ امرأة ناضجة، وتتحملين المسؤولية، وأنكِ تحبين النظام والتخطيط.

بالمقابل أتفهَّم سوء نفسيتكِ، وهذا قد يكون بسبب أنكِ الأخت الكبرى، وعليها أن تتحمل مسؤولية البيت، ومساعدة الوالدة، وأن غيركِ الأصغر المدلَّل، لكن يا بنتي هذا لا يمنع من أن تنتبهي لبعض النقاط حتى تكوني فتاة متميزة، ذات خُلُقٍ ودين، ومحبوبة للجميع؛ ومنها:

نحن نتعامل مع الله سبحانه قبل أن نتعامل مع خَلْقِهِ، فنحن نطلب الأجر والثواب من الله على الصبر والصدق، والاحترام وحسن الخلق، فكيف إذا كان هذا التعامل مع الوالدين؟ وأنتِ تعلمين يا بنتي وصيةَ الله لنا بهما: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ﴾ [الأحقاف: 15].

الحياة يا بنتي دُولٌ، اليوم أنتِ فتاة وغدًا ستكونين أمًّا، فهل تحبين أن يعاملكِ أولادكِ بنفس معاملتكِ لوالديكِ؟ وتذكري أن الله أوصانا بهم مهما كان خطؤهم.

أتوقع أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، وإنما قديمة، ولها مواقف ومشاكل ومشاحنات، تُرِكَتْ ولم تُعالَج حتى كبُرت واسْتَفْحَلَتْ، وهنا عليكِ معرفة الأسباب الحقيقية ثم علاجها؛ مثال: كم مرة رفعتِ صوتكِ عليها؟ كم مرة خالفتِ قولها؟ كم مرة تشاجرتِ مع الصغار؟ أنتِ موظفة، كم هدية جلبتِها للوالدة؟ وغيرها من الأسئلة التي تزيد الشحناء بينكما وأنتِ لا تشعرين، أو تشعرين، تذكري المواقف التي زادت الشحناء بينكما، واعرفي السبب، وحاولي علاجه.

إن كنتِ فعلًا صادقة وتحبين أسرتكِ، عليكِ بالحوار الهادئ مع اختيار الوقت المناسب والمكان المناسب لمناقشة بعض ما يدور في خاطركِ مع الوالدة، والاتفاق على الحلول لها.

ابتعدي - يا بنتي - عن سوء الظن وسماع نصائح المخذِّلين، أو متابعة بعض من يفسدكِ على أسرتكِ، وتذكري أنكِ تملكين من نعمة الله كالوالدين، والأسرة، والوظيفة، والصحة والجمال، ما يحسدكِ عليها كثير من الأصدقاء.

يا بنتي والداكِ وأسرتكِ هم عزوتكِ وظهركِ ومعينكِ في الشدائد، ولا تتوقعي أن زوج المستقبل هو جنة الدنيا، فعند أول مشكلة معه لن يقف معكِ، ويدافع عنكِ سوى أسرتكِ، فلا تهربي منهم، ولا تكسِري ظهركِ.

من الجيد الاستعانةُ ببعض المصلحين من الأسرة: الخالة، أو العمة، أو غيرهم ممن ترين فيهم الخير؛ ليتدخلوا ويجمعوا بين القلوب، ويقربوا بين الآراء.

الحياة - يا بنتي - تحتاج إلى الصبر وحسن التعامل، حتى نستطيع العيش فيها، والإنسان بطبيعته مبتلًى؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((فما يبرحُ البلاءُ بالعبدِ حتَّى يترُكَهُ يمشي على الأرضِ ما عليْهِ خطيئةٌ)).

أخيرًا يا بنتي، تذكَّري أن من يزرع الحب فسيجده ولو بعد حين، ومن يزرع الاحترام فسيجده ولو بعد حين.

أسأل الله العظيم أن يوفقكِ لكل خير، وأن يجمع بين قلوبكم ويصلحها، وأن يرزقكِ زوجًا صالحًا وذرية صالحة، وصلى الله على سيدنا محمد.