هل أخطأ باسم يوسف في نفي "السدو" عن لباسه بتعمد؟

منذ 1 سنة 111

هل هذا الشخص من الأميركيين الأصليين؟ هل ذاك مكسيكي؟ لا إنه سعودي والآخر فلسطيني أو أردني، وربما من هناك جزائري أو مغربي، هل جاء هؤلاء من شبه الجزيرة العربية؟ لا إنه أفريقي... الحقيقة هي أنه قد يكون لا شيء، ولكنه كل شيء.. 

بأسطر معدودة كشف الإعلامي المصري باسم يوسف في منشور له عبر حسابه على منصة "إكس" الجمعة الماضي عن سر المعطف الذي ارتداه خلال مقابلته الثانية مع المذيع البريطاني الشهير بيرس مورغان الأسبوع الماضي في كاليفورنيا، للحديث عن تداعيات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب الحالية على غزة والصراع الإسرائيلي- الفلسطيني.

باسم يوضح

وكتب باسم يوسف في منشور مطول على منصة "إكس" يقول فيه "عندما كنت استعد للمقابلة الثانية، قمت بالفعل بإعداد الملابس التي سوف أرتديها، سترة وقميص أبيض وبنطلون أسود، اللبس المعتاد، وفي الليلة السابقة رأيت المعطف في خزانتي. سيدة من الأردن بدأت مشروعها التجاري وأعطته لي هدية، هل هو تطريز أم سدو أم قشابيه؟ قد يكون لا شيء، ولكنه كل شيء".واستطرد الإعلامي المصري عن القواسم المشتركة في نقوش المعطف "الأمر المذهل هو أن الأشخاص الذين عاشوا بعيداً من بعضهم بعضاً، سواء في فلسطين أو الصحراء العربية أو السهول الأفريقية أو حتى جبال أميركا الشمالية والجنوبية، لديهم كثير من قواسم الألوان والتصاميم والأنماط النابضة بالحياة، كل هؤلاء الناس كان لديهم هذا الأمر المشترك منذ آلاف السنين".

Is it Native American? Is it Mexican? No its Saudi, Palestinian, Jordanian, Algerian, Moroccan, it comes from the Arab Peninsula, no it’s African. The truth is, it’s none and it’s all. When I was getting ready for the second interview, I have already prepared my outfit. Jacket,… pic.twitter.com/unzNhAVG6v

— Bassem Youssef (@Byoussef) November 3, 2023

وأوضح يوسف "ربما هو الارتباط الطبيعي مع الأرض وربما هذه هي لغة السكان الأصليين في كل مكان، الألوان والدفء والأقمشة المصنوعة بحب، ربما هذه هي الطريقة التي تواصلوا بها مع الأرض، بالألوان والحب وبالتاريخ والذكريات والجذور مثل أشجار الزيتون التي بقيت هناك لمدة 600 عام، إنها ليست مجرد ألوان، وأشجار الزيتون ليست مجرد نباتات إنها تمثل العائلة وإن اقتلع أحد فرداً منها امتد تواجده فيها لنحو 600 عام فمن الواضح أنه لم ينتم إليها أبداً".

وختم باسم يوسف منشوره المطول بقصة حصوله على تلك السترة قائلاً "وضعت معطفي الروتيني الملون جانباً وارتديت هذا، أتمنى أن تشعروا جميعاً بالحب والانتماء والألوان التي تحيط بنا وتربطنا بالأرض والجذور"، مبيناً أن المعطف المميز حصل عليه من حساب أردني يدعى (قشابية) متخصص في صنع المعاطف.

تمازج ثقافي

توضيح باسم يوسف عن معطفه الملون الذي ارتداه الخميس الماضي في مقابلته مع بيرس مورغان، والإجابة الطويلة التي كتبها بعد يوم من الجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي حول النقوش والتصميم التي أثارت ألوانها اللبس لدى البعض حول انتماء بسبب طبيعة التصميم إن كانت تنتمي للتراث السعودي أم الجزائري أم المغربي.

إذ رأى البعض أن أصل النقوش والألوان مستوحى من السدو المسجل في قائمة التراث العالمي باليونسكو ضمن التراث السعودي، إلا أن البعض الآخر اعتبر تصميم المعطف يعود للتراث الجزائري أو المغربي المسمى بـ " القشابية" وهو لباس تقليدي يتميز به سكان شمال أفريقيا.

وحول اللبس الذي حصل، تقول المتخصصة في مجال الموضة والأزياء وجدان المالكي "إن سببه سوء فهم للفرق بين التصميم وبين النمط المطبوع على التصميم".

وأوضحت المالكي "تصميم السترة الذي هو عبارة عن معطف قصير بقلنسوة، هو رداء تميز به أهل دول الشمال الأفريقي وبرزت صناعته في الجزائر تحديداً وتختلف التصاميم اختلافات بسيطة بين بقية الدول ويسمى "بالقشابية".

