هل أثرت جائحة كورونا على أدمغة المراهقين؟ دراسة توضح

منذ 2 أشهر 47

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لا شك بأن جائحة "كوفيد-19" تركت تأثيرات عميقة على المراهقين، إذ سجلّت العديد من الدراسات تقارير عن معانة هذه الفئة من مشاكل تتعلّق بالصحة النفسية والحياة الاجتماعية وغيرها المزيد.

والآن، تشير دراسة جديدة إلى أن هذه الظواهر تسببت في تقدّم عُمر أدمغة بعض المراهقين بشكل أسرع بكثير مما يحدث عادة، بمعدل 4.2 سنوات أسرع لدى الفتيات و1.4 سنة أسرع لدى الفتيان في المتوسط، وفقًا لدراسة نُشرت الاثنين في دورية "Proceedings of the National Academy of Sciences".

من خلال كونها الأولى من نوعها التي تساهم بتفاصيل حول الاختلافات في الشيخوخة حسب الجنس، تضيف الدراسة إلى مجموعة المعرفة الحالية التي قدمتها دراستان سابقتان حول جائحة "كوفيد-19" وتسارع شيخوخة الدماغ بين المراهقين.

وعبر البريد الإلكتروني، قالت المؤلفة الرئيسية للدراسة، الدكتورة باتريشيا كول، وهي المديرة المشاركة لمعهد التعلم وعلوم الدماغ في جامعة واشنطن في سياتل: "تعد النتائج بمثابة جرس إنذار مهم بشأن هشاشة دماغ المراهقين، يحتاج المراهقون إلى دعمنا الآن أكثر من أي وقت مضى".

ويحدث تطور اجتماعي وعاطفي كبير أثناء فترة المراهقة، إلى جانب تغييرات كبيرة في بنية الدماغ ووظيفته.

وكتب مؤلفو الدراسة أن سُمك القشرة المخّية يصل إلى ذروته بشكل طبيعي خلال الطفولة، ثم يتناقص ​تدريجيا طوال فترة المراهقة ويستمر في التناقص طوال حياة الفرد.

واعتزم الباحثون في الأصل تتبع النمو الطبيعي لدماغ المراهقين مع مرور الوقت، بدءًا من فحص التصوير بالرنين المغناطيسي الذي أجراه المؤلفون على أدمغة المشاركين في عام 2018، وكانوا يخططون لإجراء فحص آخر كمتابعة في عام 2020.

مع ذلك، الجائحة أجّلت إجراء الفحص الثاني للتصوير بالرنين المغناطيسي لمدة تتراوح بين 3 إلى 4 سنوات، حين كان المشاركون، البالغ عددهم 130 والمقيمون بولاية واشنطن، تتراوح أعمارهم بين 12 و20 عامًا.

وقام مؤلفو الدراسة باستبعاد المراهقين الذين شخّصوا باضطراب في النمو، أو اضطراب نفسي، أو الذين كانوا يتلقون علاجات نفسية.

واستخدم الفريق بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي التي جُمعت قبل الجائحة لإنشاء "نموذج معياري" يوضح كيفية تطوّر 68 منطقة من الدماغ خلال فترة المراهقة النموذجية، وذلك حتى يتمكنوا من مقارنتها ببيانات التصوير بالرنين المغناطيسي التي جُمعت بعد الجائحة وملاحظة أي انحراف عن التوقعات.

وكشفت الدراسة عن ترقق قشري متسارع في أدمغة المراهقين بعد الجائحة، يحدث في 30 منطقة دماغية عبر نصفي الكرة الدماغية وجميع الفصوص بالنسبة للفتيات، وفي منطقتين فقط بالنسبة للفتيان. وبلغت نسبة انتشار هذا الترقّق 43% من مناطق الدماغ المدروسة للفتيات و6% لدى الفتيان.

من جانه، قال الدكتور ماكس ويزنيتزر، وهو أستاذ طب الأطفال وعلم الأعصاب في كلية الطب بجامعة "كيس ويسترن ريسرف"، والذي لم يشارك في البحث إن الدراسة "ليست كشفًا كبيرًا، كما أقر المؤلفون"، لكنها تضيف إلى معرفتنا بالموضوع.

كيف تؤثر الشدائد على الدماغ

واحتوت الدراسة على بعض القيود المهمة، بما في ذلك أن المؤلفة الرئيسية، كول، كانت أيضًا محررة للدراسة وقادرة على اختيار من يقوم بمراجعتها من الأقران.

وبما أن الجميع تأثروا بالجائحة، لم يكن لدى مؤلفي الدراسة مجموعة تحكّم التي تعرف بـ"المجموعة المرجعية"، لهذا السبب كان عليهم استخدام النمذجة المعيارية لتقريب ما كانت ستكون عليه الضوابط الطبيعية، حسبما ذكره ويزنيتزر.

وأشار ويزنيتزر إلى أن المؤلفين لم يتوفر لديهم بيانات عن وظائف عائلات المشاركين، أو الأمن المالي أو الغذائي، أو عن عادات المشاركين في النشاط البدني، أو النوم، أو النظام الغذائي. ومن غير المعروف أيضًا ما إذا كان احتمال إصابة المشاركين بكوفيد-19 قد ساهم في النتائج.

وتشير الدراسة إلى أن المناطق التي شهدت أكبر تسارع في ترقق الدماغ بين الفتيات ترتبط بالوظائف الإدراكية الاجتماعية، مثل التعرّف على الوجوه والتعبيرات ومعالجتها؛ ومعالجة التجارب الاجتماعية والعاطفية؛ والقدرة على التعاطف والرحمة؛ وفهم اللغة. بينما المناطق المتأثرة في أدمغة الفتيان، فتساهم في معالجة الأجسام في المجال البصري وكذلك الوجوه.

واستنادًا إلى الأبحاث السابقة، يعتقد مؤلفو الدراسة أن النتائج قد تكون بسبب ظاهرة تُعرف بـ"فرضية تسارع الإجهاد". تفترض هذه الفرضية أنه في بيئة عالية الإجهاد، قد يتحول التطور نحو النُضج المبكّر لحماية الدوائر العاطفية في الدماغ والمناطق المعنية بالتعلّم والذاكرة، ما يقلل من ضرر الشدائد على تطور بنية الدماغ .