نصف سكان العالم رحلتهم إلى السعودية لا تستغرق 6 ساعات

منذ 8 أشهر 118

بتأكيد منظمة السياحة العالمية أرقام السياح الذين قصدوا السعودية في 2023، تكون البلاد التي تشهد إصلاحات تنموية واجتماعية عدة، وجهت أعمق ردودها إلى جو بايدن الذي تعهد يوم انتخابه أول مرة بجعلها "دولة منبوذة"، قبل أن يتدفق 100 مليون سائح العام الماضي إليها، وتظفر بلقب إحدى أكثر الوجهات على مستوى العالم تعافياً بعد جائحة كورونا.

وبايدن الذي يستعد لمخاض نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 العسير خطا على نهج سلفيه باراك وترمب نحو الدولة التي تسابق الزمن وتحتفي بأعداد مليونية حجت سياحة نحوها قبل ميلاد العام الموعود 2030 بسبع سنين.

وهدف الـ100 مليون سائح ولو أنه هدف كان يظنه السعوديون بعيداً ولن يتحقق قبل نهاية العقد الجاري إلا أن شهية القادمين من أقطار العالم كانت مفتوحة، ويدفعها الفضول نحو البلد الذي مكث لعقود طويلة من الزمن وهو يكاد "يسمع ولا يرى"، ويكاد لا يرى الأجنبي سوى في مواطن العمل والمقار الدبلوماسية المحاطة بالسرية والأسوار. وهو كما تقول عنه صحافية سويسرية زارته أخيراً "ربما لم يشهد أي مجتمع آخر بالعالم في السنوات الأخيرة مثل هذا التغير الكبير".

والتغير الذي تشهده السعودية اليوم أشرقت شمسه الأولى في أبريل (نيسان) 2016 حين أزاح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الستار عن رؤيته المستقبلية 2030 وهي خطة انفتاح اجتماعي واقتصادي لتنويع اقتصاد البلاد المرتهن بالنفط.

961921-302351632.jpg

وعلى ما يبدو أن أبريل بالنسبة إلى السعوديين لم يعد يحمل أكاذيب بيضاء ولا تأويلات بعيدة من الواقع. ففيه أطلقت الوعود الكبرى وفيه تحقق بعض منها، فبعد نحو خمس سنوات من إطلاق الرؤية، وفي أبريل 2021 أطلق ولي العهد السعودي وعداً يندرج ضمن رؤيته حين قال "السعودية تستهدف جذب 100 مليون سائح بحلول 2030". لكنه الوعد الذي تحقق بعد ثلاث سنوات من إطلاقه، وقبل سبع سنوات من موعده الأقصى.

 جاءت الرؤية السعودية لتشرع أفئدة البلاد ومواقعها وتتحسس مدنها وتاريخها وآثارها التي طمرتها العادات والمعتقدات، لأجل أن تري العالم تنوعها البيئي وحضارات الأمم البائدة والعائدة لمئات السنين.

والرهان على السياحة في بلد يشغل أربعة أخماس شبه جزيرة العرب بمساحة تفوق مليوني كيلومتر مربع رهان لا يخسر. وهي المساحة التي أتاحت له تنوعاً جغرافياً ومناخياً مختلفاً. ففي شتاءاته يرتحل الناس سواحاً نحو تلال الشمال الثلجية، وفي أشد لحظات طقس أغسطس (آب) الحار يتجهون نحو الجنوب البارد. والجنوب بعض مدنه وقراه تتكئ وتعيش فوق السحاب، مثل مدن فيفا وبعض قرى جازان التي تتنفس البن وتزرعه، وهي موطن قهوة "أرابيكا" العالمية وتهدف اليوم إلى زراعة 5 ملايين شجرة بن بحلول عام 2030.

وتحتفظ أدراج "اليونيسكو للتراث العالمي" بسبعة مواقع سعودية مدرجة ضمن تراثها، وتضم أيضاً أكثر من 10 آلاف موقع أثري.

تأشيرات سياحية إلكترونية

وتعتبر السياحة عنصراً مهماً في الأجندة الإصلاحية، إذ أصدرت البلاد لأول مرة تأشيرات سياحية إلكترونية لغير المسلمين في سبتمبر (أيلول) 2019، وهي تسعى مع تنويع مصادر دخلها إلى أن تكون حاضنة لقبلتين، قبلة لشعائر المسلمين الكبرى وقبلة للسياحة والرياضة والأعمال.

تقول وزارة السياحة السعودية إن ثمة أرقاماً غير مسبوقة تحققت خلال العام الماضي 2023، فالملايين من السياح بالداخل والخارج أنفقوا أكثر من 250 مليار ريال، وهذا يمثل أكثر من أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويمثل أكثر من سبعة في المئة من الناتج المحلي غير النفطي. وهي بشرى لـ"أكبر البلدان تصديراً للنفط في العالم". والنفط الذي بدأت التخفف منه اليوم متجهة نحو نوافط أخرى ومنها السياحة التي قال عنها وزيرها هي "النفط الثاني".

