مهمة فضائية محفوفة بالمخاطر على متنها 4 مواطنين عاديين.. ماذا نعرف عنها؟

منذ 3 أشهر 56

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— عندما قام الملياردير، جاريد أيساكمان، بتمويل مهمة للدوران حول الأرض في عام 2021، قدّم المشروع على أنه حملة هدفها جمع التبرعات لسرطان الأطفال، وكان بمثابة مدخل لافت للنظر إلى عالم السياحة الفضائية الخاصة.

وأمضى الطاقم المكون من أربعة أشخاص من خلفيات مختلفة، غير المتمتعين بخبرة سابقة في رحلات الفضاء، ثلاثة أيام يدورون حول الأرض معًا في كبسولة "كرو دراغون" التابعة لشركة "سبيس إكس"، التي يبلغ عرضها 4 أمتار تقريبًا.

ولدى عودته، اعتقد أيساكمان أنه لن يذهب إلى الفضاء مجددًا على الأرجح.

وقال لـCNN: "لقد قمنا بتحقيق كل الأهداف التي أردنا وضعناها نوعًا ما"، مشيرًا إلى أنّ مهمة "Inspiration4" أظهرت كيف يمكن للأشخاص من مختلف مناحي الحياة التدرب وتنفيذ مهمة مدارية.

لكن كان اعتقاده خاطئًا..

الإثنين، من المقرر أن يصل أيساكمان وثلاثة من أفراد الطاقم، ضمنًا صديقه المقرب، وطيار القوات الجوية السابق سكوت بوتيت، بالإضافة إلى مهندستي "سبيس إكس"، آنا مينون، وسارة جيليس، إلى مركز كينيدي للفضاء في ولاية فلوريدا الأمريكية بهدف التحضير لإطلاق رحلة تجريبية أضخم وأخطر بكثير إلى الفضاء.

مهمة فضائية محفوفة بالمخاطر على متنها 4 مواطنون عاديون.. ماذا نعرف عنها؟صورة تخيلية لمهمة "Polaris Dawn" الفضائية.Credit: Visualization; Polaris/X

ومن المقرر أن تنطلق مهمة "Polaris Dawn"، عند الساعة 3:30 صباحًا بالتوقيت الشرقي في 26 أغسطس/آب.

وفي هذه المهمة، أوضح أيساكمان، مؤسس شركة " Shift4" لخدمات الدفع، أنه ليس مهتمًا بتكرار ما اختبره رواد الفضاء المحترفون فحسب، فهو يسعى إلى تطوير تكنولوجيا الفضاء، والمساعدة على تمويل تطوير أجهزة جديدة، بالإضافة إلى تعريض نفسه شخصيًا لمخاطر اختبار تلك التكنولوجيا في المكان الأكثر أهمية، أي الفراغ الذي لا يرحم، في الفضاء الخارجي.

مهمة غير مسبوقة

مهمة فضائية محفوفة بالمخاطر على متنها 4 مواطنون عاديون.. ماذا نعرف عنها؟أفراد الطاقم داخل كبسولة "كرو دراغون" التابعة لشركة "سبيس إكس".Credit: SpaceX

تم الإعلان عن مهمة "Polaris Dawn" لأول مرة في عام 2022، وهي الأولى بين ثلاث مهام اختبار وتطوير في إطار برنامج " Polaris" الذي أفاد أيساكمان أنه سينفّذه ويموّله بشكل مشترك مع "سبيس إكس". 

لكنه رفض الكشف عن كلفة هذه المهمة.

والهدف النهائي لبرنامج "Polaris" يتمثّل باتخاذ الخطوات الأولى نحو التحقق من صحة التكنولوجيا التي ستحتاجها "سبيس إكس" يومًا ما، إذا كانت ستنقل البشر إلى أعماق الكون، ضمنًا بدلات الفضاء، والأنشطة خارج المركبة (EVA)، وتقنيات دعم الحياة.

وبعد عملية الإطلاق، سيسافر الطاقم عبر مدار بيضاوي الشكل يمتد على ارتفاع 1،400 كيلومتر تقريبًا من الكرة الأرض.

