الوضع يزداد سوءا في قطاع غزة بعد أربعة أشهر من حرب مدمرة. الشعور باليأس أصبح السمة الرئيسية للسكان، وفي خضم الفوضى والنزوح، ترسم أصوات العائلات الفلسطينية المتضررة صورة صارخة للخسائر البشرية التي راحت ضحية الصراع.
يعبّر غازي أبو عيسى، أحد النازحين من مخيم البريج والذي انتقل كغيره إلى دير البلح، عن حالة اليأس التي يشعر بها الكثيرون قائلاً: "ندعو الله أن تتوقف الحرب، وندعو الله أن تقف الحكومة مع هؤلاء الناس الفقراء".
وأضاف أبو عيسى: "مرت ثلاثة أشهر ليس لدينا لا طماطم، لا ماء ولا كهرباء ولا طعام ولا شراب ولا دورات مياه، استخدمنا الخيام وغرقنا بسبب الأمطار وغرقت نساؤنا، وغرق أطفالنا، وتعرضنا للذل، ماذا تبقي؟".
وبنفس الشعور المليئ بالألم واليأس قال محمود الخور، الذي فرّ من غزة إلى دير البلح، "يكفي ... يكفي. لا نريد الحروب. لقد تمّ تهجيرنا من غزة منذ حوالي 115 يومًا اليوم. لقد تم التخلي عنا. لدينا أطفال والآن نصاب بالأمراض. أصبنا بالمرض بسبب هذه الحياة. هذا يكفي حقاً".
ولا يقل الوضع خطورة بالنسبة لأكرم أبو الحسن، النازح من شمال غزة، الذي تحدث عن فقدان الأمل في صفوف الفلسطينيين، الذين شهدوا الكثير من المعاناة: "هذه حياة مأساوية. نحن الكبار لا نتشبث بالحياة لأنها مليئة بالقصف والدمار والتشريد واللجوء والاغتيال والنفي. ولذلك نريد وقف إطلاق النار من أجل حياة الأطفال. لقد سئمنا نحن الكبار من هذه الحياة وهذا العذاب".
وتؤكد دعوة أبو هشام حمدان لوقف إطلاق النار الرغبة العامة لدى النازحين الفلسطينيين من أجل السلام وإتاحة الفرصة لإعادة البناء: "نطالب بوقف إطلاق النار، وعودة النازحين، الذين تركوا وراءهم منازلهم وأموالهم وأراضيهم إلى ديارهم. وحتى أولئك الذين تهدمت بيوتهم، يعوضهم الله، فلينصبوا خياما فوق بيوتهم ويعيشوا. نريد السلام ولا نريد الحرب".
الشعور باليأس بدا واضحا لدى الأمهات، فقد أكدت أم العبد الجوطشان، والتي نزحت بدورها إلى دير البلح: "نريد هدنة، نريد أن يكون الناس طيبين، نريد أن نعيش في أمان، ونريد أن نعيش. نريد أن نعيش مثل أي شخص آخر. لقد مات أطفالنا. كل ما نريده هو أن نعيش في سلام".
نفس الرغبة في العودة أكدتها أم سلمى العواودة: "نريد العودة إلى منازلنا، نريد الأمان، نريد السلام، ونريد الاستراحة من هذه الحياة. حياتنا اصبحت كحياة الحيوانات، في كل مرة تسمع كلمة من هذا الشخص أو ذاك. هذه حياة بائسة".
وعلى الرغم من الندوب العميقة التي خلفها الصراع بين حماس وإسرائيل على مدى الأشهر الأربعة الماضية، لا يزال الكثيرون متمسكين بالأمل في وقف إطلاق النار الذي ينهي مأساتهم ومعاناتهم، وألا تُنسى أو تُسكت خسائرهم.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن عدد القتلى الفلسطينيين بعد نحو أربعة أشهر من الحرب وصل إلى نحو 27 ألفا و585 قتيلا، واتهمت جماعات حقوق الإنسان إسرائيل باستخدام القوة غير المتناسبة.
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أكد أن أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة "محشورون" الآن في مدينة رفح على الحدود مع مصر والمناطق المحيطة بها.
ويعاني ربع سكان القطاع من الجوع، وقد تم تهجير 85 في المائة من السكان من منازلهم، ويعيش مئات الآلاف في مخيمات مؤقتة.