بالأمس كان اليوم العالمي للمرأة، والذي يتزامن مع انعقاد مؤتمر سيرا ويك في هيوستن عاصمة النفط الأميركية. في هيوستن لا تتغير الأمور، حيث ما زالت المرأة أقل تمثيلاً من الرجل في قائمة المتحدثين، إذ إن نسبتها لم تتجاوز 22 في المائة للعام الثاني على التوالي في وقت عادت فيه الحياة الطبيعية بعد كوفيد وأصبح بمقدور الجميع السفر.
صحيح أن النساء أقل عدداً وتمثيلاً في قطاع النفط ولكن هذا لا يعني أنهن أقل تأثيراً، وهنا أريد أن أستذكر اثنتين من النساء غيّرتا قطاع النفط إلى الأبد.
الأولى هي واندا يبلونسكي، وهي صحافية أميركية ساهمت في تعريف أول وزير بترول سعودي، عبد الله الطريقي، على نظيره الفنزويلي خوان بابلو بيريز ألفونسو وهو الاجتماع الذي نتج عنه تأسيس منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
لم يكن ذلك عن طريق الصدفة بل عن طريق تفكير واندا أن هذين الرجلين لديهما قاسم مشترك وهمّ واحد هو مواجهة الشركات النفطية العالمية التي استبدت بمصادر دخل هذه الدول عن طريق بيع نفطها بأسعار مخفضة.
هذا ليس إنجاز واندا الوحيد بل كانت مؤسسة نشرة بتروليوم إنتليجنس ويكلي، وهي النشرة التي كانت مصدر أهم المعلومات في سوق النفط بصورة أسبوعية وكانت من الأهمية بحيث إن وزير نفط مثل أحمد زكي يماني ينتظرها بشغف كل أسبوع وكانت تصل إليه في مغلف خاص. رحلت واندا في التسعينات تاركة وراءها إرثا طويلا جداً من الصحافة النفطية، ومن كان يتخيل أنه يمكن لهذه الصحافية أن تساهم في تأسيس منظمة أوبك.
المرأة الأخرى هي إدا تاربيل، وهي صحافية أميركية كذلك ومؤلفة كتاب تاريخ شركة ستاندارد أويل الأميركية. هذا الكتاب فتح أعين السياسيين على الانتهاكات التي كانت تقوم بها الشركة التي يمتلكها أول ملياردير في تاريخ البشرية، جون روكفيلر، والذي تصل ثروته اليوم بقيمة العملة في هذا الزمان لنحو 300 مليار دولار. أي إنه ملياردير كل العصور.
امتلك هذا الرجل شركة ضخمة تحكمت في كل إنتاج الولايات المتحدة وقضت على المنتجين الصغار. لكن تاربيل التي فقد أبوها عمله بسبب هذه الشركة تعهدت بمواجهتها وقامت بكتابة العديد من المقالات الاستقصائية التي كشفت ممارساتها.
كيف أثرت تاربيل في تاريخ الصناعة النفطية؟ إنه بسبب كتابها وتحقيقات الكونغرس في ممارسات الشركة تم تقسيمها إلى شركات أصغر وهذا ما نراه اليوم في صورة أكسون موبيل وشيفرون وغيرهما.
هاتان المرأتان يجمعهما النفط كونهما بنتين لأبوين عملا في القطاع، ولهذا نفهم أن التأثير الأساسي لأي امرأة هو الأب. ولهذا يظل الرجل عاملاً مهماً في حياة أي امرأة وتظل المرأة هي التي تجمع الكل حولها كما فعلت واندا أو كما فعلت تاربيل.