قدمت صحيفة نيويورك تايمز اليوم الأربعاء، تقريراً عن حجم الضرر الذي لحق بشركات التكنلوجيا الإسرائيلية التي تمثل المحرك الاقتصادي في البلاد، وقالت إن أكثر من ربعها تضرّر بسبب الحرب في غزة، في ظل انخفاض حاد في الاستثمار وتعبئة جنود الاحتياط للحرب.
أفادت صحيفة نيويورك تايمز أن أبرز التداعيات الفورية للحرب على شركات التقنية الإسرائيلية كانت في قطاع القوى العاملة، حيث حشدت إسرائيل أكثر من 350 ألف جندي خلال الأشهر الثلاثة الماضية ودعمت رواتبهم.
ووفقاً لمسح أجرته هيئة الابتكار الإسرائيلية المسؤولة عن توجيه سياسات التقنية في البلاد، فقد أدى ذلك إلى تعطيل عمل العديد من الشركات، إذ تم تعليق طلبيات العملاء أو إلغاؤها، بالإضافة إلى أن المستثمرين باتوا يشعرون بتردد كبير.
وأضافت الصحيفة أن العديد من هؤلاء الجنود الاحتياطيين يعملون في مجال التكنلوجيا الفائقة المتعلقة بالإنترنت والزراعة والتمويل والملاحة والذكاء الاصطناعي والأدوية، مُوضحة أن قطاع التكنلوجيا في إسرائيل يعتمد على الاستثمار الأجنبي في البحث والتطوير، الذي يأتي من كبرى الشركات الأمريكية، بما في ذلك "مايكروسوفت" و"أبل" و"غوغل".
وقالت هيئة الابتكار الإسرائيلية إن قطاع التكنولوجيا الذي شهد نمواً كبيرا في إسرائيل على مدى العقد الماضي،وبات يمثل ما يقارب نصف إجمالي الصادرات، وخمس الناتج الاقتصادي.
ونتيجة لذلك تسبت الحرب في غزة إلى "تباطؤ مؤقت ولكن واضح" في الاقتصاد الإسرائيلي ككل، بعد أن سجل نمواً بنحو ثلاثة بالمئة قبل هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، من المتوقع الآن أن يتباطأ إلى 1.5 بالمئة هذا العام. كما يؤثر على الاقتصاد نقصُ العمالة، وانخفاض ثقة المستهلكين والشركات، وارتفاع التضخم.
ونقلت نيويورك تايمز عن الخبير الاقتصادي في وزارة المالية الإسرائئلية جوناثان كاتز قوله إنه في ظل الحرب الحالية فإن التحدي الكبير هو استمرار تدفق الاستثمار الذي كان ضعيفاً حتى قبل السابع من أكتوبر، بسبب عدم الاستقرار الذي سببته حكومة نتنياهو اليمينية في إسرائيل، بغض النظر عن إعلان شركة "إنتل" مؤخراً عن المُضي قدماً في إنشاء مصنع للرقائق بقيمة 25 مليار دولار في جنوب إسرائيل، وهو أكبر استثمار على الإطلاق من قبل شركة في إسرائيل.
وهنا نجد تأثيرا مباشراً للحرب إذ إن أكثر من 40% من شركات التقنية لديها اتفاقات استثمارية تأخرت أو ألغيت، و10% فقط تمكنت من عقد اجتماعات مع المستثمرين.
وقال كاتز: "السؤال الآن هو ما إذا كان الأجانب سيظلون يرغبون في الاستثمار في التكنلوجيا المتقدمة الإسرائيلية، أو ما إذا كانوا يفضلون استثمار أموالهم في مكان آمن وهادئ، مثل أيرلندا".
كما يتعين على إسرائيل دفع رواتب قوات الاحتياط وتكاليف القنابل والرصاص، بالإضافة إلى دعم 200 ألف شخص تم إجلاؤهم من القرى الإسرائيلية على طول حدود غزة والحدود الشمالية مع لبنان، والتي تتعرض لقصف يومي من عناصر حزب الله.
وتمثّل صناعة التقنية 30% من عائدات الضرائب في إسرائيل، مما يجعل ازدهارها حاسما للاقتصاد الإسرائيلي. ولكن في ظل الحرب، فإن توقف عجلة العمل أو تباطؤها، يؤثر بشكل كبير على صادرات هذه الشركات، وعلى الضرائب التي تدفعها لخزينة الدولة.
حلول متعثرة
ولتحفيز الاقتصاد المتعثر، خفض بنك إسرائيل أسعار الفائدة على الشيكل بمقدار 25 نقطة أساس إلى 4.5% الأسبوع الماضي، وكان هذا أول خفض لأسعار الفائدة منذ جائحة كوفيد، وقال محافظ البنك المركزي أمير يارون، إنه من المتوقع إجراء تخفيضات إضافية.
وقد اتخذت إسرائيل عدة خطوات للحد من حالة عدم اليقين، بما في ذلك تثبيت سعر الشيكل وتخطط الحكومة لزيادة عدد العمال الأجانب المسموح لهم بدخول البلاد إلى 70 ألفاً بدلاً من 50 ألفاً، لمعالجة النقص المفاجئ في العمالة، فقد عاد العمال الأجانب إلى بلدانهم، وتم منع أكثر من 100 ألف فلسطيني من الضفة الغربية من العمل في إسرائيل.
وفي الأسابيع الأخيرة، بدأ الجيش أيضاً بسحب عدة آلاف من قواته من قطاع غزة، بدء سحب عدد من جنود الاحتياط الذين يقاتلون في قطاع غزة، من أجل إعادتهم إلى حياتهم المدنية والحد من الأضرار الاقتصادية.
كما أعلنت هيئة الابتكار الإسرائيلية عن تخصيص 100 مليون شيكل (26.7 مليون دولار) في شكل منح ومساعدات لتزويد حوالي 100 شركة ناشئة تعاني من ضائقة مالية، لمواجهة التحديات التي تفرضها الحرب الإسرائيلية على غزة.