هل سياسة الهاتف المفتوح جيدة للعلاقة بين الشريكين؟

منذ 1 سنة 111

ما أسرار الزواج السعيد؟ بحسب دراسة حديثة أجريت على 2000 ثنائي استمرت علاقتهم أكثر من 10 سنوات، يتمحور الأمر حول إقامة علاقة جنسية بانتظام (سبع مرات شهرياً) وتحمل حصة متساوية من الأعمال المنزلية (أمر مضحك!) ومشاركة حس الفكاهة نفسه (ربما، في هذه الحالة، افرحوا بالأجوبة السابقة).

حتى الآن، تبدو تلك النقاط متوقعة. فأين تكمن الغرابة؟ إنه اتباع "سياسة الهاتف المفتوح" وهي تعني، للذين لا يعرفون منكم، أنكم توافقون على أنه باستطاعتكم الاطلاع على هاتف شريككم والعكس صحيح. وهذا يعني رؤية الرسائل وسجل التصفح والمعاملات المصرفية ودردشات "واتساب" المليئة بالتشكي والثرثرة مع الأصدقاء. حرفياً كل شيء.

تصيبني هذه الأخبار ببعض القلق. لأن هاتفي هو نافذة تعكس أعمق الخبايا والخفايا المظلمة في عقلي التي لا أريد لأحد، وخصوصاً حبيبي، رؤيتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يمكن إنكار التأثير البغيض الذي تركه هاتفنا الذكي الصغير الحجم والأنيق الشكل في حياتنا. فهذا التأثير يمتد إلى كل شيء، بدءاً من كيفية عثورنا على الحب وانتهاء بكيفية خسارته عندما نحصل عليه بفضل الإدمان اللامتناهي على الهاتف الخلوي (أو ما يعرف بمصطلح phubbing أي اختيار التركيز باستمرار على هاتفك الخلوي وليس على شريكك) وما يرافق ذلك من احتمالات استخدامه كوسيلة مباشرة وسرية لخيانة الشريك. ولهذا أصبح إرساء قواعد رئيسة حول كيفية استخدامنا للهواتف جزءاً جوهرياً في صحة العلاقات في يومنا الحالي.

وفي هذا الموضوع، تقول جوانا هاريسون، وهي اختصاصية في العلاج الزوجي (couples therapist) ومؤلفة كتاب "Five Arguments All Couples (Need to) Have: And Why the Washing-Up Matters" (خمس نقاشات يحتاج كل الأزواج إلى إجرائها ولماذا تعتبر مسألة غسل الأطباق مهمة): "أعتقد أن إرساء قاعدة أساسية حول الهواتف هو أمر محوري اليوم في العلاقة. لأنه في حال كانت طريقة استخدام شريككم لهاتفه تطرح إشكالية أو تسيء إليكم، فسيكون ذلك بمثابة الجرح الذي ستمعنون النظر إليه باستمرار".

22.jpg

عندما تزوجت في عام 2003، كنا أنا وزوجي السابق نملك هواتف ضخمة ولم تكن تطرح أي نوع من التهديد على علاقتنا. فهي لم تكن جيدة لأمور أكثر من لعبة "تيتريس" وإرسال الرسائل بشكل بدائي. في الواقع، كانت كتابة جملة واحدة تستغرق وقتاً طويلاً ولهذا إذا حاولتم التودد مع شخص ما، ستبلغون سن الشيخوخة قبل مواصلة ذلك وإتمامه.

آنذاك، كنت وزوجي نعرف كلمات مرور بعضنا بعضاً ومع تطور التكنولوجيا وتحديث هواتفنا، حافظنا على كلمة المرور نفسها، وكان باستطاعتنا في أي وقت النظر إلى هواتف بعضنا بعضاً. ولكننا لم نفعل ذلك لأنه كانت بيننا ثقة عمياء. ولهذا قبل كل شيء آخر، كنا نعتمد سياسة الهاتف المفتوح. إلى أن توقفنا عن ذلك.

كانت رؤية رسائل تظهر على شاشة هاتف زوجي السابق تشعرني بالقلق حيال علاقته مع إحدى الزميلات في العمل.

وبعد مرور بضعة أيام، وفيما لم أكن نظرت أبداً في هاتفه من قبل، ألقيت نظرة عن كثب واكتشفت أنه سجل الرسائل التي تبادلاها محيت. عبرت له عن مخاوفي، ولكنها قوبلت بالرفض. بعد ذلك، غير كلمة المرور واشترى هاتفاً إضافياً. كان ذلك كل ما احتجت إلى معرفته وسرعان ما اكتشفت مزيداً من الأدلة. الانهيار ليس الشعور الذي يصف حالتي آنذاك، أما الباقي فهو علاقة ماضية.

في المضي قدماً، هل احتاج إلى تحديث سياسة الهاتف في علاقتي مع صديقي الجديد وهي مغلقة بإحكام حالياً؟ للسخرية، تعتبر هاريسون أن سياسة الهاتف المفتوح ربما يمكنها أن تكون دلالة على علاقة سعيدة لأنها "تدل على مستوى صحي من الثقة بين شخصين." وهذا الأمر يثير غضبي بعض الشيء لأنني هل أثق فعلاً بحبيبي؟ نعم. هل أريده أن يتصفح هاتفي؟ كلا.