يقول وزير السياحة في البلاد أحمد الخطيب الذي منحه الملك سلمان بن عبدالعزيز وشاح الملك عبدالعزيز من الطبقة الثانية في أبريل 2021 بعد الوصول إلى 100 مليون سائح "كان هذا أحد أهداف ولي العهد، وبعد تحقيقه وجه لرفع الرقم المستهدف إلى 150 مليون سائح سنوياً من الداخل والخارج بحلول عام 2030"، وهذا الأمر وفق الخطيب سوف يسهم بما نسبته 10 في المئة من الناتج المحلي، ويسهم في توفير مليون وظيفة جديدة في القطاع خلال عام 2030.

الأثر الاقتصادي

بقصر طويق، الذي يتخذ اسمه من جبل شاهق كان قد شبه ولي العهد شعبه به، احتفل الوزير الخطيب ومسؤولون سعوديون بارزون الأسبوع الماضي بالوصول إلى هدف الـ"100مليون سائح". وهو رقم قال عنه الوزير "هذا الإنجاز لا يتعلق فقط بالوصول إلى الهدف العددي ولكن أيضاً بالأثر الاقتصادي الكبير الذي أحدثه". وهو إنجاز يؤكد التزام السعودية تعزيز قطاع السياحة كجزء من الأهداف الأوسع لرؤية 2030.

تأتي كل هذه الأرقام والمنجزات والـ250 مليار دولار على رغم أن ثمة مشاريع كثيرة لم تنجز بعد على أرض الواقع، وهي التي تعد بمزيد من الملايين من السياح، ويتوقع أن تكون مصدر جذب لا مثيل له في عام 2030، كمشروع "نيوم" العابر للقارات شمال البلاد، ووجهات أخرى مثل "الدرعية" و"القدية" و"البحر الأحمر"، و"ذا لاين" ومثلها كثير.

ويعد الخطيب في تصريحاته أن بلاده "ستغير المشهد السياحي عالمياً"، ويقول "الوجهات التي ستقدمها السعودية بحلول عام 2030 شيء مختلف تماماً". ويرى أن "السياحة ستكون الدخل الثاني بعد النفط".

ويركز السعوديون اليوم على تطوير الوجهات المستهدفة وتحسين جودة الخدمات، بهدف وضع السعودية كوجهة رائدة للزوار المحليين والدوليين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

800  مليار دولار لبناء وجهات جديدة

يقول الخطيب في تصريحات لشبكة "سي أن أن" إنهم "يستثمرون 800 مليار دولار لبناء وجهات جديدة وعروض جديدة، أنا واثق ألا مثيل لها في العالم". المسؤول الذي يدير سياحة جغرافية أكبر بلد في الشرق الأوسط يقول منتشياً "حققنا 100 مليون سائح ونحن لم نطلق أي وجهة سياحية جديدة". ويعد في حديثه بمزيد من الأرقام والسياح والمفاجآت.

عامل آخر مساعد لتحقيق أهداف المسؤولين في السياحة، وهو أن "السياح الذين يعيشون في نصف الكرة الأرضية لا يحتاجون سوى ست ساعات قبل الوصول إلى السعودية"، فالبلد يحتل موقعاً بين ثلاث قارات. وهذه ميزة لم تفت السعوديين لإنشاء مشاريع ترفيهية في الأطراف المحاذية للبحر الأحمر. وهذه النقطة تحديداً لم تفت الوزير الخطيب في لقائه الأخير، إذ قال "تشير الدراسات إلى أن معظم السياح يفضلون السفر لمسافات متوسطة لا تستغرق ست ساعات بالطائرة، وهذا أمر تتميز به السعودية الواقعة في قلب قارات العالم".

ويضيف "نصف سكان العالم يعيشون ضمن دائرة لا تستغرق رحلة الوصول إلينا سوى ست ساعات". ويعد الوزير أن هذا ما جعلهم يسعون جاهدين إلى تسهيل تأشيرات الوصول إلى البلاد، وهو إجراء كما يقول "لا يستغرق خمس دقائق".

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أعلنت السعودية عن إتاحة تأشيرة الزيارة "إلكترونياً" لمواطني دول تركيا وتايلاند وبنما وسانت كيتس ونيفيس وسيشل وموريشيوس، ليصبح بذلك إجمالي الدول المؤهلة لتأشيرة الزيارة الإلكترونية 63 دولة.

وفي خضم هذا الوهج السعودي اللافت، أعلن المسؤول الأول في السياحة في سبتمبر 2023 عن استثمارات بقيمة مليار دولار لإطلاق مدرسة الرياض للسياحة والضيافة، ليكون مقرها الرئيس في منطقة القدية (وسط البلاد)، على أن يتم افتتاح المشروع في 2027.

وأخيراً حظيت السعودية بإشادات دولية واسعة من قبل منظمة السياحة العالمية "UN Tourism" والمجلس العالمي للسفر والسياحة  "WTTC"للوصول إلى الرقم 100 مليون، وللتطور اللافت و"النجاحات المتلاحقة في قطاع السياحة"، كما تقول المنظمتان.