هل أكون ظالما لزوجتي إذا تزوجت حبيبتي الأولى التي مات زوجها؟

منذ 3 أيام 20

هل أكون ظالمًا لزوجتي إذا تزوجت امرأة مات زوجها؟


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2025 ميلادي - 5/9/1446 هجري

الزيارات: 187


السؤال:

الملخص:

رجل متزوج يحب زوجته، ويعاملها برفق، وقبل زواجه كان مرتبطًا بفتاة مدة عشر سنوات، حالت الظروف بينه وبين الزواج منها، ثم إن زوجها قد تُوفِّي ووجد في نفسه شوقًا إليها، فصارحها بحبه ورغبته في الزواج منها، فوجدها تبادله الشعور ذاته، لكنها ترى أن الزواج فيه ظلم لزوجته، وهو في حيرة من أمره، ويسأل: هل إذا تزوجتها أكون ظالمًا لزوجتي؟

التفاصيل:

أنا متزوج، ولي من الأبناء ثلاثة، قبل الزواج كنت على علاقة بفتاة مدة عشر سنوات، لكن الظروف حالت دون زواجنا، وأُرغمت على الزواج برجل آخر، وظلَّ قلبي معلقًا بها، ثم حدث أن تُوفِّيَ زوجها منذ أشهر، فوجدت نفسي مندفعًا إليها اندفاعًا شديدًا، أفكر فيها ليلَ نهارَ، فتواصلت معها، وأخبرتها برغبتي في الزواج منها، ووجدت أنها تبادلني الشعور ذاته، لكنها ترفض الزواج مني مراعاة لمشاعر زوجتي، هي يتيمة، ولديها بنتان، وأنا أرغب في الزواج منها؛ لأنني أحبها، وحتى لا تؤذيها وبناتها الحياة، أنا أحب زوجتي، وأعاملها معاملة حسنة، ولا أُقصِّر معها في شيء، والآن أنا في حيرة من أمري؛ إذ لا أدري هل في الأمر تجنٍّ على زوجتي أو لا؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإن تعدد الزوجات مباح، ولكنه مقيَّد بشرط العدل؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]، وليس المباح مناسبًا لكل شخص، فإن المسلم العاقل يتوخَّى الحَيطةَ والحذر في كل خطوة يخطوها لسلامة دِينه وحياته؛ إذ إنه لا بد من التأكد من القدرة على العدل وفي شتى الجوانب، وكذلك لا بد من النظر في أثر هذه الخطوة في حياتك الأسرية المستقرة، التي تشعر فيها بتناغم مع زوجتك.

وتأمَّل معي: هل نداء القلب ورغبات النفس واجبة التلبية، أم أنها من الْمُهلِكات، إذا لم تُضبَط بالعقل وحسن التخطيط والتدبير؟!

تأمل كثيرًا وعِشِ التفكير المستقبلي، فلا يصح أن نقرر أي قرار دون تأمل آثارِه وتَبِعاته، وهذه الرحمة للأيتام طيِّبة، وفيها أجر عظيم، لكنك قبل كفالتهم والاهتمام بهم سوف ترتبط بوالدتهم، فما هي استطاعتك في التوازن بين الأسرتين، والقيام بحقوق الجميع؟

تأكد كذلك من هذه الرغبة وهذا التعلق: هل هو نزوة تزول بحصول مقصودك ووصولك إلى تحقيق رغبتك، لا سيما وقد حُرمتَ من تحقيقها لسنين طويلة، أم أن هذه الرغبة ثابتة وحقيقية لدوام العِشرة؟ فالزواج - كما تعلم - ليس متعة عابرة بل هو مشروع تتبادل فيه الحقوق، وهو رعاية ينطبق عليها الحديث الشريف؛ الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والأمير راعٍ، والرجل راعٍ على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدِه، فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤول عن رعيَّتِه))؛ [متفق عليه].

وقبل العزم على أيِّ قرار ينبغي العمل بما جاءت به السُّنَّة في هذا الشأن؛ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ؛ يَقُولُ: إذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ))؛ [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.