ن

واستطردت المالكي "أما النمط المطبوع على التصميم هو السدو وهو فن الحياكة اليدوية عند البدو"، ونظمت وزارة الثقافة السعودية العام الماضي معرض "حكاية سدو"، يحكي قصة السدو وتبيان الاختلاف بينها وبين بقية الدول، حيث إن أسلوب الحياكة يتشابه مع دول أخرى مثل رومانيا و الهند ومالي والمكسيك أيضاً، لافتة إلى أن الاختلاف يظهر في استخدام أنماط الأشكال المستخدمة في السدو التي تتنوع بين الدول.

وأكدت متخصصة الأزياء "أن نمط السدو على سترة باسم يوسف هي الأنماط التي اشتهرت بها السعودية والكويت، لذلك تم تسجيلها في اليونسكو باسم الدولتين في ملف مشترك".

وأوضحت أن من الطبيعي أن يحدث هذا اللبس والتداخل في الأزياء العربية، لأسباب عدة منها، أن "الأزياء العربية تتشابه كثيراً بين بعضها نظراً بالطبع للقرب الجغرافي والهجرة والتبادل والتمازج الثقافي، فبعد الفتح الإسلامي كانت أرض العرب وتحديداً الحجاز ملتقى حضارات خصوصاً مع قوافل الحجاج، أيضاً قيم التسامح والتعايش والألفة مع غير المسلمين أتاح لنا كثيراً من الثراء والتمازج الثقافي بين بعضنا بعضاً، مثل الهند والصين وفارس التي كان لها تأثير أيضاً في الفنون العربية، كما كانت الفنون العربية أيضاً لها تأثير في بقية الثقافات مع الفتوحات الإسلامية، على سبيل المثال كان النسيج الهندي بعد استيراده إلى دول شبه الجزيرة العربية يتم تصميمه وقصه وخياطته وإرساله إلى الهند مرة أخرى للتطريز عليه، مما أتاح تبادل هذا الفن بين بعضهم بعضا".

تراث حضري

تواصلت "اندبندنت عربية" مع مصممة الأزياء وصاحبة متجر "قشابية" ليما حداد، وهي من أهدت المعطف للمذيع المصري باسم يوسف، موضحة أن مسمى "قشابية" يعني الثوب الجديد أو النظيف، معلقة بأنه "لباس تقليدي يتميز به سكان شمال أفريقيا، ويصنع من الوبر والصوف الخالص، وهو ذو قيمة عالية في دول شمال أفريقيا الذين يفضلون ارتداءه ويتفاخرون به تبعاً لجمالية وفعالية القشابية التي يرتديها السكان المحليون لمقاومة البرد القارس في الشتاء، خصوصاً في الهضاب العليا التي تنخفض فيها درجة الحرارة في فصل الشتاء إلى ما دون الصفر".

وحول النقوش على المعطف أجابت حداد بأنها نقوش منتشرة في العالم منها نقشة السدو السعودية، وأخرى نقشة مونيفات المعروفة بين الهنود الحمر، إلا أن النقوش المزينة في معطف باسم يوسف "نقوش عربية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول كيفية وصول المعطف للمذيع المصري، فكانت إجابتها "هو صديق قديم لي شخصياً يتمتع بحس فكاهي وثقافة عالية، وتم إهداؤه المعطف عندما كان في الأردن، وشجعني في بداية عملي للاستمرار في تحقيق حلمي في تحديث التراث العربي".

تابعت الحديث عن بداياتها في التصميم والإبداع قائلة "أخذت التصاميم من واقع التراث العربي، إذ بدأت الفكرة من سجادة نسجتها جدتي بيدها من الصفر بعد أن اشترت الصوف وغسلته ولونته واستعانت بما يسمى (النول) لنسجها، وأيضاً نسجت المعطف الذي يسمى بالدامر الأردني والزنار الذي تتحزم به النساء فوق الثوب العربي".

مشاهدات مليونية

في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجرى المذيع البريطاني الشهير بيرس مورغان مع الإعلامي المصري باسم يوسف لقاء للحديث عن عملية "طوفان الأقصى"، التي على إثرها اندلعت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والتي لم تتوقف من ذلك الحين.

تبنى حينها الإعلامي المصري اللهجة الساخرة والكوميديا السوداء للكشف عن أرائه والإشارة إلى التغطية الإعلامية الضبابية والمضللة لهذه الحرب، وإيصال بعض الحقائق المخفية عن الجمهور الغربي عن حجم معاناة سكان القطاع لعقود مضت.

وبعد الضجة الكبيرة التي أحدثتها الحلقة الأولى علق مورغان على منصة "إكس" قائلاً، إن مقابلة باسم يوسف هي الأكثر مشاهدة في برنامجه المعروف. واتفق الاثنان على حلقة أخرى، التقى فيها باسم يوسف مع بيرس مورغان مجدداً وجهاً لوجه في لوس أنجليس، التي ابتعد فيها من اللهجة الساخرة، وناقش المذيع بأسلوب أكثر جدية، مبني على حجج وتفاصيل تاريخية.