وهذا يقع ضمن النطاق الداخلي لأحزمة "فان ألين" الإشعاعية للأرض، والتي تبدأ على ارتفاع ألف كيلومتر تقريبًا. 

والأحزمة عبارة عن مناطق تُحتَجز فيها تركيزات الجسيمات عالية الطاقة التي تأتي من الشمس وتتفاعل مع الغلاف الجوي للأرض، ما يخلق نطاقين خطيرين من الإشعاع، وفقًا لوكالة "ناسا" الفضائية.

وبعد الوصول إلى الفضاء مباشرةً، سيبدأ الطاقم عملية "ما قبل التنفس" للتحضير للسير في الفضاء. 

والعملية تشبه ما يفعله الغواصون لتجنب داء تخفيف الضغط.

وأخيرًا، لبدء يومهم الثالث في الفضاء، سيفتح الطاقم كوة في كبسولة "كرو دراغون" وهم على ارتفاع 700 كيلومتر فوق الأرض. 

وسيتعرض جميع أفراد الطاقم الأربعة والجزء الداخلي بأكمله من المركبة الفضائية إلى الفراغ المتسع.

ومن البداية إلى النهاية، تُعرِّض المهمة الطاقم لمخاطر أكبر من تلك التي تعرضت لها بعثات السياحة الفضائية المدارية الأخرى.

السموم والإشعاع

مهمة فضائية محفوفة بالمخاطر على متنها 4 مواطنون عاديون.. ماذا نعرف عنها؟صورة للطاقم وهم يرتدون بدلات الفضاء. Credit: CNN/SpaceX

للتأكد من أن إلكترونيات الطيران الخاصة بالمركبة الفضائية، أو الإلكترونيات المستخدمة للملاحة والاتصالات، تستطيع الصمود في البيئة ثقيلة الإشعاع التي ستواجهها أثناء مهمة "Polaris Dawn"، قام المهندسون "بربط الكثير من إلكترونيات الطيران في نقالة وإحضارها إلى مختبر للأورام"، كما قال أيساكمان.

وأضاف أن فريق "سبيس إكس" عرّض عناصر إلكترونيات الطيران للإشعاع إلى أن تلفت، لتحديد متى قد تفشل التكنولوجيا، وطريقة فشلها.

وبمجرد تعرض المركبة الفضائية لفراغ الفضاء، يمكن للمكونات الموجودة داخل المركبة الفضائية بعد ذلك تنفيس السموم أثناء تعديل ضغط المقصورة بعد عملية السير في الفضاء، بحسب مينون.

"مخاطر كبيرة"

يعد ترتيب مهمة جديدة كهذه في أقل من ثلاث سنوات أمرًا سريعًا وغير مسبوق، وفقًا لمعايير القطاع الفضائي الجوي.

وفي إشارة إلى سرعة التطوير الكبيرة والاختبارات الأرضية المكثفة التي أجرتها شركة "سبيس إكس"، أكّد رائد الفضاء السابق في "ناسا"،غاريت ريسمان، الذي يعمل كمستشار في "سبيس إكس"، وساهم في قيادة تطوير "كرو دراغون": "التحرك بشكل أسرع ليس بالضرورة أكثر خطورة".

وشرح: "أخذ مجازفات كبيرة خلال مرحلة الاختبار عندما تكون عواقب الفشل منخفضة تؤدي إلى تقليل المخاطر لاحقًا عندما تكون عواقب الفشل عالية".

لكنه أضاف: "يجب أن تشعروا بالتوتر بشأن (هذه المهمة)".

وأوضح: "في أي وقت تحاول فيه تجرب أمرًا ما للمرة الأولى، تكون هناك مخاطر كبيرة. سأشعر بتحسن كبير عندما يعودون إلى الداخل مع إغلاق الباب وإحكام إغلاقه بعد السير في الفضاء".

وقال أيساكمان إنّ مصدر إلهامه للسعي وراء إنجازات جريئة في الفضاء ينبع جزئيًا من المهمة التأسيسية لشركة "سبيس إكس"، أي جعل البشر جنسًا متعدد الكواكب.