"مي تو" الفرنسية تطغى على توزيع جوائز "سيزار"

منذ 8 أشهر 95

أفردت الحفلة الـ49 لتوزيع جوائز "سيزار" حيزاً واسعاً أمس الجمعة لضحايا الاعتداءات الجنسية في خضم موجة فضائح يشهدها الوسط السينمائي الفرنسي. وقالت الممثلة جوديت غودريش في هذا الإطار إنها تحلم بـ"ثورة". وكذلك كان ذا دلالة رمزية منح جائزة أفضل إخراج لامرأة، للمرة الثانية في تاريخ "سيزار"، هي جوستين ترييه، عن شريطها "أناتومي دون شوت" (Anatomie d'une chute) الذي حصد العدد الأكبر من المكافآت خلال الحفلة بنيله ستاً منها، بينها لقب أفضل فيلم، مما وفر له زخماً جديداً عزز موقعه على مشارف حفلة توزيع جوائز الأوسكار في الـ10 من مارس (آذار) المقبل، وهو مرشح في خمس من فئاتها.

وقالت المخرجة البالغة 45 سنة التي أصبحت في مايو (أيار) الماضي ثالث امرأة تنال السعفة الذهبية في مهرجان "كان" السينمائي "أود أن أهدي جائزة سيزار هذه لجميع النساء، سواء للاتي ينجحن أو للاتي يخفقن، للاتي جرحن ويحررن أنفسهن من خلال الكلام، وللاتي لم يستطعن ذلك".

لكن الاهتمام الرئيس لم يكن منصباً هذه المرة على الجوائز أو التكريمات، إذ سرق الأضواء منها خطاب جوديت غودريش التي أصبحت شخصية بارزة في حملة "مي تو" الفرنسية.

فوسط تصفيق حار من وجوه الوسط السينمائي الفرنسي المتهم بتغطية الاعتداءات الجنسية مدى سنوات، أطلت الممثلة على مسرح "أولمبيا" في باريس لتحمل على "درجة الإفلات من العقاب والإنكار والامتيازات" التي تسود قطاع الفن السابع.

وسـألت "لماذا القبول باستخدام هذا الفن الذي نحبه كثيراً، هذا الفن الذي يربطنا، كغطاء للاتجار غير المشروع بالشابات؟".

وأضافت الممثلة التي ادعت على المخرجين بونوا جاكو وجاك دويون موجهة إليهما اتهامات ينفيانها بالاعتداء عليها جنسياً وجسدياً عندما كانت مراهقة "حذارِ من الفتيات الصغيرات. إنهن يصطدمن بقاع حوض السباحة (...) ويصبن بجروح، لكنهن يصعدن إلى السطح مجدداً"، و"يحلمن بثورة".

وبدا التناقض جلياً بين "سيزار" مساء الجمعة وما شهدته نسخة عام 2020 التي منح فيها رومان بولانسكي المتهم بالاغتصاب جائزة أفضل مخرج عن فيلم "جاكوز" Jaccuse، مما دفع الممثلة أديل إينيل يومها إلى مغادرة الحفلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأعادت الأخيرة التي ابتعدت عن السينما منذ ذلك الحين، نشر صورة لحفلة عام 2020 عبر حساباتها على شبكات التواصل الاجتماعي مساء الجمعة، من دون أي تعليق.

وأثيرت مسألة العنف الجنسي من خلال الكلمات الافتتاحية لرئيسة الحفلة فاليري لوميرسييه التي قالت "لن أغادر المسرح من دون أن أحيي أولئك الذين واللاتي يزعزعون عادات وتقاليد عالم قديم جداً، حيث كانت فيه أجساد البعض ضمنياً في تصرف أجساد الآخرين".

وانطوى على القدر نفسه من الرمزية منح أكاديمية "سيزار" جائزتها الأولى، المخصصة لفئة أفضل ممثلة في دور مساعد، لأديل إكسارشوبولوس، عن فيلمها "جو فيريه توجور فو فيزاج" Je verrai toujours vos visages الذي تؤدي فيه دور ضحية سفاح قربى.

وقبل الحفلة، تظاهر نحو 100 شخص أمام مسرح "أولمبيا"، بدعوة من فرع القطاعات الفنية في الاتحاد العمالي العام "سي جيه تيه سبيكتاكل"، دعماً لضحايا الاعتداءات الجنسية اللاتي يفضحن ما تعرضن له.

وقالت الممثلة آنا موغلاليس التي اتهمت المخرجين فيليب غاريل وجاك دويون بالاعتداء عليها جنسياً، "معاً، يمكننا حقاً أن نساعد في تغيير الأمور، ويمكن أن ينفتح عالم حقاً أفضل".

وقبل الاحتفال، استنكرت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي أيضاً في مقابلة مع مجلة "لو فيلم فرانسيه" ما وصفته بـ"التعامي الجماعي" الذي "استمر لسنوات" في القطاع.

وقالت عن قضية جوديت غودريش "الحرية الإبداعية كاملة، لكن الموضوع هنا لا يتعلق بالفن، بل بجرائم تستهدف الأطفال".

شهدت السينما الفرنسية في الآونة الأخيرة ضجة واسعة في هذا الشأن، إذ أقيمت دعاوى على عدد من أبرز وجوهها، من بينهم النجم جيرار دوبارديو المتهم بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، والذي قال عنه الرئيس إيمانويل ماكرون في نهاية عام 2023 إنه "يجعل فرنسا فخورة".

كذلك طاولت الفضائح رئيس المركز الوطني للسينما دومينيك بوتونا الذي يحاكم بتهمة الاعتداء جنسياً على ابنه بالمعمودية البالغ 21 سنة.

وأطلقت دعوات جديدة لفضح الاعتداءات الجنسية، صدر أبرزها عن الممثل أوريليان ويك، إذ دعا الصبيان الذين تعرضوا لها إلى التحدث عن الموضوع. أما خارج السينما، فقالت جوديت غودريش إنها تلقت أكثر من ألفي شهادة في أربعة أيام عبر عنوان البريد الإلكتروني الذي خصصته لهذا الغرض.