من ينقذ عصفور الشمس الفلسطيني من التهويد؟

منذ 1 سنة 207

على غصن شجرة بلوط معمرة في المنطقة الشرقية لمدينة غزة القريبة من الحدود مع إسرائيل يرفرف عصفور الشمس الفلسطيني ويأخذ في بناء عشه بمنقاره المعقوف الطويل، بعناية فائقة ووفق تصميم مميز ليتخذ شكل ثمرة إجاص متدلية.

وما إن ينهي مهمته تلك، يعتلي الشجرة ويزقزق بأصوات منها المجلجل والمخشخش، فعصفور الشمس الفلسطيني يختار الأماكن المرتفعة ليتمكن من تفحص الأرض باحثاً عن دودة صغيرة أو زهرة أكسيا برحيقها المميز الحلو فيهبط ليتغذى عليها.

يعد هذا الطائر ذو الحجم الصغير الذي لا يتجاوز طوله 12 سنتيمتراً، محور صراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على الرغم من أن موطنه لا يقتصر على هذه المنطقة، حيث يمتد وجوده إلى محيط الدول العربية المجاورة وأفريقيا.

لكن بما أن عصفور الشمس الفلسطيني يعيش بشكل دائم وعلى مدار العام في الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية على حد سواء، ويمكن ملاحظته في جميع المدن والقرى وحتى المناطق السكنية، فإنه شكل محور عناية الطرفين حتى انقلب هذا الاهتمام إلى صراع طويل.

الطير الوطني

بالطبع يستحق الطائر العازف هذا الاهتمام، فهو متعدد الألوان تحت الشمس، وريشه خليط من الأخضر والأزرق والبنفسجي والرمادي والبني، وجماله هذا دفع الحكومة الفلسطينية إلى إعلانه الطير الوطني لدولة فلسطين، واعتباره رمزاً سيادياً كالعلم والنشيد الوطنيين.

استندت السلطة الفلسطينية في اعتبار عصفور الشمس طيراً وطنياً إلى معايير عدة، أهمها أنه اكتشف لأول مرة فيها عام 1865، قبل أن تصبح له مواطن أخرى، إضافة إلى أنه دائم التفريخ في مدنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى الرغم من أن العصفور الساحر، برشاقة حركته وطيرانه الواثق والسريع، يعد رمزاً فلسطينياً، فإن إسرائيل أدخلته في الصراع وحاولت تغيير اسمه وتسجيله في المؤسسات المعنية على أنه ينتمي لأراضي دولتها.

اسمه عصفور الشمس الفلسطيني، ويعرف شعبياً بأبو الزهور، أما اسمه العلمي فهو Nectarinia osea، لكن ذلك لم يعجب إسرائيل التي تحاول نسبته إليها.

تطلق إسرائيل على الطائر، الذي لا يقبل العيش داخل قفص ويحب أن يبقى حراً، اسم العصفور البرتقالي والطائر الوردي وبير إسرائيل، وتقول إنه يعيش داخل أراضيها وفي جميع مدنها، وإنه محمي بموجب قوانين تشرعها للحفاظ عليه من الانقراض.

أما مدير جمعية الحياة البرية في فلسطين عماد الأطرش فيقول إنهم فوجئوا أثناء زيارتهم عدداً من المحافل الدولية بمحاولة إسرائيل الترويج له باعتباره عصفوراً إسرائيلي الأصل وباسم مختلف عما يطلق عليه في فلسطين، على الرغم من تسجيله في المجلس العالمي لحماية الطيور باسم عصفور الشمس الفلسطيني.

شغل ذو المنقار الأسود الطويل الفلسطينيين والإسرائيليين حول اسمه، الأمر الذي استدعى تدخل لجنة الطيور العالمية لتحديد اسمه وموطنه. وأكدت اللجنة أنه يسمى منذ اللغة اللاتينية القديمة بعصفور الشمس الفلسطيني ويعيش في أراضي المنطقتين.

تسجيله عالمياً

فوراً حملت سلطة جودة البيئة الفلسطينية صاحب الأرجل السوداء الطويلة، إلى المنظمة الدولية لحماية وصون الطبيعة لتسجيل اسمه في قوائمها، وبعدها انتقلت إلى جمعية "بيرد لايف إنترناشيونال" لحمايته من أي محاولة إسرائيلية لنسبته إليها، ونجحت فعلياً في ذلك.

لكن ما زالت وزارة حماية البيئة الإسرائيلية تدرج عصفور الشمس ضمن قوائمها، وتدعي أن أراضيها هي موطنه الأصلي، ونجحت في تسجيل ذلك بعدد من المؤسسات الدولية، بدعوى أن لها الأحقية في تسجل أي طير يعيش على أراضيها ضمن قوائمها وفي اللجان العالمية ذات الاختصاص، وهو ما ينطبق على العصفور البرتقالي.

ويضيف الأطرش "تبريرات إسرائيل لا تلغي تسميته"، لكن ليست التسمية فقط هي محور الصراع على الطائر، بل أيضاً موطنه الأصلي جزء آخر من هذا الصراع.

DSC_6510_(2)_2.jpg

على موقع وزارة حماية البيئة الإسرائيلية، تؤكد تل أبيب أن موطن الطائر هو أراضيها، ولا يزال منتشراً بكثرة وغير مهدد بالانقراض، وله قوانين لحمايته، وهذا أمر غير متوفر في المناطق الأخرى.

يوضح الأطرش أن "عصفور الشمس يعيش في كل فلسطين، وليس محصوراً في المناطق الإسرائيلية، وهذا لا يلغي أنه رمز سيادي للسلطة الفلسطينية ولا يعطي إسرائيل الحق في تهويده، كما أن المؤسسات ذات الصلة اعترفت وأقرت بأنه فلسطيني بامتياز".

من جهة سلطة جودة البيئة، يقول عيسى برادعية مدير عام دائرة المصادر الطبيعية، إن "عصفور الشمس محمي في فلسطين بموجب القانون، ولا يسمح بصيده ولا قتله، وكذلك يحظر نقله أو التجول به، ويعاقب من يبيعه إذا كان حياً أو ميتاً، كما يحظر إتلاف أوكاره أو إعدام بيضه، وهذا دليل واضح على حمايته والحفاظ عليه من جانب السلطة الفلسطينية".

ويضيف "عصفور الشمس سيبقى محافظاً على موطنه ونسبه وأصله الفلسطيني على الرغم من جميع محاولات إسرائيل نسبته إليها، والمعركة بيننا وبينهم ليست مقتصرة على حقوق ملكية الطائر، بل وعلى الحياة البرية في عمومها، ونجحنا في هذا الإطار بتسجيل هذا الطائر في المنظمة الدولية لحماية وصون الطبيعة".