هل خطيبي بخيل أو حريص؟

منذ 1 سنة 224

هل خطيبي بخيل أو حريص؟


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/7/2023 ميلادي - 15/12/1444 هجري

الزيارات: 22



السؤال:

الملخص:

فتاة مخطوبة لشابٍّ ذو خُلُق ودين، ووظيفة جيدة، لكنها قلِقة بشأن طريقة تعامله مع المال؛ فهل هو بخيل أو حريص؟ وذكرت له مواقفَ تدل على أنه ليس بخيلًا، ومواقف أخرى تدل على بخله في رأيها، وهي تسأل: أيهما هو؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خُطِبتُ لشابٍّ أرى فيه مميزات جميلة؛ منها: الدين، والوظيفة الجيدة، والصدق، والاحترام، فهو جيد بشكل عام، لكنَّ أمرًا واحدًا أقلق بشأنه؛ فهل هو بخيلٌ أو حريص؟ وسأطرح لكم مواقف إيجابية وسلبية، وأرجو أن تحكموا أنتم، أما المواقف الإيجابية؛ فمنها:

1- أن أول هدية أهدانيها كانت غالية.

2- أنه لم يأتِ يومًا إلى البيت خاليَ اليد، لكنه يأتي بأشياءَ ولو يسيرة.

3- أن أخي يتعامل معه كثيرًا، ويرى أنه ليس بخيلًا؛ فهو يدفع عن أخي كثيرًا، ويشتري لنفسه كثيرًا، أبي – أيضًا – يرى أنه ليس بخيلًا.

4- أنه كريم بالمشاعر والعاطفة.

5- أنه بحكم عمله كمعلم، فقد أراني بعض الهدايا لطلابه.

أما المواقف السلبية؛ فمنها:

1- وصف أهله بالبخل مع أن حالتهم المادية ليست جيدة جدًّا.

2- كونه كثيرَ الحديث عن المشاريع والأموال، معي ومع أخي، دون عمل على أرض الواقع.

3- أنه سألني مرة: هل تؤمنين بالمشاركة المادية؟ أي: نتشارك أموالنا.

4- أنه يريد حفلَ زفاف بسيطًا، وأيضًا يريد الاكتفاء بشقة بأثاث جاهز.

5- أنه لم يُهدِني هدايا غالية قيمة؛ حيث أهداني وردًا مرتين، ومبلغًا من المال كعيدية، وكتبًا، طلب مني الحفاظ عليها؛ فهو يحب الكتب، ومن الواضح أنه يريدها في المستقبل.

أرجو منكم إرشادي للحكم الصحيح؛ فالمستشار مؤتمن، وجُزِيتم الخير الكثير.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فيتضح من سطور كلماتكِ المعالم الآتية:

1- أنتِ حساسة جدًّا ودقيقة جدًّا في تفسير التصرفات، وفيكِ شيء من العَجَلة في تقييم الأمور، وتريدين كل شيء كاملًا.

2- زوجكِ على دين وخُلُق، وهذه أهم صفات الزوج الصالح.

3- كرم الزوج وأخلاقه الحقيقية مع زوجته إنما تتضح أكثر بعد العشرة الزوجية، وحلول المودة والسكن والرحمة بين الزوجين، وعلى قدر ما تعطيه زوجته من حسن التعامل، والمودة، والحب الصادق.

4- لا ننكر أن بعض الرجال وكذلك النساء يتصفون ببخلٍ ملازم لهم، ومن السابق لأوانه الحكم على زوجك بذلك.

5- حديثه معك عن حفل مختصر، وعن أثاث جاهز، وعن المشاركة المالية، كلها لا تدل بالضرورة على البخل؛ فقد تدل على محبة البساطة وعدم التكلف، وجس نبضك عن مدى استعدادك للمشاركة المالية، لِما يسمعه عن المشاكل بين بعض الأزواج بسبب الاختلافات المالية.

6- حكم والدك وأخيك عليه بأنه غير بخيل سابق لأوانه، ومع ذلك قد يكون صحيحًا؛ لأنهما يتعاملان معه أكثر منكِ.

7- بعض الرجال يَرَون أن المرأة لا يصلح كثرة الإغداق عليها؛ لأنه يفسدها، ويجعلها تطمع أكثر، ولا تقنع مستقبلًا باليسير، وذلك مما يسمعونه من حالات مشابهة، وأخيرًا تأملين إرشادك للحكم الصحيح؛ فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: ما دام زوجكِ على خُلُق ودين، فافرحي بذلك، ولا تُشدِّدي وتدققي عليه، لا الآن، ولا مستقبلًا، فسيتضايق من ذلك كثيرًا، وربما لم يُطِقِ العيش معكِ؛ وتذكري الحديث عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((رحِمَ الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى))؛ [رواه البخاري].

قال ابن بطال: "فيه الحضُّ على السماحة، وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحَّة".

ثانيًا: استعيذي بالله من العَجَلة في الأحكام، ومن التشدد في تفسير التصرفات، فلن تجني منها إلا العلقم المرَّ، والكراهية في قلوب مَن يتعامل معكِ، خاصة زوجكِ، واقرئي مقالة لي هنا في الألوكة بعنوان: (فن التغافل والتغاضي)؛ ففيها إرشادات لعلكِ تستفيدين منها.

ثالثًا: تذكري أن الكمال صعبٌ جدًّا في الرجال، وأنه لا بد من النقص، أهم شيء ألَّا يكون في الدين والخلق؛ وتذكري الحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً؛ إن كرِهَ منها خُلُقًا، رضِيَ منها آخر، أو قال: غيره))؛ [رواه مسلم].

رابعًا: نصيحة لكِ: هيِّئي نفسكِ للقناعة بمميزات زوجكِ، ولتحمُّل ما قد يكون في زوجكِ من عيوب تُغتفَر في جانب حسناته.

خامسًا: ونصيحة أخرى لا تجعلي لُعَاعةَ الدنيا تُفسِد علاقتكِ الزوجية، فهي أحقر من ذلك، ولا تشددي على زوجكِ بالمطالبات المالية، أو تقارني نفسكِ بغيركِ في المظاهر الجوفاء، فعندكِ كَنزٌ أعظم منها كلها، لا تفرِّط فيه امرأة عاقلة؛ وهو الدين والخُلُق.

وتأملي كثيرًا الحديثين الآتيين؛ الحديث الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه))؛ [أخرجه مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه]، وعن سلمة بن عبيدالله بن محصن الخطمي، عن أبيه رضي الله عنه وكانت له صحبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم آمنًا في سِرْبِهِ، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حِيزت له الدنيا))؛ [أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وحسَّنه الألباني].

سادسًا: وأخيرًا كوني عاقلة، واحذري ثم احذري مقارنة حالكِ بحال قريباتكِ، أو زميلاتكِ الْمُتْرَفات، واحذري ثم احذري من تحريضات صويحبات يوسف المغلَّف بغِلاف النصيحة، وهو التحريض وإفساد ذات البين بعينه، وهنَّ أول من يفر منكِ بعد الطلاق، أو يذرفن عليكِ دموع التماسيح.

حفظكِ الله، ورزقكِ القناعة وحسن الخلق.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.