مضت نحو عشرة أيام على الهجوم المضاد الذي شنته القوات الأوكرانية جنوباً [زابوريجيا] وشرقاً [دونيستك] على عدّة محاور، مسلحّة بمدرعات ودبابات غربية انتظر كثيرون لحظة اختبارها الفعلي في الميدان. فماذا حققت حتى الآن؟
وباستثناء بعض الفيديوهات التي انتشرت أمس، الأربعاء، وهي توثّق استهداف القوات الأوكرانية خمسة مدافع هاوتزر روسية [ذاتية الحركة] من طراز ميتسا 2S19، بدا أن الجانب الأوكراني تلقى كمية أكبر من الخسائر.
الخسائر في الأرواح والعتاد لم يرافقها تقدّم ميداني كبير على نسق التقدم السريع الذي حصل في منطقة خاركيف في خريف 2022، وهذا ما كان يأمل فيه الجانب الأوكراني.
مع ذلك يجب دائماً الحذر في تغطية مستجدات الحرب، إذ أن حرباً إعلامية طاحنة تدور بين موسكو وكييف أيضاً ويصعب أحياناً التحقق من مصداقية الأخبار.
النتائج الميدانية
أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية مطلع الأسبوع تحرير نحو 100 كيلومتر مربع من الأراضي التي تسيطر روسيا عليها في الجنوب.
ولكن المواجهات، باعتراف الطرفين، لا تزال بعيدة بنحو 10 كيلومترات عن أول خط دفاعي روسي فعلي، ولا يزال الجيشان يتداولان السيطرة على بلدات صغيرة.
ماكاريفكا على سبيل المثال، التي تقع في دونيستك، سقطت خلال 72 ساعة أكثر من مرة بيد الروس وبيد الأوكرانيين وليس من الواضح حتى الآن من يسيطر عليها.
هناك خبراء يقولون إن الجيش الأوكراني لم يبدأ بعد الهجوم المضاد بعدد الأولوية الكبيرة المنتظر وإن ما حدث حتى الآن نوع من "جس النبض".
وهناك آخرون يقولون إن مسؤولين أوكرانيين عبّروا عن قلقهم الشديد من تنفيذ هذا الهجوم من دون غطاء جويّ. كما أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي نفسه اعترف بأن الخسائر ستكون أكبر من دون سلاح الجو.
البعض ذهب أبعد من ذلك وقال إن قرار الهجوم المضاد سياسي وليس عسكرياً، ومن هنا استنتج البعض أنّ غياب قائد الأركان الأوكراني، فاليري زالوجني، سببه الخلاف مع زيلينسكي.
ولكن كلّ هذا يبقى في خانة التكهنات.
مجزرة المدرعات الغربية؟
في السابع من حزيران/يونيو شنت القوات الأوكرانية هجوماً انطلاقاً من بلدة مالا توكماشكا في منطقة زابوريجيا، مستخدمة دبابات ومدرعات غربية.
ولكن وقعت الكارثة على مسافة نحو 4.5 كيلومترات جنوب البلدة .
في اليوم التالي، نشرت وزارة الدفاع الروسية شريط فيديو يوثق عدّة عربات غربية مدمّرة، بينها المدرعة الأمريكية برادلي، والدبابات الألمانية ليوبارد2 آي6، وهي الأحدث حالياً بحوزة الجيش الأوكراني.
وظهرت في الصور نحو 12 آلية أوكرانية بينها مدرّعة برادلي الأمريكية ودبابات ليوبارد 2 آي6 الألمانية مدمرة بشكل كامل أو متعطلة.
وكانت أوكرانيا حصلت على 21 دبابة من طراز ليوبارد 2 آي6 ودُمّر منها حتى الآن 4 على الأقل.
وقبل يومين قال موقع أوريكس [موقع هولندي للاستخبارات المفتوحة] الذي يُحصي الخسائر بعد توثيق المواد الصورية المنتشرة في الإنترنت إن أوكرانيا فقدت 16 مدرعة أمريكية من نوع برادلي من أصل 106 تملكها.
أوريكس أيضاً يذكرهذه الخسائروهي آليات غربية أو مدمرّة بشكل كامل أو معطلة:
- أمريكية الصنع: 34 مدرعة [ناقلة جند أمريكية من طراز M113 إضافة إلى 33 آلية من طراز International MaxxPro إضافة إلى أكثر من مئة آلية من طراز هامفي [من مختلف الأنواع].
- ألمانية الصنع: دبابة واحدة من طراز ليوبارد-1 و4 دبابات من طراز ليوبارد 2 وثلاث دبابات كاسحة ألغام من طراز ليوبارد2 قدّمتها فنلدنا لكييف.
- إضافة إلى المدرعات الألمانية والأمريكية، سجّل أوريكس عشرات الخسائر في الآليات [بعضها خفيف] من صناعات فرنسية وبريطانية ودنماركية منذ بداية الهجوم المضاد.
يجدر التذكير أيضاً أنه لم تصدر حتى الآن أي صور توثق دبابات تشالنجر البريطانية على الجبهة.
ماذا حدث بالضبط في مالا توكماشكا؟
عن هذه الضربة القوية تحدّث خبيران لصحيفة الغارديان البريطانية وقالا إن القوات الأوكرانية استخدمت نحو عشرين آلية غربية من أجل تنفيذ "عملية اختراق" واستهداف منطقة مرتفعة تسيطر عليها القوات الروسية.
وتمّت العملية على دفعتين ولكن الرتل الأوكراني الأول دخل في حقل ألغام بينما تعرّض الرتل الثاني لقصف مدفعي عنيف بعدما حدّدته درونات الاستطلاع الروسية.
ورغم أن القوات الأوكرانية أقرت بفشل الهجوم على هذا المحور، فهي تقول إنها ألحقت أضراراً بالغة بالقوات الروسية وإن خسائر اللواء الـ47 الذي قاد الهجوم لم تكن كبيرة إلى هذه الدرجة كما حاول الجانب الروسي تصويرها.
التمساح كا-52 ولانسيت
ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأربعاء أن القوات الجوية تؤدي دوراً مهماً في صدّ الهجوم الأوكراني، حتى أنه وصف الطيارين الروس بـ"الأبطال".
وانتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات لمروحيات كا-52 [ملقبة بالتمساح] وهي تقصف ليلاً أهدافاً أوكرانية وأرتالاً من المدرعات الغربية.
في الواقع، رغم أن المدرعات الغربية التي زوّدت أوكرانيا بها قد تكون متطورة، فإن بعض الخبراء يقولون إنها تتقدم "عارية" ومن دون أيّ غطاء جوي، ما يجعلها فريسة سهلة للمدفعية وسلاح الجو الروسي.
مع ذلك ينتظر البعض الآخر هجوماً أكبر قد يقلب الطاولة على موسكو.
وكثفت روسيا أيضاً من استخدام طائراتها الانتحارية الرخيصة من طراز لانسيت، التي أثبتت فعالية كبيرة في السابق. للمزيد عن هذا السلاح يمكنك قراءة هذا المقال هنا.