بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 23/03/2023 - 20:32
الفنلندية أوري خلال تنظيفها كومة ضخمة من النفايات داخل شقة في هلسنكي - حقوق النشر AFP PHOTO / Auri KANANEN
برزت مؤخراً فئة من مشاهير الشبكات الاجتماعية تُطلق عليهم تسمية "كلين إنفلوينسرز" (cleanfluencers)، على غرار أوري كانانن، وهي واحدة من نساء يسمَّين "نجمات تنظيف"، يقدمّن للملايين من متابعيهن نصائح عن كيفية تحويل مكان قذر وفوضوي إلى نموذج في النظافة والتنظيم.
وبعدما علّقت عملها للاهتمام بأولادها، تستطيع خبيرة ترتيب الخزائن والمنازل ذات الشهرة العالمية ماري كوندو، الاطمئنان إلى أن ثمة من سيخلفها في هذا المجال، فالفنلندية أوري (28 عاماً)، على سبيل المثال، تجوب أنحاء العالم لتتولى معالجة وضع "أقذر البيوت".
ولا تتردد خلال معالجتها كومة ضخمة من النفايات داخل شقة في هلسنكي، في إخراج شريحة بيتزا قديمة منها، تسرح فيها الحشرات وتمرح، فتصورها بالكاميرا التي تحملها بيدها الأخرى وتعرضها على حسابها.
وتروي إحدى أشهر "نجمات التنظيف" راهناً على الشبكات الاجتماعية "أتذكر عندما كان عدد متابعي حسابي يقتصر على 19. كنت أعتبر آنذاك أن من الرائع أن يشاهدني 19 شخصاً غريباً وأنا أنظّف".
في مقاطع الفيديو المبهجة التي تنشرها، لا تفارق البسمة ثغر أوري وهي تنفض الغبار، وتفرك المساحات المتسخة، وتفرز القمامة على أنغام موسيقى البوب، وفي يديها قفازات مطاطية وردية زاهية باتت علامتها الفارقة.
داخل هذه الشقة في هلسنكي، يتعذر المشي لشدة تكوّم لنفايات والأطعمة المتعفنة التي غطّت الأرضية. لكن الشابة الفنلندية تشرح أن شاغلي شقق كهذه "يكونون غالباً ممن يعانون من مشاكل نفسية أو أوضاع مأساوية".
وهذه الشقة بالذات كان يشغلها شاب يعاني أخوه مرض التصلب اللويحي المتعدد، فيما هو نفسه مصاب بالاكتئاب، وهي ظروف صعبة تفهمها الفنلندية، التي عانت في مرحلة ما من الاكتئاب.
وفي التعليقات على مقاطع الفيديو التي تنشرها، تتلقى أوري الشكر لمساعدتها هذين الشابين، ويشيد متابعوها دائماً بكونها لا تطلق أحكاماً على من يعيشون أوضاعاً صعبة.
رواج بفضل منصة "تيك توك"
في السنوات الأخيرة، باتت مقاطع الفيديو عن التنظيف شائعة على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وتلقى رواجاً شعبياً كبيراً بفضل صعود منصة تيك توك، كما يشهد عدد متابعيها زيادة مطّردة، ويصل تأثرهم بها إلى درجة تجعلهم ينشرون مساهماتهم الخاصة أيضاً.
ومعظم هؤلاء المتابعين هم من "جيل الألفية" والنساء، وبينهم أيضاً أشخاص يأنفون أعمال التنظيف ويحتاجون إلى من يحفزّهم على القيام بها.
ومن بين "نجمات التنظيف" الواسعات الشعبية أيضاً آبيغايل التي يبلغ عدد متابعي حسابها "كيلن ويذ آبي" (Cleanwithabbi) مليونين. وتصوّر هذه الأم العزباء البالغة 27 عاماً نفسها في منزلها المبني من الطوب الأحمر في هايتون بمدينة ليفربول.
وتقول الشابة التي تفضل حجب اسمها الكامل لأسباب عائلية: "كنت أشاهد مقاطع فيديو ثم قلت لنفسي: هذا ما أفعله في منزلي، لذلك ليس علي سوى تصوير نفسي".
وشكّل التنظيف دائماً جزءاً من حياتها نظراً لأن نجلها الأصغر بيلي يعاني من اضطراب طيف التوحد، ويحب أن يكون كل شيء نظيفاً.
وتقول آبي: "التنظيف بمثابة علاج بالنسبة لي، يتيح لي الهروب من حياتي اليومية، ومن الهموم والتوتر".
وأصبحت مقاطع الفيديو التي تنشرها آبي مصدر دخل لها، إذ أن الرعاية المادية من العلامات التجارية التي تستخدم منتجاتها توفّر لها مدخولاً يراوح بين 720 دولاراً و1200 عن كل مقطع. وما يحفزّها هو أن "يجد الناس ما يشبههم" في وضعها "كأم لطفلين".
"القدرة على التحكم في حياتك الشخصية"
ولكن على بعد 400 كيلومتر إلى الجنوب، تتبع آن راسل أسلوباً آخر في مقاطع الفيديو التي تنشرها عبر تيك توك، فمدبرة المنزل البالغة 59 عاماً تجيب عن أسئلة متابعيها ممسكة بهاتفها وهي جالسة على أريكتها بجوار المدفأة.
ورداً على استفسار مثلاً عن كيفية آثار أقلام اللباد الملونة على طاولة خشبية من دون محو طلائها، تنصح باستخدام كحول الأيزوبروبيل، وتقول "أغمس قطعة قطن فيها وافرك (الآثار) برفق". وتضيف "كيف يُفترض بكم أن تعرفوا ما يجب أن تفعلوا إذا لم يشرح لكم أحد؟".
وتصوّر آن يومياً ما بين أربعة و12 مقطع فيديو، تجيب من خلالها بطريقة بالغة البساطة عن أسئلة 2,3 مليون متابع. وتشرح ضاحكة: "أفتح هاتفي وأتحدث إليه. هذا كل ما في الأمر. إنه أفضل ما يمكنني فعله. لا أملك موهبة فائقة".
وترى آن أن سرّ نجاح مقاطع فيديو التنظيف التي تنشرها هو ما توفره من "رضى".
وأثارت خبيرة التنظيف الأشهر اليابانية ماري كوندو ضجة واهتماماً إعلامياً واسعاً عندما أعلنت في نهاية كانون الثاني/يناير الفائت أن النظافة لم تعد أولويتها. لكنّ وريثاتها يعتزمن حمل الشعلة بدلاً منها.
وتقول آن راسل: "يشعر المرء بأنه قام بعمل جيد إذا غسل جواربه ووضّب كل فردة منها مع الأخرى المناسبة لها وأعادها إلى الدرج".
وترى أن هذا الأمر "يجعل الناس يشعرون بأنهم يتحكمون بحياتهم الشخصية، ولذلك يكونون مرتاحين أكثر في العالم الخارجي".