السؤال:
إذا قام والدي بأخْذِ قَرضٍ رِبَوِيٍّ، اشترى منه شقة، فما حُكْم ميراثي من تلك الشقة؟
وكذلك ما حُكْم إرث سيارة، تَمَّ شِراؤُها بِالتَّقسيط عن طريق بنك رِبَوِيٍّ؟
الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فمِن المُقرَّر أن الاقتراض بالرِّبَا مِن كبائر الذنوب، الَّتِي نَهى الله عنها ورسولُه، وفي الحديث الذي رواه مسلم أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا ومُوكِلَه)).
وبِهذا تعلم أنَّ والدك ارتكبَ خطأً كبيرًا بشِرائه البيت عن طريق القَرْض الرِّبَوِي، وكذلك السيارة، نسأل الله أن يغفر له، ويرحمه، ويتجاوَزَ عنه.
وأمَّا حُكْم تَمَلُّكِ الوَرَثة لِهذا البيت، فهو تَمَلُّكٌ صحيح؛ لأن القَرْض بعد قَبْضِه يَدخُل في ذمة المُقترِض، ويصير دَيْنًا عليه، وسواءٌ في ذلك القَرْضُ الرِّبَوِيُّ وغيرُه؛ إلاَّ أنَّه في القَرْض الربوي يَأثَم المقترِض؛ لتَعَامُلِه بالرِّبَا.
فالوالد – عفا الله عنه - في حقيقة الأمر لم يأكل الربا ولم يأخذه، وإنما أَوْكَلَه وأعطاه غيره؛ فكان مغبونًا بدفع الزيادة الربوية على أصل المال.
وقد سُئِلَ العلامة ابْنُ عُثَيْمين في لقاء "الباب المفتوح" عن حكم الانتفاع بإيجار البيت الذي بُنيَ من قرض ربويٍّ فأجاب – رحمه الله -:
"ليس فيه بأس، يتوب إلى الله عز وجل، ويخرج الربا الذي أخذه لأنَّه في الحقيقة مظلوم، هو مأخوذ عليه زيادة، وليس هو آكِلاً للربا بل هو مُوكل، وموكل الربا ليس عليه إلا أن يتوب فقط؛ لأنَّه ما دخل عليه الربا حتَّى نقول: أخرجه".
وعليه، فلا جناح على الورثة أن يرثوا الشقة والسيارة، وليكثروا من الاستغفار والأعمال الصالحة للوالد،، والله أعلم.