انتشرت خلال الفترة الأخيرة عدد من الشائعات عبر الشبكات الإجتماعية التي كانت تتحدث عن الأضرار الخطيرة الناجمة عن استخدام الأجهزة الإلكترونية بدءا من الهواتف الذكية وشبكات الجيل الخامس وصولا إلى سماعات آبل إيربودز. وما زاد الطين بلة هو طريقة استخدام الكلمات الرنانة لإثارة القلق لدى الكثير من الأشخاص. حيث تجد في بعض المنشورات ما يفيد بأن سماعة AirPods تُسخّن دماغك مثل الميكروويف. وقد تؤدي لأورام في المخ، أو ضبابية في الدماغ، أو ربما تتسبب في الإصابة بمرض الزهايمر، أو حتى بالاضطرابات العصبية التنكسية. في هذا المقال، سنتناول الشائعات والأدلة العلمية التي تدحض الإدعاءات حول سماعة AirPods.
ارتداء AirPods يُشبه وضع الميكروويف على الرأس
انتشر العديد من المنشورات على الشبكات الإجتماعية التي تشير إلى أن سماعة إيربودز تُصدر نفس تردد أفران الميكروويف (2.4 جيجاهيرتز)، مما يجعلها بنفس ضرر الميكروويف. ويربط المنشور بين سماعات AirPods وأورام الدماغ، وضبابية الدماغ، ومرض الزهايمر، وغيرها من الاضطرابات العصبية التنكسية، مُشيرًا إلى أن المجالات الكهرومغناطيسية (EMF) الصادرة عن هذه الأجهزة تُشكل خطرًا على صحة الدماغ. وينصح المنشور بالتخلص من سماعات آبل اللاسلكية على الفور.
غالبًا ما يستشهد مؤيدو هذا الادعاء برسالة صدرت عام ٢٠١٥، وقعها أكثر من ٢٥٠ عالمًا، تناولت الآثار الصحية للمجالات الكهرومغناطيسية (EMFs). ويؤكد هؤلاء العلماء ضرورة دراسة الإشعاع غير المؤين (المجال الكهرومغناطيسي الذي تُنتجه الهواتف والأجهزة الذكية) بشكل أعمق، نظرًا لاحتمالية تسببه في مخاطر صحية على البشر. لم يكن لدى هؤلاء العلماء بيانات سريرية أو وبائية تدعم مخاوفهم. فقط جاءوا من العدم ليعلنوا بأن الهواتف الذكية وسماعات إيربودز تُلحق الضرر بالدماغ.
ماذا يقول العلم؟
درست منظمة الصحة العالمية الآثار البيولوجية للإشعاع غير المؤين، وخلصت إلى استنتاج قاطع مفاداه بأن الأدلة الحالية لا تؤكد وجود أي عواقب صحية ناجمة عن التعرض للحقول الكهرومغناطيسية منخفضة المستوى. كما أن إشعاعات الترددات الراديوية الصادرة عن أجهزة البلوتوث غير مؤينة، أي أنها لا تُلحق الضرر بالحمض النووي أو تُسبب السرطان.
هل تستخدم سماعات AirPods نفس تردد أفران الميكروويف؟
نعم، تستخدم العديد من الأجهزة اللاسلكية، مثل أجهزة الراوتر والتي تعمل بالبلوتوث، هذا التردد. يكمن الفرق في مستويات الطاقة. تستخدم أفران الميكروويف إشعاعات كهرومغناطيسية عالية الطاقة لتسخين الطعام، بينما تُصدر سماعات إيربودز إشعاعات راديوية منخفضة للغاية وتُعتبر آمنة تماما.
هل تُسبب سماعات إيربودز أورامًا في المخ أو السرطان؟
لا يوجد دليل موثوق على أن سماعة آبل تُسبب أورامًا في المخ أو السرطان. صنفت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC) إشعاعات الترددات الراديوية على أنها مُسببة للسرطان في عام ٢٠١١، ولكن هذا التصنيف استند إلى أدلة محدودة من الاستخدام المُفرط للهواتف المحمولة. تُصدر سماعات AirPods مستويات ترددات راديوية أقل بكثير مُقارنةً بالهواتف المحمولة.
علاوة على ذلك، لم تجد العديد من الدراسات الأخرى العميقة، بما في ذلك تلك التي أجراها المعهد الوطني للسرطان ودراسة مليون امرأة في المملكة المتحدة، أي صلة مُؤكدة بين إشعاعات الترددات الراديوية الصادرة عن الأجهزة اللاسلكية وسرطان الدماغ. كما تُشير مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة إلى أن الأدلة لا تدعم وجود صلة بين أجهزة البلوتوث والسرطان.