33.jpg

والسبب بسيط: خلافاً للفترة التي كنت متزوجة فيها، تحتوي هواتفنا اليوم على معلومات أكثر، من معلومات مصرفية وصحية وبريد إلكتروني وسجل التصفح الذي يكشف عن ميلي للبحث عن أعمار الأشخاص على "غوغل". وتجعل التكنولوجيا من السهل تدوين الملاحظات والرسائل ولهذا يحتوي هاتفي على كميات هائلة من الكلمات الشخصية والحميمة وبالتالي الفاضحة.

حسناً، ما تقوله هاريسون أن القاعدة الذهبية هنا تكمن في إمكان الوصول إلى هواتف بعضكم بعضاً (وهي لفتة تدل على ثقة حقيقية) ولكن لا تشعرون حقاً بالحاجة إلى النظر – ولكن تصوروا ما بوسعهم إيجاده في حال فعلوا؟

أنا لا أتحدث عن الخيانات هنا. فالحقيقة أنني غالباً ما أتحدث مع صديقاتي عن أزواجنا أو شركائنا حول أمور لا نود أن يقرأوها. ولكن أحياناً تكونون بحاجة إلى متنفس يخفف عما يزعجكم في ذلك اليوم.

لحسن الحظ، تدعم هاريسون هذا النوع من التنفيس عن الغضب وتقول إن بوسع ذلك أن يساعد العلاقة عوضاً عن إلحاق الضرر بها لأنكم بذلك تقومون بالتعبير عن إحباطكم ضمن مجتمع داعم. ولكن بوسعكم رؤية إلى أي مدى قد يتحول ذلك سريعاً إلى أمر غير داعم في حال اطلع نصفكم الآخر على بعض ما تقولونه.

تقر هاريسون أن الغموض هو أمر جيد في العلاقة. "نحتاج إلى بعض الاستقلالية عن بعضنا بعضاً بحيث يكون هناك شخصان مختلفان يمكنهما إثارة اهتمام بعضهما بعضاً بدلاً من أن يشكلا كياناً واحداً. ماذا لو كنا نشتري هدية جميلة لشريكنا أو نخطط لإقامة حفلة مفاجئة له"؟

إن كانت إقامة حفلة مفاجئة هو أفضل سيناريو لكي تختاروا اعتماد السرية في الهاتف، لا شك أن أسوأ سيناريو سيكون بالطبع الخيانة. هنالك سبب يجعل معظمنا يشعر بالخوف من الهاتف، هذا لأن تبادل الرسائل يسرع الحميمية ويشرعها، وبالتالي يساعد ويحرض على الخيانة. فمن السهل للغاية إرسال القبلات "بالصدفة" أو التودد والغزل بطريقة لا تفعلونها في الحياة الواقعية.  

تتفق هاريسون مع هذا الرأي وتقول: "أعتقد بأن المراسلة أمر مثير وتخلق زخماً وجاذبيةً خاصةً بها، بالطبع كشفت لي تجربتي في أوساط الأزواج من الأعمار هي أن هذه هي الطريقة التي تبدأ بها الخيانة في غالبية الأحيان".

كانت تلك تجربتي التي قادتني إلى الاعتقاد بأن سياسة الهاتف المفتوح لا تنقذ زواجك من علاقة غرامية خارج نطاقه لأنه إذا وجدت النية ستنوجد حتماً السبل.

حتى وإن كانت أسبابكم للتجسس على هاتف الآخر أكثر ارتجالاً كتفقد عادتهم في تصفح موقع "أمازون"، ما زلت أعتقد بأنه يجب مقاربة سياسة الهاتف المفتوح بحذر شديد. فالاحتمالات كثيرة في أنكم ستسيئون فهم الرسائل وتشعرون بالإهانة من دردشتهم مع أصدقائهم وتنزعجون من النكات التي ترونها تتعارض مع أخلاقياتكم. فضلاً عن ذلك، ليس بوسعكم التصرف وكأنكم لم تروا أي شيء أو أن تمحوا ما رأيتموه من ذاكرتكم. عليكم التعامل مع تلك الأمور وبحسب ما وجد أحد الزملاء أخيراً، بوسع سجل التصفح العائد لشخص ما أن يفتح عالماً من الأسى والألم.

ببساطة، لا يمكنكم التحكم بالآخرين. فمراقبة هاتفهم لن يجعلهم يصبحون الشخص الذي تريدونهم أن يكونوه. عوضاً عن ذلك، سيعزز ذلك شعوراً مدمراً بانعدام الثقة.  

أعتقد أن هاتفك وأسرار هاتفك ليست للمشاركة.

تخيلوا أن يعرف شريككم بسؤالكم "سيري" Siri حول عدد المرات التي يجب على الزوجين إقامة علاقة فيها؟

* أجري الاستطلاع الذي شمل 2000 شخص من منصة "أي تي في أكس" ITVX لإطلاق مسلسلها الدرامي الجديد "لوف أند ديث" Love & Death.