في الوقت الذي قامت فيه دول عربية بمنع فيلم «باربي» من العرض لديها، كانت السعودية من أولى الدول التي سمحت به. وقد سافر بعض المولعين بالسينما من هذه الدول إلى المدن السعودية لمشاهدة هذا الفيلم الذي تحول إلى ظاهرة عالمية.
لقد انقلب المشهد بالكامل؛ بعد أن كانت السينما حتى سنوات قريبة محظورة في السعودية أصبحت الآن وجهة للقادمين من الخارج الهاربين من محاذير المنع المطبَّقة في بلدانهم.
وفي أحد المشاهد المعبرة تظهر فتاة سعودية تقود سيارتها وترتدي عباءة وردية وتذهب إلى السينما وتصور رحلتها بالكامل وهي تحتفل في حرية تامة. قبل سنوات قليلة لم يكن بمقدورها فعل كل هذه النشاطات. القيادة والسينما والاحتفال كلها ممنوعة، ولكن كل هذه العقبات والقيود قد أُلغيت بالكامل، بفضل عزم القيادة السعودية على فتح الأبواب التي كانت مغلقة لعقود.
وبعد الأحاديث عن غسل السمعة من خلال كرة القدم كتبتُ مقالاً بعنوان: «رونالدو يغسل سمعة السعودية»، بعد التعاقد مع النجم البرتغالي، ذكرت فيه أن السعودية تسعى لخلق دوري قوي يحتل مرتبة متقدمة في الدوريات الأقوى في العالم، وسيكون قوة جذب دعائية وسياحية للبلد، وأن رونالدو لن يجد عملياً ما يغسله لأن السعودية خلال السنوات الأخيرة غيرت صورتها بالكامل.
السعودية تدعو العالم كله إلى أن يراها ويكتشفها، وليس أن يشيح بوجهه عنها. والآن بعد أشهر من قدوم رونالدو، وصل عدد كبير من ألمع نجوم كرة القدم، وكان آخرهم اللاعب البرازيلي نيمار الذي انضم لنادي الهلال. هل استقطبوه أيضاً لغسل السمعة؟ هذه القراءات منفصلة عن الواقع وتعيد تدوير الدعاية القديمة المنحازة.
وعلى أي حال، فإن هذه التغيرات السعيدة في الثقافة والفنون والترفيه وجودة الحياة مترافقة أيضاً مع دعم الفكر الديني المعتدل؛ فقد عقدت المملكة قبل أيام في جدة مؤتمراً جمع مئات الشخصيات الدينية، وقد قال وزير الشؤون الإسلامية الشجاع الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ: «المتطرفون متقوقعون والقافلة تسير... الإسلام الوسطي المعتدل سينتصر، وسيضمحل التطرف وينتهي إلى غير رجعة».
وهذا ما يحدث بالفعل على أرض الواقع ونرى تداعياته الإيجابية بشكل أوسع في المنطقة، مع تراجع خطاب الكراهية وصعود خطاب الاعتدال والتفكير العملي بصناعة المستقبل وليس الموت.