رأي أطباء الأورام
يرى العديد من المتخصصين واستشاري الأورام بأن سماعة إيربودز لا تسبب أورامًا في الدماغ أو السرطان. فهي تستخدم إشعاعًا منخفض المستوى ضعيفًا جدًا بحيث لا يتلف الخلايا أو الحمض النووي. لم تجد الدراسات أي صلة واضحة بين استخدام الأجهزة اللاسلكية وسرطان الدماغ. لا داعي للقلق بشأن تسببها في السرطان. مع ذلك، يُنصح بالحد من استخدامها لحماية الأذن. لأن الاستماع من خلال مستويات صوت عالية لفترات طويلة قد يضر بسمعك. واستخدامها باعتدال هو النهج الأكثر أمانًا.
هل يمكن أن تسبب AirPods ضبابية الدماغ أو مرض الزهايمر؟
لا يوجد دليل علمي على أن إيربودز تسبب ضبابية الدماغ أو مرض الزهايمر أو غيرها من الاضطرابات العصبية التنكسية. عادةً ما يرتبط ضباب الدماغ بالتوتر وقلة النوم أو المشاكل الصحية، وليس بالتعرض للمجالات الكهرومغناطيسية.
أما مرض الزهايمر فيحدث بشكل رئيسي بسبب العوامل الوراثية ونمط الحياة والعوامل البيئية مثل العمر والتاريخ العائلي. لا توجد دراسات موثوقة تُظهر أن الإشعاع الصادر من AirPods أو أجهزة البلوتوث الأخرى يُسبب الزهايمر أو اضطرابات دماغية أخرى.
كما أظهرت دراسة أُجريت عام 2022 أن الجينات والبيئة والسلوك جميعها تؤثر على متوسط العمر المتوقع وخطر الإصابة بالأمراض. يمكن أن تُحفز الضغوطات البيئية والسلوكية المخاطر الجينية، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت المجالات الكهرومغناطيسية واحدة منها.
هل سماعة إيربود غير آمنة ويجب التخلص منها؟
لا، ليست هناك حاجة للتخلص من سماعة AirPods لأنها مصممة وفقا لمعايير السلامة الدولية لإشعاع الترددات الراديوية. تضمن هيئات مثل لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) واللجنة الدولية للحماية من الإشعاع غير المؤين (ICNIRP)، أن يبقى التعرض للترددات الراديوية من أجهزة البلوتوث ضمن الحدود الآمنة.
أشعر بألم في الأذن وصداع عند استخدام إيربودز؟
تُشير الأدلة الحالية إلى أن إشعاعات الترددات الراديوية منخفضة الطاقة وغير المؤينة الصادرة عن AirPods لا تُشكل مخاطر صحية. إذا كنت تعاني من صداع أو ألم في الأذن، فمن المُرجح أن يكون ذلك بسبب الملاءمة أو حجم الصوت أو الاستخدام المُطول للسماعة، وليس بسبب التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية. ولهذا ينصح الأطباء باستخدام السماعة باعتدال لتجنب إجهاد الأذن أو مشاكل السمع الناتجة عن ارتفاع مستوى الصوت. كما أن أخذ فترات راحة منتظمة والحفاظ على مستوى الصوت عند مستوى آمن هو أفضل طريقة لاستخدام إيربودز بأمان.
الخلاصة
لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) هي المنوط بها تحديد قيم معدل الامتصاص النوعي للأجهزة اللاسلكية المستخدمة بالقرب من الجسم أو مقابله والذي يبلغ 1.6 واط/كجم، بمتوسط جرام واحد من الأنسجة. ولكي يتم بيع الأجهزة في السوق الأمريكية، يجب أن تجتاز جميع الأجهزة اللاسلكية الاختبارات للتأكد من بقائها ضمن حدود معدل الامتصاص النوعي عند أقصى طاقة. إذا اختلف الجهاز المباع عن الإصدار المُختبر، يُمكن للجنة إلغاء الموافقة واتخاذ إجراءات الإنفاذ. ولهذا صرحت آبل بأن أجهزتها تتوافق مع جميع متطلبات السلامة المعمول بها. كما أشارت إلى أن انبعاثات الترددات الراديوية من سماعاتها اللاسلكية أقل بأكثر من ضعفي الحدود المعمول بها للتعرض للترددات الراديوية. لذا الادعاء بأن ارتداء AirPods يشبه وضع الميكروويف على الرأس هو ادعاء خاطئ تماما ولا يجب أن تقلق من أي شئ سوى تقليل مستوى الصوت حتى لا تؤذي الأذن.
هل لديك مخاوف بشأن تأثير سماعة آبل على صحتك؟ شاركنا برأيك في التعليقات!!
المصدر: